رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«قارئة القطار» ..رحلة غرائبية فى حنايا تاريخ مصر

 فى روايته الجديدة « قارئة القطار»، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، يأخذنا الروائى إبراهيم فرغلى فى مغامرة سردية تحلق فى آفاق خيالية بحس صوفى بنيوي، حيث يمارس اللعب بالسرد خارج الزمان والمكان. تعتمد الحبكة هنا على الشخصية الرئيسية فالأحداث هنا تدور حول رجل نشعر منذ اللحظة الأولى أنه مرتبك على وشك أن يفقد وظيفته الجديدة، يحاول اللحاق بقطار ما فى مكان وزمان مجهولين، والفكاك من إسار العائلة ويطارده طيف محبوبته «دلال» يلحق بالقطار لكنه لا يعلم وجهته! حالة من الحيرة يشتبك معها القارئ محاولا تفسير هذا الغموض.. أو بالأحرى غموض الرحلة.

يمسك البطل بكتاب الأحلام ليقرأ فيه ومن ثم يكتشف أن القطار خال تماما إلا من سيدة عارية تمسك بكتاب « قارئة القطار» أكسبها الروائى صفات غرائبية فهى تقرأ مرتدية نظارة سوداء كونها كفيفة وتعانى ضمور الساقين. تقرأ السيدة بلا توقف كى يستمر القطار فى حركته.
نجد «محمود الوهم» بمخاوفه من العزلة ومن الضياع فالعالم الذى يتحرك فيه البطل غير معروف إلا أن القطار يجسد جزءا من عالمنا المعاصر، واختار المؤلف أن يحيط الغموض أيضا بزمن السرد لكن رغم ذلك لا نشعر بالتيه بين فصول الرواية بل نتشبث بمتابعة حياة البطل وتفاصيلها التى نسيها وترويها له القارئة! لذا فالراوية تشتبك معها مقاطع تفسيرية كمحطات بين أحداث الرحلة، نتعرف فيما بعد على أنه كان شابا من الأقصر ومحبوبته فاطمة تعثرت قصة حبهما إبان حقبة الثورة العرابية، وهنا نعايش معه فترات عصيبة مرت بها مصر، وتقلبات سياسية وهجمة شرسة لوباء الطاعون وكأن دوائر التاريخ تدور بنا وتمزج الماضى بالحاضر.
إيقاع السرد يسير بانسيابية مع لغة ضافية، والجمل والعبارات مجبولة بحس صوفى فنجد عربة القطار السابعة التى تجلس بها «زرقاء»، السترة الخضراء التى يرتديها البطل وغيرها من الرموز والدلالات الصوفية. تقنية السرد تمزج بين صوت الراوى وأحلامه لتأخذنا لذلك الفراغ الخيالى حيث كل مشهد صورة، تتراءى للقارئ، لتأخذنا لتحولات على شخصية الراوى «البطل» التى لا تتوقف.. دوامات ومتاهات من الأحلام. فنجده يلتقى ابنته «فتنة» والتى نستشف أنها نتاج علاقته العابرة مع «ذكرى» شقيقة قارئة القطار الغامضة، وهنا نشعر مع البطل بتلك اللحظة التى يفتقد فيها لليقين سواء عن الماضى أوالحاضر والمستقبل.
تكمن براعة فرغلى فى أنه يجعل القارئ يتماهى مع شخصية البطل فى رحلته الذى يعانى لحظة حرجة هى محاولة البحث عن هويته، هى تلك اللحظة التى يمر بها كل انسان فى مرحلة ما فى رحلة الحياة ينبش ماضيه ويتطلع لمستقبله، فكما يقول كونديرا «تكشف الرواية ما هو مخفى فى كل منا».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق