أكد مجلس جامعة الدول العربية، على المستوى الوزارى فى دورته غير العادية المنعقدة أمس بالدوحة، أن الأمن المائى لكل من السودان ومصر جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربي، وشدد على رفض أى عمل أو إجراء يمس بحقوقهما فى مياه النيل بسبب سد النهضة.
وأعرب وزراء الخارجية العرب عن أملهم التفاوض بحسن نية من أجل التوصل بشكل عاجل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان، وأبدوا قلقهم إزاء تعثر المفاوضات التى تمت برعاية الاتحاد الإفريقى بسبب المواقف التى تبنتها إثيوبيا، خاصة خلال الاجتماع الوزارى الذى عقد فى كينشاسا بجمهورية الكونجو الديمقراطية يومى 4 و5 أبريل الماضي.
كما أعربوا عن القلق الشديد إزاء ما أعلنته إثيوبيا نيتها الاستمرار فى ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل فى صيف عام 2021 الحالي، وهو إجراء أحادى يخالف قواعد القانون الدولى واجبة التطبيق، خاصة اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث فى الخرطوم بتاريخ 23 مارس 2015، وطالبوا إثيوبيا بالامتناع عن اتخاذ أى إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان، بما فى ذلك ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد، ودعوا مجلس الأمن لتحمل مسئولياته فى هذا الصدد من خلال عقد جلسة عاجلة للتشاور حول هذا الموضوع، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق عملية تفاوضية فعالة تضمن التوصل، فى إطار زمنى محدد، لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة يراعى مصالح الدول الثلاث.
وكان وزير الخارجية سامح شكرى قد أكد أنه ليس مقبولاً أن يستمر التفاوض حول قضية سد النهضة مع الجانب الإثيوبى إلى ما لا نهاية، خاصة أننا بتنا مدركين لنوايا الطرف الآخر، وإقدامه على خطوات أُحادية تُفرغ أى تفاوض من مضمونه.
جاء ذلك خلال كلمة الوزير أمس أمام الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية بالدوحة على المستوى الوزارى لبحث قضية سد النهضة. وقال شكرى فى بداية كلمته إنه يتوجه بالشكر على سرعة الاستجابة لعقد الاجتماع الطارئ الذى دعت له مصر لوضع أشقائها العرب فى صورة ما يجرى حالياً اتصالاً بمفاوضات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، خاصة مع تعثر هذه المفاوضات وتعنت الإثيوبيين إزاء أى مبادرات ومقترحات لحل هذه القضية. وأضاف أن المشكلة تكمن فى أن الطرف الإثيوبى لا يريد سوى فرض رؤيته قسراً على الآخرين، متغافلاً فى ذلك عن عمد، عن تعارض ما ينادى به مع كل المواثيق والاتفاقيات التى تحكم الأنهار الدولية، وساعياً إلى فرض واقع جديد تتحكم فيه دول المنبع بدول المصب، وهو ما لا يمكن أن تقبل به مصر، فنهر النيل ملكية مشتركة، لدول المنبع كما لدول المصب، ولا يجوز لأحد مهما كان أن يغير من تلك القواعد المستقرة.
وقال شكرى إنه «إزاء هذا التعنت الإثيوبي، والمتمثل فى إصرارها على الاستمرار فى ملء خزان هذا السد الضخم دون اتفاق مع دولتى المصب، وهو ما يعد مخالفة جسيمة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث فى عام 2015، وأمام غياب أى إرادة سياسية لإنجاز اتفاق قانونى ملزم وعادل، فإن صبرنا قد تعرض لاختبارات عدة، وفى كل مرة أثبتت مصر أنها الطرف الذى يتصرف بمسئولية ومن منطلق إدراك مسبق بتبعات تصعيد التوتر على أمن واستقرار المنطقة، ومن ثم فإن مصر مصرة على استنفاد كافة الحلول الدبلوماسية، الأمر الذى دعانا ونحن هنا لنعرض الأمر على أشقائنا العرب، طالبين منهم الدعم للمسعى المصرى السودانى العادل».
وأوضح شكرى أن مصر تعرض هذه القضية الوجودية على المجلس الوزارى لجامعة الدول العربية من منطلق تأثر الأمن القومى العربى بهذه القضية، مشيرا إلى أنه لا ينبغى أن يُفهم هذا باعتباره محاولة لخلق اصطفاف موجه ضد دولة إفريقية شقيقة، ولكنه طلب يستمد روافده من أهمية التكاتف العربى لحماية مقدرات أمننا القومي، فالأمن المائى المصرى والسودانى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومى العربي، والتأكيد على وجود تضامن عربى واضح وموقف موحد يدعو لضرورة وضع إطار زمنى للعملية التفاوضية حتى يتم التوصـل إلى اتفاق متوازن، فليس مقبولاً أن يستمر التفاوض إلى ما لا نهاية، خاصة وأننا بتنا مدركين لنوايا الطرف الآخر، وإقدامه على خطوات أُحادية تُفرغ أى تفاوض من مضمونه وظًنا أنه بسلوكه المراوغ قادر على فرض رؤيته وتجاهل مواقفنا، وبالتالى فإن دعمكم لمصر والسودان فى موقفهما العادل يكتسب أهمية مضاعفة فى ظل هذه الظروف.
وعلى هامش الاجتماعات، التقى شكرى أمس وزيرة الخارجية والتعاون الدولى الليبية نجلاء المنقوش خلال مشاركتهما فى الاجتماع التشاورى العربى بالدوحة.
رابط دائم: