رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سياسة مصر الخارجية .. من حشد الاعتراف إلى إنجاز الملفات الصعبة

هانى عسل
الرئيس عبدالفتاح السيسي

«سياسة خارجية قوية»، هى أبرز ما يميز الدولة المصرية «القوية» فى حقبة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013، وخلال سنوات حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويزداد هذا العنوان وضوحا يوما بعد آخر، وقضية تلو أخرى، بداية من هدف «حشد الاعتراف الدولي»، وتوضيح ملابسات خروج ملايين المصريين إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط نظام «الإخوان» فى 30 يونيو، وما أعقب ذلك من صدور بيان 3 يوليو، ثم تفويض 26 يوليو، ونهاية بإنجاز الملفات الصعبة قبل 30 يونيو 2021، مثل قضية استقرار ليبيا، والصراع الفلسطينى الإسرائيلي، و»معركة» غاز المتوسط، السياسية والاقتصادية، وربما يأتى قريبا ملف السد الإثيوبى.

فقد تمكنت الدولة المصرية، بقيادة الرئيس السيسي، ومن ورائه المؤسسات المعنية بملفات السياسة الخارجية، وعلى رأسها بطبيعة الحال «قلعة» الدبلوماسية المصرية، ممثلة فى وزارة الخارجية، من تقديم مصر «الجديدة» إلى العالم، واستعادة دورها الريادى والمؤثر فى جميع الملفات والمجالات والقضايا، بداية من قضية الحرب على الإرهاب، ومحاربة الفكر المتطرف، ووصولا إلى التعاون والتنسيق مع دول العالم لمواجهة جائحة كورونا.

> الثورة والاعتراف

انتهجت مصر سياسة خارجية هادئة وواثقة، نجحت فى الانتقال سريعا، من مرحلة صعبة شهدت تعليقا وجيزا لعضوية مصر فى الاتحاد الإفريقي، وعدم تفهم عدد كبير من دول العالم لحقيقة ما حدث فى 30 يونيو، إلى مرحلة التعاون والمصالح المشتركة، بفضل التواصل الجيد مع القوى الكبرى على كافة المستويات، ودون تقديم أى تنازلات، أو الاستجابة لأى ضغوط، وكان الرئيس حريصا فى مختلف لقاءاته الخارجية على توضيح موقف مصر، وكيف أن ما حدث كان هدفه تلبية نداء المصريين، للحفاظ على بلادهم وأمنها واستقرارها، بعيدا عن أى حسابات أو شعارات أخرى غير واقعية، وهو ما ثبتت صحته أمام العالم تدريجيا.

 

> «صفر» هجرة غير مشروعة

أصبحت سياسة مصر لاستضافة المهاجرين واحتوائهم ضمن المجتمع المصري، ومنحهم حقوقا فى مجالات التعليم والصحة، نموذجا غير مسبوق بين دول العالم، أشادت به منظمة الهجرة الدولية، التى تدرك وجود أكثر من خمسة ملايين لاجئ ومهاجر فى مصر يتمتعون بحقوق المواطن المصري، بما فى ذلك حق الحصول على لقاح كورونا، ودون معسكرات أو مخيمات، ودون أن تتاجر مصر بهم، كما تفخر الدولة المصرية بأنه لم يخرج قارب مهاجرين من سواحلها إلى أوروبا منذ سبتمبر 2016.

 

> عام استثنائى لإفريقيا

لم تكتف مصر بالعودة إلى إفريقيا بعد طول غياب، ولكن قدمت الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى عاما استثنائيا فى 2019، شهد الدعوة لتبنى مبادرة «إسكات البنادق»، وترسيخ مبدأ «حلول إفريقية للمشكلات الإفريقية»، فضلا عن إطلاق اتفاقية التجارة الحرة بالقارة، كما عملت على تدعيم علاقات التعاون مع الدول الإفريقية كل على حدة، بما فى ذلك المشاركة فى مشروعات البنى التحتية فى تلك الدول، مثل مشروع سد «نيريري» بتنزانيا، وبما فى ذلك أيضا مشروعات الطاقة الشمسية والمزارع النموذجية، ومشروع القاهرة – كيب تاون، والربط الكهربائى مع السودان.

 

> العلاقات مع الغرب

تحولت علاقات مصر مع دول مثل ألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، والولايات المتحدة (إدارة جو بايدن) 180 درجة منذ 2013، مقارنة بالسنوات التالية لذلك، حيث كانت البداية بفتور وتجاذبات حول أوضاع حقوق الإنسان بالنسبة لألمانيا، وبسبب قرار حظر الرحلات الجوية البريطانية لمصر بعد حادث الطائرة الروسية فى شرم الشيخ بالنسبة لبريطانيا، وفى ضوء حادثة مقتل الشاب جوليو ريجينى بالنسبة لإيطاليا، أما فيما يتعلق بواشنطن، فبعد علاقات فاترة مع إدارة أوباما، تحسنت الأمور كثيرا فى ظل إدارة ترامب، وحافظت الدولتان على علاقات المشاركة الإستراتيجية بينهما، قبل أن تأتى إدارة بايدن، وتكتشف بعد أقل من خمسة شهور من توليها السلطة أن مصر بقيادتها ومكانتها ودورها الإقليمى والدولى دولة تستحق الحفاظ على العلاقات معها، وليس العكس.

 

> خط ليبيا الأحمر

لم يكن تحديد الرئيس السيسى لخط سرت – الجفرة فى ليبيا كخط أحمر للأمن القومى المصرى سوى فصل النهاية لمجهودات كبيرة بذلتها مصر لسنوات طويلة من أجل العمل على استقرار ليبيا ووحدة أراضيها والحفاظ على مؤسساتها الوطنية ووقف نهب ثرواتها، وإنهاء التدخلات الأجنبية، ورفض كل عمليات «ضخ» الميليشيات إلى أراضيها، إيمانا منها بأن استقرار ليبيا يحقق أمن مصر القومى بشكل مباشر.

 

> قضية مصر الأولى

بنجاح الجهود المصرية فى وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتقديم نصف مليار دولار لدعم الشعب الفلسطيني، وإرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وإطلاق عملية كبرى لإعادة إعمار القطاع بتواجد كبير للشركات المصرية، تكون مصر قد أكدت، فعليا، وليس بالكلمات والشعارات، دورها الريادى الذى لا ينازعها فيه أحد فى المنطقة، وأثبتت أيضا أن فلسطين هى قضية مصر والعرب الأولى، وقضية أمن قومى لا جدال فيها، وقد نال هذا الدور المصرى إشادة دولية غير مسبوقة.

 

> شرق المتوسط

فتحت اتفاقيات ترسيم الحدود مع جيران المتوسط، اليونان وقبرص، بابا واسعا أمام استكشاف ثروات المنطقة، فجاء الكشف «الثمين» لاحتياطيات الغاز الهائلة فى حقل «ظهر» ليغير موازين اللعبة تماما فى المنطقة، وتتحول مصر إلى مركز إقليمى وعالمى للطاقة، ودولة ذات مستقبل اقتصادى مشرق تملك مفاتيح منتدى غاز المتوسط، وتسعى دول الإقليم والعالم للتواجد فى إطاره بشتى الطرق، وربما كشف أيضا «السر» وراء الأطماع والمخاطر التى تعرضت لها مصر منذ عام 2011 وما قبله.

 

> آليات عربية

لم تكتف مصر بتدعيم أواصر التعاون مع أشقائها العرب، وخاصة فى منطقة الخليج العربي، التى شكلت عبارتا «مسافة السكة» و«أمن الخليج جزء من أمن مصر» أساسا وعنوانا لطبيعة هذه العلاقة الخاصة، بل وحرصت مصر على التواجد بصورة مستمرة بجانب باقى أشقائها فى أحلك الفترات، مثلما حدث إبان الثورة السودانية على حكم البشير، ومثل الدعم السياسى والإنسانى إلى لبنان، بعد تفجير «بيروت»، فضلا عن آليات التعاون الجماعية، وأبرزها آلية التعاون الثلاثى مع الأردن والعراق والتى تحمل كثيرا من الأهداف والطموحات، وخاصة فى ظل ما تتعرض له الدولتان من ضغوط وتهديدات، وتحديات تنموية.

 

> كورونا .. وفاعلية دولة

منذ اليوم الأول لبدء توارد أنباء انتشار فيروس كورونا فى الصين، كانت مصر قوة إيجابية فاعلة قريبة من الأحداث، بل فى عمق الحدث نفسه، فقد قدمت مساعدات إنسانية وطبية إلى دول كبرى مثل الصين والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، مما مكنها من حجز مكان مبكر لها فى آليات التعاون بين دول العالم لمواجهة الجائحة، بداية من إشراكها فى مبادرة «كوفاكس» للقاحات، ونهاية بدخولها ضمن قائمة دول قليلة للغاية نادى التصنيع المحلى للقاحات، ولا ننسى هنا دور مصر الدبلوماسى البارز فى إثارة قضية «الحق فى اللقاح» فى المحافل الدولية، وخاصة الأمم المتحدة، للتأكيد على حق جميع دول العالم فى الحصول على اللقاح دون تفرقة أو تمييز.

 

> حقوق الإنسان .. مفهوم أشمل

بعيدا عن ابتزاز مفهوم حقوق الإنسان، وإساءة استغلاله من جانب دعاة العنف والفوضى، نجحت الدولة المصرية، من خلال سياسات رئيسها وحكومتها، فى تقديم تنفيذ عملى وواقعى لمفهوم أشمل لحقوق الإنسان، يتضمن الحق فى الحياة، والحق فى الأمن، والحق فى العبادة، والحق فى التعليم والصحة والعمل، وروجت لهذا المفهوم فى مختلف المحافل الدولية، ووصل الأمر لدرجة أن مصر، للمرة الأولى، انتهجت سياسة هجومية، لا دفاعية، بعد أن انتقدت الأوضاع الحقوقية فى دول غربية أكثر من مرة.

 

> سد النهضة

ربما يستحق ملف سد النهضة أن يطلق عليه مسمى «الملف الأكثر إرهاقا»، بسبب التعنت الإثيوبى «المريب» على مدى سبع سنوات فى مواجهة دبلوماسية هادئة بعيدة عن الانفعال أبدتها القيادة المصرية، والمفاوض المصرى رغم انتقال الملف إلى أكثر من يد، من الاتحاد الإفريقي، إلى الرعاية الأمريكية، ثم إلى مجلس الأمن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق