مرت مصر فى عام 2013 بأهوال من الصعب محوها من الذاكرة، وكان من أسوئها تعرض سيدة لحادثة هتك عرض جماعى فى قلب ميدان التحرير؛ الأمر الذى دفع المخرجة الفلسطينية سماهر القاضي المقيمة فى مصر إلى التفكير فى أسباب استباحة جسد صديقتها المقربة، وفجر بداخلها غضبًا دفينًا ارتبط بتجارب نشأتها برام الله فى فلسطين المحتلة، وتحول لديها فى النهاية إلى فيلم من إنتاج مشترك لمصر وفلسطين والنرويج وألمانيا وفرنسا.
تلك المشاعر تجاه الحادثة عبرت عنها سماهر فى أول فيلم تسجيلى طويل لها بعنوان «As I want» أو «كما أريد»، الذى تشارك به حاليا فى الدورة الحادية والسبعين لمهرجان برلين السينمائى الدولى، بمسابقة «Encounters» أو «لقاءات»، التى تقام للعام الثانى على التوالى، حيث تقرر عرضه بإحدى صالات السينما فى برلين يوم الأربعاء المقبل، ضمن برنامج «الصيف المميز»، الذى ينظمه المهرجان لأول مرة بعد انعقاد الجزء الأول منه افتراضيا على شبكة «الإنترنت» فى فبراير الماضى.
وفى تصريحات خاصة لـ«الأهرام» قالت سماهر إن رحلة العمل على الفيلم استمرت أكثر من ثمانى سنوات، ومرت خلالها بمراحل متعددة من العذاب النفسى والجسدى والمادى حتى تتمكن من الانتهاء منه، ومواجهة نفسها، وصراعها الداخلى، لهذا كانت سعادتها بالغة باختياره فى المهرجان، وبالرسالة التى أرسلها إليها مديره كارلو شاتريان، الذى لم يكتف فيها بالإعلان عن اختيار الفيلم للمشاركة فى المسابقة، وإنما تناول تفاصيل الطريقة التى جاء بها الفيلم.
وأضافت أنه على الرغم من سعادتها باختيار الفيلم إلا أنه كان من المحزن أن تكون ظروف جائحة «كورونا» سببا فى تحويل أغلب فعاليات المهرجان وعروض الأفلام إلى عروض افتراضية «أون لاين»، متمنية أن تُتاح فرص أفضل لعرض الفيلم فى المستقبل خلال جولته بالمهرجانات، ومؤكدة أن أهم بلدين بالنسبة لها تتمنى أن يعرض الفيلم فيهما وسط الجمهور هما وطنها الأم فلسطين ووطنها الثانى مصر التى تعلمت فيها السينما والحياة والحرية.
وأشارت إلى أن «كما أريد» يستعيد اللحظات المؤلمة لانتهاك عرض سيدة ميدان التحرير لأنه لابد من تذكر ما حدث حتى لا يتكرر مرة أخرى، مضيفة أن ما حدث لصديقتها وهى امرأة وأم مثلها وتواطؤ البعض بالصمت أو التعامل مع الأمر على أنه شىء عادى؛ قد فجر بداخلها طاقة غضب كبيرة أعادتها إلى أيام طفولتها ونظرة المجتمع الذى نشأت فيه برام الله للبنت على أن هدفها الوحيد الزواج فى سن صغيرة، وإنجاب الأبناء.
وأكدت أنها واجهت تجارب هددت حياتها ولأسباب تافهة، سواء كانت صورة أو ملابس لا ترضى عنها الأسرة وكان رفضها الزواج وطلب التعليم بمثابة خطيئة، حتى إنها حاولت الانتحار عندما رفضت أسرتها سفرها إلى القاهرة للدراسة بالمعهد العالى للسينما، مشيرة إلى أن أصعب مشاهد الفيلم بالنسبة لها كان مشهد الانتحار لأن هذه المرحلة من حياتها كانت كفيلة بتدميرها، لكنها كانت المرة الأولى والأخيرة التى تفكر فيها بالتخلص من حياتها.
رابط دائم: