غزل البامبو « بالصينى»

ليس غريباً على واحدة من أقدم الحضارات فى العالم أن تنجب فنانا جميلاً، بروح تميل بفطرتها إلى الإبداع، مثل زاو سيجين.

لا تعترف أنامله بأن عمره تجاوز الخامسة والثمانين عاماً، فتظل تتحرك لا إراديا بدقة متناهية، لتكوين عيدان البوص «البامبو» ليشكل منها تحفا فنية، لا مجرد أدوات منزلية قد لا تلتفت إليها العين فى تفاصيل اليوم الكثيرة.

يعمل بهذه الحرفة، منذ كان فتى فى الخامسة عشرة من عمره، هنا فى داومينج جنوبى غرب الصين التى عرفت غزل «البامبو» كحرف تراثية منذ نحو ٢٠٠٠ عاما.

يختار بعناية فائقة العيدان التى ستدخل تحفته الفنية الجديدة.. يظل يتأملها وكأنه يمهد لها كيف ستمضى باقى حياتها فى شكل جديد، بعد أن كانت نبتة لا تفارق الأرض.. يثنى ويفرد ويطرق ويضفر ويغزل، حتى يصير كل عود بوص كنغمة دخلت فى لحن جديد، يسمعه جيدا كل من يمسك بالشكل الأخير لصنيع يدى زاو.

عندما يدعو زاو الشباب لتعلم غزل البوص، لا يحدثهم عن ضرورة الحفاظ على تراث الأجداد، ولا عن غياب الروح عن منتجات الماكينات، كل ما يقوله لهم: كيف تدعون هذه الحالة الروحية البديعة تفوتكم، ولا تفسحوا لها مجالا كى تمس شغاف قلوبكم؟