رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

من معبد أخناتون إلى «شق الثعبان»..
مصير «المسجد اليوسفى» وأعمدته الأثرية

أسيوط ــ حمادة السعيد ــ وائل سمير
> مدخل «مسجد اليوسفى» وما تبقى من أعمدته المصنوعة من مادة «الجرانيت» الوردى تشهد على الأزمة

دام الجدل ودامت الدوائر المفرغة بين وزارتى الأوقاف والآثار، حول مصير الجامع اليوسفى الأسيوطى، فترة ليست بالمحدودة، لينتهى بإسناد وزارة الأوقاف المسجد لعهدة أحد المقاولين للعمل على تجديده بشكل كامل.

وذلك بعد امتناع الآثار عن تسجيله، وذلك الامتناع ليس مرجعه عدم أثريته، ولكن بحجة عدم توافر اعتمادات مالية كافية، مع إدراج عدد كبير من المساجد فى ظل وجود عدد من المساجد الأثرية التى تحتاج لترميم.

ويقع المسجد اليوسفى بمنطقة «العتبة الزرقاء» بحى غرب أسيوط، ويرجع تاريخ بنائه لأكثر من 400 سنة مضت. وتمت إعادة تجديده فى عصر الخديو توفيق، وهو يحتوى أعمدة على شكل مسلات رومانية من الجرانيت الأحمر، التى أخذت من عمائر سابقة، يرجح أنها بقايا لمعبدأخناتون الأثرى، لتتم إعادة استخدامها فى تشييد المسجد. وكان قد تم اكتشاف بقايا المسجد حديثا قبل أكثر من مائة عام، وتحديدا فى عام 1911. وبحسب ما ذكره الدكتور ضياء محمد جاد الكريم، مدير البحث العلمى بالمجلس الأعلى للآثار، كان بالمسجد أحد الأعمدة المصنوعة من مادة «الجرانيت» والموجودة بجوار موقع «الميضاء».

> أحد أعمدة المسجد الصلبة

واتضح للأهرام، أنه عند شروع المقاول فى العمل بالمسجد، فوجئ بصلابة غير عادية فى معظم الأعمدة، وليس بالعمود الموجود المجاور لـ «الميضاء» وحده. وعندما تم تقشيرها، اتضح أنها أعمدة من الجرانيت الوردى الخالص. وبعد فشل المقاول فى حمل هذه الأعمدة لثقل وزنها، قام بالتواصل مع أحد أصحاب مصانع الرخام الموجودين فى منطقة «شق الثعبان» بالقاهرة، كى يأتى لتقطيعها وحملها للاستفادة من الجرانيت، فى واقعة تشكل كارثة أثرية ومعمارية.

وبحسب ما ذكره الدكتور ضياء، فإن هذا المسجد يقع فى غرب مدينة أسيوط على مقربة من «الجامع العمرى»، من جهة الجنوب الغربى. وتطل الواجهة الرئيسية للمسجد من الناحية الشرقية على شارع «كوم الغزاة»، أما الواجهة الشمالية فتطل على «درب العطارين».

وتشير إحدى «الحجج» التى تتناول المسجد اليوسفى، إلى أن منشئ هذا المسجد هو أمير اللواء «يوسف بك القيطاس». ولهذا الأمير مسجد آخر بناه على نفس الطراز بمدينة ملوى بمحافظة المنيا. كما أن هناك استنتاجا من نص إنشائى على منبر مسجد اليوسفى بملوى، يفيد بأن المسجد تم بناؤه فى شهر رمضان (سنة 1027هجرياـ - 1618 ميلاديا)، لذلك فمن المرجح أن المسجد اليوسفى بأسيوط قد تم إنشاؤه فى نفس الفترة حيث إن منشئ المسجدين واحد.

وعن جماليات المسجد وتخطيطه المعمارى، أكد الدكتور ضياء أنه يتكون من صحن أوسط مكشوف مساحته تتجاوز التسعة أمتار فى أكثر من ثمانية أمتار، تحيط به أربع مظلات، أكبرها مظلة القبلة، وهى ترتكز على أعمدة ضخمة من الجرانيت جلبت من عمائر قديمة.

أما جدار القبلة فيبلغ طوله نحو 23 مترا، تتوسطه حلية المحراب وعلى يمين المحراب يوجد المنبر يليه محراب آخر صغير يتبعه باب صغير يفضى إلى «الميضاء»، وعلى يسار المحراب الرئيسى يوجد مدخلان.. أما المحراب، فيتوسط جدار القبلة وهو عبارة عن «حنية» نصف دائرية ارتفاعها أكثر من 10 أمتار، ويتوج هذه طاقية معقودة بعقد مدبب تتقدمه. وعن الملحقات الخاصة بالمسجد ومنها «الحوض»، فقد أشارت إليه حجة بيع مؤرخة بغرة شعبان سنة 1254هجريا، وتشير إلى قطعة أرض مجاورة لمسجد اليوسفى، من المرجح أنها كانت لسقى الدواب التى تمر بجوار المسجد كنوع من الصدقة الجارية. وقد وجدت مثل هذه الأحواض خارج عدد من المساجد بالمدينة كـ «المجذوب» و«الكاشف».. ونظرا لأهمية وقيمة هذا المسجد، فقد كان له أكثر من خطيب لإلقاء الخطب فى الجمعة والعيدين. كما كان له أكثر من مؤذن. وهذا مؤرخ وثابت فى حجج وقفية، وفقا لقرار القاضى بتعيينهم، ويشمل أسماء الخطباء والمؤذنين ويصرف لهذه الوظيفة خمسة أرادب من القمح سنويا. كما كان له بواب يجلس أمامه، لمراقبة متاع وأحذية المصلين وحفظها من اللصوص.. وبحسب ما ذكره الأثرى أحمد عبدالرحيم، فإنه تم تجديد المسجد عدة مرات، وتمت معرفة ذلك عند فحص المنبر الخاص بالمسجد. والذى له أيضا قيمة أثرية. فتم اكتشاف قطعة خشب كانت فى جلسة الخطيب، تشير إلى أنه تم تجديد المسجد فى عهد الخديو توفيق سنة 1890 ميلاديا. وكان النص مكتوبا بخط النسخ وبأسلوب الحفر ومطعم بأشرطة من العاج، ويقول النص المكتوب «مسجد اليوسفى» تم بناؤه وفق أمر الخديو توفيق.. فأقيموا الصلاة لله فيه وأشكروا من بناه «أحمد شكر».

أما رواد المسجد فكان لديهم تساؤلات مهمة، ومنهم عم محمد وعم على، حيث أكدا أن المسجد بشكله القديم يمثل معلما، ولكننا لا ندرى لماذا تم التفكير فى عمل إحلال وتجديد له، خصوصا أن مبناه كان جيدا وليس هناك أى خطورة كانت على رواده، ونتمنى أن نعرف أين ذهب المنبر الأثرى الموجود به؟.

بالرجوع لبعض المختصين بآثار أسيوط أكدوا أنه تم عمل تقرير متكامل عن مكانة المسجد الأثرية، وتم فيه مطالبة اللجان المختصة بسرعة معاينة المسجد على الطبيعة نظرا لمكانته وما فيه من عناصر معمارية ذات قيمة فنية عالية وتاريخية. وبالفعل تم عمل تقرير لتسجيله ضمن الآثار الإسلامية والقبطية، إلا أنه تم رفض التسجيل بقرار من اللجنة الدائمة، وبناء عليه قامت وزارة الأوقاف بتسليم المسجد للمقاول لهدمه، تزامنا مع وقف وزارة الآثار ضم مساجد خلال هذه الفترة، حتى تنتهى من ترميم المساجد التابعة لها أولا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق