رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بين ناصر ٥٧ والسادات ٧٥..
«قبة النصر» ببورسعيد.. شاهد على الحرب والسلام

بورسعيد ــ محمد عباس

اختارها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر لرفع علم مصر الغالى، فى أول احتفالية لعيد النصر فى ديسمبر من عام ١٩٥٧، وكذلك اختارها بطل الحرب والسلام، الرئيس محمد أنور السادات، موقعا لاحتفالية إعادة افتتاح القناة، فى أعقاب انتصار أكتوبر المجيد، وتحديدا فى الخامس من يونيو ١٩٧٥.

وقبل هاتين الواقعتين، كان لذلك البناء العريق، والملقب حديثا بـ «قبة النصر»، تاريخ مديد وعتيد، أمر بتشييده الخديو عباس حلمى الثانى عام ١٨٩٥، ولكنه انتظر حتى القرن العشرين لينال سمعته كأيقونة لقناة السويس، وشاهد الحرب والسلام بالبوابة الشرقية لمصر، يطلقون عليه فى بورسعيد اسم «القبة»، فى إشارة إلى قبابه الثلاث الخضراء، والتى تعتلى بناءه إسلامى الطراز.

السادات يفتتح القناة بعد نصر أكتوبر

يعد أول مبنى فى تاريخ شركة قناة السويس، وتم تخصيصه لإدارة ومراقبة تحركات السفن العابرة للمجرى الملاحى القادمة من المدخل الشمالى للقناة، البحر المتوسط، والمغادرة للقناة من جنوب المجرى، البحر الأحمر، لتمر بالسويس والإسماعيلية، ورغم انتقال إدارة الهيئة لمبنى الإرشاد بالإسماعيلية، مازالت القبة الرمز الخالد للقناة ولبورسعيد تقف شامخة أمام آلاف السفن العابرة سنويا.

من أمام المبنى نفسه، أنطلق المرشدون المصريون لمواجهة عواقب انسحاب المرشدين الأجانب من مواقعهم، ردا على قرار الزعيم جمال عبد الناصر بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس فى ٢٦ يوليو ١٩٥٦، وأثبت أبناء مصر يومها، وأغلبهم من ضباط القوات البحرية، قدراتهم، بالتعاون مع المرشدين اليونانيين المتعاطفين مع بلدهم الثانى مصر، إنه انتصار استدعى إبداعا فنيا خاصا، عندما شدت أم كلثوم بكلمات المبدع صلاح جاهين وألحان الموسيقار محمد الموجى:

محلاك يا مصرى وأنت ع الدفة

والنصرة عاملة فى الكنال زفة

يا اولاد بلدنا تعالوا ع الضفة

شاورولهم غنولهم.. وقولولهم

ريسنا قال مافيش محال

راح الدخيل وابن البلد كفى

وفى الساحة الخلفية لمبنى «القبة»، رفع الرئيس عبد الناصر علم مصر فى احتفالية رائعة، ابتهاجا بانتصار بورسعيد على قوى العدوان الثلاثى فى حرب ١٩٥٦، والتقى فى استراحتها برموز وأبطال المقاومة الشعبية بالمدينة الباسلة، يتقدمهم: السيد عسران، ومحمد مهران، وأحمد هلال، وطاهر مسعد، ومحمد حمد لله، وعلى زنجير، ويحيى الشاعر.

وأمام المبنى ذاته، تم فى يونيو ١٩٧٥، وضع نموذج مكبر لمركب الشمس الفرعونى، اكتشاف الأهرامى الكبير كمال الملاخ، حيث وصل الرئيس السادات برفقة ولى العهد الإيرانى وقتها، الشاب رضا بهلوى، والنائب حسنى مبارك، ووزير الحربية «التى باتت وزارة الدفاع لاحقا» عبد الغنى الجمسى، ورئيس الهيئة المهندس مشهور أحمد مشهور، شق موكب الرئيس طريقه بصعوبة بالغة وسط طوفان أهالى بورسعيد، الذين توافدوا على المبنى وأسواره ومرسى المعدية وشارع فلسطين المطل على القناة، وسط النشوة بإعادة افتتاح القناة، بعد إغلاق دام أكثر من ٧ أعوام منذ نكسة ١٩٦٧، ويومها أعاد الإعلام المصرى، وبكثافة، إذاعة أغنية أم كلثوم الشهيرة «محلاك يا مصرى».

وحول المبنى العريق، يحكى المؤرخ البورسعيدى، المهندس مسعد سليمان للاهرام، قائلا: تولى تشييد «القبة» شركة «إدموند كونييه» الفرنسية للمقاولات، ويعد تحفة معمارية على هيئة قصر بطراز إسلامى، وذلك بقبابه الثلاث الخضراء، والزخارف الداخلية للأسقف والحوائط والشبابيك».

ويضيف سليمان: تقع القبة مباشرة على ضفة القناة، ويعتبر أول مبنى يحتل هذا الموقع المميز، وكان مكانه مبنىً صغير تم استخدامه فى مراقبة حركة السفن فى قناة السويس، منذ افتتاح القناة عام ١٨٦٩ميلادية، حتى استبدلت به هذه التحفة المعمارية، وكان السبب الرئيسى لتشييده حتى يكون محطة لاستقبال وتوديع كبار الشخصيات وسفراء الدول المترددين على مصر بحرا.

ويرى سليمان أن مبنى «القبة» من أهم الآثار المصرية، كونه شاهدا على كثير من التحولات التاريخية العظمى. ففى سنوات الحرب العالمية الأولى، قامت بريطانيا بشراء المبنى ليكون مقرا لقيادة الجيش البريطانى فى منطقة الشرق الأوسط، ولكنها تركته، وقامت بالجلاء عنه وعن مصر بأكملها، فى يونيو ١٩٥٦، وكانت آخر قاعدة لهم فى منطقة القناة ومصر.

ونجح مبنى «القبة» فى الإفلات من ضربات طيران قوات المحور فى الحرب العالمية الثانية، والطيران الفرنسى والإنجليزى فى عدوان ١٩٥٦، كما أفلت من القصف الجوى لطيران الكيان الإسرائيلى فى نكسة ١٩٦٧، وحاليا، يخضع لأكبر عملية صيانة وترميم فى تاريخه، وذلك بعد ٣ عقود من تسجيله رسميا كأثر حضارى بارز.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق