-
«ركن» الملاكى أمام المصالح والمولات .. والميكروباص على مطالع الكبارى
-
التوقف العشوائى لوسائل النقل فى الشوارع الرئيسية يبدد سيولة المرور
-
خبراء التنمية الإدارية: لدينا 2052 موقفا غير رسمى تضيع 4 مليارات جنيه سنويا
-
200 موقف سيارات بالجيزة منها 165 عشوائيا تخطط المحافظة للسيطرة عليها
-
خبير مرورى: الأحياء تتحمل المسئولية .. والمرور يتابع تطبيق القانون
«على جنب يا أسطى» جملة من أربع كلمات يستعملها معظمنا دون أن يعى أنها هى السبب الأساسى فى مشكلة المرور فى مصر بما توجده من توقف عشوائى للأتوبيسات وسيارات الأجرة مما يحولها بفعل الوقت والتعود لمواقف عشوائية تتسبب فى اختناق حركة المرور..
«على جنب يا أسطى» جملة قد تقضى على كل ما تقوم به الدولة من جهد لخلق منظومة الطرق الحديثة سواء كانت
بإنشاء الكبارى أو شق الطرق الجديدة لتحقيق السيولة المرورية فى شوارع القاهرة أو حتى على الطرق بين المحافظات.
فالميكروباص وسيارات النقل الجماعى «المينى باص» يضاف إليها «التوكتوك» الذى أصبح الآن يزاحمها فى حدوث الاختناق المرورى أصبحت خارجة عن السيطرة فى كثير من مناطق القاهرة.
تطبيق القانون
منذ فترة وجيزة ظهرت الجمل الشهيرة التى قد لا تجد لها إجابات عند البعض : «أنا من بيتى مثلا فى مصر الجديدة لميدان رمسيس بعد التوسعات الجديدة 7 دقائق ومن رمسيس للتحرير 25 دقيقة».
الإجابة كانت عند الدكتور حمدى عرفة أستاذ الادارة الحكومية بكلية الادارة بالجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا وخبير شئون البلديات الدولية هى «المواقف العشوائية».. فوفقا للمذكرة الرسمية المقدمة من وزارة التنمية المحلية للجنة التنمية المحلية بمجلس النواب فقد بلغ عدد مواقف السرفيس وساحات الانتظار 11001 موقف وساحة منها 689 موقفا و412 ساحة، هذا هو الرسمى منها..أما المواقف والساحات العشوائية فأسفر الحصر عن تحديد 2052 موقفا وساحة عشوائية على مستوى الجمهورية وهذه النقطة كفيلة بأن تجيب على السؤال الصعب لماذا لايشعر البعض بطفرة الطرق والمحاور الجديدة ؟
ولكن العجيب كما يقول الدكتور حمدى عرفة هو ما كشفت وزارة التنمية المحلية عنه بخصوص الإيرادات، فالإيرادات من المواقف والساحات الرسمية هى 565 مليون جنيه، والمصروفات 528 مليون جنيه، وهو ما يعتبره النواب إيرادات ضعيفة جدا رغم أن هذه المنظومة فى حال تطويرها وتحديثها ستدخل أضعاف هذه الإيرادات فمن المفروض أن تدر هذه الساحات والمواقف العشوائية المليارات سنويا خاصة بعد تطبيق القانون.
لكن للأسف الشديد رغم صدور القانون 150 لسنة 2020 لم يتم تطبيق هذا القانون إلا بنسبة تتراوح بين 5% إلى 7 % وينعدم تماما هذا القانون فى الأقاليم والمحافظات التى بها كثافة سكانية عالية رغم وجود مواقف كثيرة مجهزة للنقل الجماعى إلا أن تحميل الركاب ونزولهم يتم بطريقة عشوائية تنعكس على سيولة المرور ويرفع من معدلات الحوادث على الطرق، هذا القانون والذى ضم وحدد دور السايس للمساعدة فى تنظيم وتسريع حركة السير فى الشوارع الرئيسية به سلبيات وايجابيات لكن أبرز السلبيات انه لم يتم ربطه الكترونيا، فعدد المواقف العشوائية سواء تحت الكبارى أو الشوارع الجانبية والحوارى يقدر بحوالى 2052 موقفاً والمسئولة عن إدارتها هى المحليات وبالتحديد ادارة «السرفيس» التابعة للمحافظات ممنوحة لهم الضبطية القضائية ومن المعروف فى خريطة توزيع المواقف العشوائية أن مواقف السيارات الملاكى العشوائية أمام المصالح الحكومية والمولات التجارية.. والميكروباص والتوك توك تتوقف عند مطالع الكبارى وفى الشوارع الرئيسية.
ميلاد العشوائية
هذا الملف يتشابك مع إدارة المرور إذا خرجت السيارة عن الموقف تصبح فى ولاية المرور ولكن تتحمل المحليات نسبة 80% فى إدارة هذه الملف الذى يسىء لسمعة مصر مروريا عالميا وحضاريا فالسياح أصبحت لديهم صورة غير جيدة عن المرور فى مصر وعشوائية حركة السير والتوقف فى شوارعها
بالإضافة إلى أن المواقف العشوائية توجد إلى جوارها بؤراً عشوائية بداية من بائع الشاى لعربات الفول والأكشاك العشوائية التى تقوم بدورها بسرقة تيار الكهرباء لتوفير إضاءة مما يوجد مجتمعا عشوائيا بامتياز هذا بخلاف أعمال البلطجة وإعاقة المارة كل ذلك نتيجة لتوقف سيارة نقل ركاب فى غير المكان المخصص لها.
ويؤكد الدكتور حمدى أن هذه المواقف تعد اقتصادا غير رسمى يضيع على الدولة على أقل تقدير إذا كنا نتحدث عن 2052 موقفا عشوائيا فقط فى أقل تقدير تهدر على خزينة الدولة 4 مليارات جنيه فى السنة كما أن قانون انتظار السيارات فى الشارع والمعروف إعلاميا «بقانون السايس» لم يتحدث عن «التوكتوك» والمواقف المخصصة له وأماكن التوقف والانتظار رغم أن عددها فى مصر يصل لـ ٣ ملايين «توك توك» تشكل جزءاً أساسياً فى ارتباك حركة المرور فى الشوارع الرئيسية وليس فى الأزقة والشوارع الجانبية فقط فهذا القانون يحتاج الى مراجعة مجلس النواب خاصة فى الجزء الخاص «بالسايس» حيث يمنع مزاولة النشاط للسايس الا بعد حصوله على رخصة من الإدارة المحلية إذا كان تابعا للمحليات أو من المجتمعات العمرانية إذا كان فى المدن الجديدة، لكن كما يقول الدكتور حمدى عرفة نسب الحاصلين على رخصة من «السياس» لا تتجاوز 25% كما أنهم أشخاص غير مدربين ولم يحصلوا على تدريب كاف للمساعدة فى إدارة الشارع فى وقت الذروة مما يتسبب فى خلق عشوائية أخرى تضاف للشارع المصرى تتسبب فى التكدس المرورى وعمل اختناقات مرورية والحل من وجهة نظرى هو زيادة التنسيق بين الإدارة العامة للمرور والمحليات فى المحافظات لإيجاد مساحات لعمل محطات انتظار ثابتة وتغليظ العقوبات على المخالفين والإسراع فى تعيين «سياس» فى الأماكن المزدحمة بعد منحهم دورات تدريبية تمكنهم من أن يكونوا جزءا من الحل لا سببا أساسيا فى المشكلة.
إرادة ورؤية
واستشهد الدكتور حمدى عرفة بما قاله المهندس أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب خلال اجتماع سابق للجنة الإدارة المحلية بالمجلس بحضور اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، إنّ مواقف السيارات فى مصر بحاجة إلى إرادة ورؤية مركزية تنفذها الإدارات اللامركزية بينما كان رد اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة والكلام مازال للدكتور حمدى عرفة خبير التنمية الإدارية «عندنا فى الجيزة 200 موقف، الرسمى منها 65، ويوجد 135 عشوائيا وهو ما يكشف حجم المشكلة فى محافظة واحدة وطالب راشد بتوفير الأراضى البديلة لإنشاء المواقف عليها». وإنّه خلال الفترة القادمة سيتم نقل بعض المواقف بأى طريقة، وموضوع المواقف صعب جدا ووزارة التنمية لا تدخر جهدا لحل هذه الإشكالية، واتفق مع المهندس أحمد السجينى، فى ضرورة وجود رؤية وتنسيق بشأن هذا الملف.
التنسيق هو الحل
اللواء أحمد عاصم خبير الإعلام المرورى يرى من خلال خبرته فى العمل المرورى أن هذه المشكلة القديمة جدا لن تحل بالشكل المطلوب لسبب بسيط وهو غياب التكامل فى الرؤية بين الإدارة المحلية والأحياء فى المحافظات بوجه عام وبين المرور فلابد من وضع خطة عاجلة لتكامل ما تقوم به الدولة من إيجاد طرق وإنشاء كبارى لتحقيق السيولة المرورية فى مختلف أنحاء الجمهورية وبين الشوارع الرئيسية القديمة فى القاهرة ألكبرى مثلا فلا يمكن أن تبذل الدولة مجهودا جبارا يعتبر ثورة فى مجال الطرق والكبارى الحديثة وتأتى مجموعة من سائقى الميكروباص او سيارات النقل الجماعى أو سائقى «التوك توك» وتقرر أن تنتظر هنا لتحمل ركابا أو تنزل آخرين وتتسبب فى هذا الكم من ضياع الوقت والمجهود الذى تبذله الدولة أو يأتى سايس ويقرر أن يخترع مكانا لجراج السيارات فى هذه المنطقة هذا الكلام انتهى ولا يمكن أن يستقيم مع ما تقوم به الدولة من خطط تنموية فى الطرق وهذه هى مسئولية المحليات والأحياء تقوم بتخصيص الأراضى والأماكن وإيجاد المواقف الشرعية ودور رجال المرور هو مساعدتها فى تطبيق رؤيتها ومعاقبة المخالفين وتحقيق السيولة المرورية.
فوضى السياس
كان لابد من الحوار مع الطرف المهم فى القضية وهم صناع المواقف العشوائية من سائقى الميكروباص والتوك توك للتعرف على كيف نبتت هذه المواقف فى حركة الطريق العام وتحولت لنقاط تجمع غير مشروعة.
«نحن ضحية عدم التنسيق بين المحليات فلا توجد مواقف شرعية للميكروباص فى معظم الأماكن وهناك عنصر مهم فى القضية هو من يحدد اين ستتم ولادة الموقف العشوائى وهو السايس يقول إبراهيم حسن سائق ميكروباص وبعد تجميع عدد لا بأس به من الميكروباص بفعل الوقت وإيجاد المساحة باستخدام قطع خشبية مثلا أو أصص زرع كبيرة ومتوسطة الحجم أو كتل أسمنت من بلدورات الرصيف يتم بها حجز أماكن للتوقف يبدأ نمو الموقف العشوائى فى هذا المكان ميكروباص يجر الآخر الناس تعتاد على أن هنا موقفاً تنتظر فيه السيارات وتستقل ميكروباصا منه..
يستكمل الحوار حسن بلدوزر سائق ميكروباص: نحن لسنا المستفيد الوحيد من المواقف العشوائية فـ «السايس» خصوصا بجوار المصالح الحكومية ينشئ أيضا موقفا عشوائيا للسيارات الملاكى وهى بالنسبة له أكثر ربحية لأنه بالتبعية يظهر معه توابع الموقف العشوائى بداية من الشخص الذى يقوم بغسل السيارات والذى يبيع الأكسسوارات للسيارات مرورا ببائع الشاى وعربة السندوتشات يصاحبهم بالطبع مجموعة من المتسولين ممكن أن يكون نقطة لا بأس بها من العشوائية المنظمة فنحن لسنا إلا نتيجة لعدم تخصيص مواقف مرخصة لسيارات الميكروباص فى أماكن التجمعات السكانية.
المواقف العشوائية ابن غير شرعى لعدم التخطيط واستغلال لنفوذ السايس فى اقتطاع أجزاء من حرم الطريق لإيجاد بؤرة توقف عشوائية تحرم الناس من جنى ثمار ما تقوم به الدولة من تنمية فى مجال الطرق والكبارى الذى استحوذ على اهتمام الدولة لتكون المواقف العشوائية تلك الشجرة التى سقطت قاطعة الطريق.. لكن فى خلفية المشهد شخص آخر أكثر استفادة من «السايس» وهو الشخص الذى يجمع «الكارتة» كما يقول رمضان سائق ميكروباص» فتش عن هذا الشخص فى كل موقف وغالبا لا يكون شخصاً واحداً بل مجموعة أشخاص يقومون بتنسيق الموقف العشوائى ليحصلوا على أكبر مساحة يقام فيها موقف عشوائى مثل تحت الكبارى أو فى الشوارع الرئيسية أو الجانبية منها لكنها تقتطع جزءا من الشارع الرئيسى فهو يحصل من كل سيارة ميكروباص تحمل 10 جنيهات عن كل مرة يحمل فيها السيارة وكلما زاد عدد السيارات ارتفع ما يحصل عليه يوميا فهناك عمال كارتة أصبحت لديهم سيارات ميكروباص خاصة بهم ومنهم من بنى أبراجا من هذه المهنة فهى لا تتطلب سوى اقتطاع جزء من الشارع بعيدا عن أعين المسئولين لكن هناك عمال كارتة تابعين للأحياء هم أكثر انضباطا من هؤلاء الذين يعملون فى المواقف العشوائية.
اقتربنا من المشهد أكثر من أصحاب السيارات الملاكى الذين يشغلون مساحة كبيرة أيضا من المواقف العشوائية أحس بأننى احمل عبئاً ثقيلاً على ظهرى حينما أصل الى العمل ولا أجد مكاناً لجراج السيارة واضطر للف والدوران حول المصلحة عدة مرات لا ابحث عن مكان لأن هذا مستحيل الحصول عليه فى ظل هذه التوليفة العجيبة من العشوائية فى المواقف بين الميكروباص والتوك توك لكن أبحث عن السايس الذى بسهولة يجد مكاناً لجراج سيارتى، كما يقول مصطفى حسان محام فقط كل ما يقوم به هو سحب قطعة الخشب التى يحجز بها مكاناً أو يركنها صفاً ثالثاً لحين خروج سيارة.. فهذه عشوائية منظمة تحكمها المادة أو ثمن «الركن» والحل هو تفعيل القانون من وجهة نظرى وبسط الأحياء سيطرتها على المواقف العامة وإيجاد مساحات لإنشاء العديد من الجراجات العامة حتى نتخلص من بلطجة السايس وعامل الكارتة.
رابط دائم: