رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عبدالحليم نويرة.. مؤسس «فرقة الموسيقى العربية» وحارسها الأمين

كتب ــ وسام أبوالعطا
نويرة فى إحدى بروفات فرقة الموسيقى العربية

يبدو أن الإبداع دائما ما يكون على موعد مع محافظة الشرقية، فمثلما أنجبت قرية «الحلوات»، عبدالحليم شبانة، الشهير بعبدالحليم حافظ، ومثلما أهدتنا قرية الحسينية، الشرقاوية أيضا، أسطورة التمثيل أحمد زكى، لم تبخل علينا «الصالحية»بأن تهدى الجماهير المصرية الفتى العبقرى عبدالحليم نويرة.

عاش الطفل عبدالحليم نويرة، المولود فى 16 يونيو 1916، محاطا بجو مشبع بالموسيقى التقليدية العربية الأصيلة بعد أن انتقل إلى القاهرة مع والده وأقام فى حى العباسية، إذ كان والده من هواة الاستماع للموسيقى وصديقا لكبار المغنيين والملحنين أمثال عبده الحامولى، ومحمد عثمان، ويوسف المنيلاوى، وعبدالحى حلمى، وزكى مراد. وكان الوالد يعقد معهم اللقاءات الفنية ويقيم الحفلات الموسيقية بداره. وكان لهذه البيئة الموسيقية العربية الأصيلة عظيم الأثر على الطفل الصغير فعشق كل ما يتعلق بالموسيقى العربية.

فى أحد اللقاءات الإذاعية، يصرح عبدالحليم نويرة بأن الفضل الأول لتعلمه الموسيقى يعود إلى والده ولأسرته، إذا كان «آخر العنقود»، وكانوا يشجعونه جميعا على دراسة الموسيقى. فالتحق بالفرع المدرسى لمعهد الموسيقى العربية. كما أصر أفراد عائلته على تعلمه فنون الموسيقى الغربية وأن يتقن خبرات التأليف الموسيقى، لينهض بالموسيقى العربية. فدرس المفاهيم العلمية الصحيحة للموسيقى لمدة ٦ أعوام، وتخرج فى قسم الأصوات عام 1936، وكان ترتيبه الأول، كما بدأ أيضا دراسة أصول وفنون الموسيقى الغربية على يد موسيقيين كبار، وبذلك جمع بين الثقافتين الشرقية والغربية.

وفور حصوله على دبلوم معهد الموسيقى العربية، استهل عبدالحليم حياته الفنية كمطرب وملحن بالإذاعة، فكانت تذاع له وصلات غنى فيها أعمالا مثل موشح « يا سائرا فى أدمعى»، ودور «ياللى آسيت فؤادى».

كانت قضية عبدالحليم نويرة الأساسية، وشاغله الشاغل هو أن يجعل المستمع العربى يطرب بسماع الموسيقى مجردة، وكأنه يتابع عملا دراميا كاملا دون غناء، فاتجه إلى التأليف الموسيقى، وكانت انطلاقته بالاتجاه إلى كتابة الموسيقى التصويرية وتلحين أغانى الأفلام، ومن ضمن ما أبدع، الموسيقى التصويرية لفيلم «الماضى المجهول»، وقدم أغنية «سلم على»، والتى اعتبرت طفرة فى عالم التلحين.

كتب موسيقى للأوبريت الغنائى الكبير «يا ليل يا عين»، وكان عبارة عن أول أوبريت يقدم صورة غنائية روائية عن التراث الشعبى المصرى، واحتشد على إبداعه، مع نويرة، الأدباء الكبار يحى حقى ونجيب محفوظ وعلى أحمد باكثير وتوفيق حنا، بالإضافة إلى الشاعر عبدالفتاح مصطفى، والدكتور اللغوى حسن فهمى والموسيقار أحمد صدقى . وتألقت به النجمة نعيمة عاكف، والنجمان على ومحمود رضا والفنانة فريدة فهمى، وكان المشروع الفنى الذى اتخذ سمة « قومية» من إخرج عملاق المسرح زكى طليمات، ليعرض عام 1957، وكان له بصماته أيضا فى مجال الموسيقى التصويرية لأشهر الأعمال الدرامية، مثل المسلسل الإذاعى «أبو نواس».

وفى أوائل الخمسينيات، أصبح قائدا لفرقة موسيقى الإذاعة، وكان يتناوب قيادتها مع الأساتذة عزيز صادق، وعلى فراج، وإبراهيم حجاج. واستطاع نويرة أن يجمع بعبقرية بين عمله الإبداعى ومتابعة قضيته الأساسية، وهى الحفاظ على تراث الموسيقى والنهوض بأحوالها، فتضمن أدواره الساعية لتحقيق ذلك الهدف، العمل كأستاذ فى المعاهد الموسيقية العليا والمتوسطة، والعمل مفتشا للتربية الموسيقية فى مدارس وزارة التربية والتعليم، كما كان مديرا لإدارة الموسيقى فى وزارة الثقافة منذ عام 1956 وحتى عام 1961، وعمل مديرا للمسرح الغنائى بين عامى 1961 و1967.

ولكن يظل إنجازه الأكبر هو تأسيس فرقة الموسيقى العربية عام 1967، والتى اختصت بغناء الأدوار والموشحات والقصائد العربية، والتى لم تكن عروضها من النوع المألوف للجماهير وقتها. وظلت هذه الفرقة تتطور وتتألق وتبدع فى أداء رسالتها ورسالة نويرة حتى بعد رحيله فى 30 يناير 1985.. وإلى الآن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق