أنا سيدة فى السابعة والأربعين من عمرى، تزوجت فى سن العشرين من قريب لأمى يكبرنى بثلاثة عشر عاما، بموافقة جميع أفراد الأسرة، إذ تحمسوا له لأنه كان مسافرا لمدة عشر سنوات إلى دولة أوروبية، واعتقدوا أن حالته المادية ميسورة، ومن أبناء العائلة، وسيحافظ علىّ، وتحدثت معه أكثر من مرة حتى أتعرف على شخصيته عن قرب، فألقى على مسامعى وعودا كثيرة، مؤكدا أننى لن أندم على زواجى منه، وبالفعل تزوجته، وبعد أسبوعين فقط رأيته مع أختى على انفراد، وواجهتهماوأنا فى منتهى الانهيار، وخشيت من الفضيحة، وخفت على أبى وأمى من أن يحدث لهما مكروه، لو أبلغتهما بما شاهدته، وأننى لو طلبت الطلاق سيعلم كل من حولنا السبب إن عاجلا أو آجلا، وقررت أن أتعامل مع الأمر الواقع، ومنعت أختى من زيارتى فى بيتى، واتفقت معه على ألا يزور أهلى، وأننى سأزورهم بمفردى من آن لآخر، ومرت الأيام ثقيلة وحزينة، وأنجبت ابنتىّ الأولى والثانية، ثم اكتشقت أنه على علاقة مع بنت تسكن فى عمارة أمه، وأن هذا هو السبب الذى يدفعه لطلب المبيت عند أسرته فى أحيان كثيرة، وعندما واجهته بذلك قال إنه يعرف هذه الفتاة من قبل زواجه بى، وأن علاقته بها عادية، وعندما علمت أمه بأننى حدّثته فى هذا الأمر غير المقبول، وبّختنى لأننى «بجيب سيرة البنات» على حد تعبيرها،، وتشاجرت أخته معى، واتصلت بأهلى بإيعاذ من أمها، وكررت الكلام نفسه لهم، فلامونى، وقالوا: «مينفعش تتكلمى فى الحاجات دى».
ومرت فترة قصيرة، وإذا بشقيقه يتزوج هذه البنت، وتوقفت عن الكلام معه فى هذا الوضوع خوفا من أن تنقلب الدنيا رأسا على عقب، وقد أنجبت ولدين، وتصورت أنه سيصبح أكثر اتزانا والتزاما، فإذا به يأتى تصرفات غريبة، فمثلا يضع أفلاما غير لائقة على هاتفه المحمول، وأجد ابنى وعمره ثلاث سنوات يلعب فى الهاتف، ويفتح عن طريق الخطأ هذه الأفلام، وعندما أراجع أباه يثير الشجار معى، والأغرب من ذلك أنه يصورنى وأنا نائمة «براحتى» ويضع الصور على هاتفه.. والمدهش أننى عندما ألجأ إلى أهلى، يقولون لى فى كل مرة: «أنت غلطانة»، والأدهى والأمّر أننى وجدت بالمصادفة ملابس داخلية لسيدات فى حقيبة عمله، ففاتحته فيما وجدته، فردّ علىّ: «انتى بتكبرى الحاجات».
عند هذا الحد قررت التزام الصمت، وشغلت نفسى بتربية أبنائى، وهو وظيفته أن يوفر لنا مصاريف البيت، ومن جانبى أتحمل كل شىء، حتى الأطباء أحمل إليهم الأبناء بمفردى، وهو جالس فى المنزل، وناقشته كثيرا فى تصرفاته بلا جدوى.
لقد عوضنى الله فى أبنائى، والكل يشهد بتربيتهم الحسنة، وهم متفوقون فى دراستهم، ولم أكن أريد شيئا منه سوى أن يكون ملتزما، ويساندنى فى رعاية أبنائنا.. ومع بلوغه سن الستين تحسنت علاقتنا، وأصبح يصلى الفروض كلها فى المسجد، ويقوم الليل، واعتقدت أنه تخلى عن تصرفاته وعلاقاته غير المقبولة، وبدا كذلك لكل من حولنا، ولكن للأسف الشديد حدث ما زلزل كيان العائلة كلها، إذ شاهدته أختى فى وضع غير لائق مع ابنتها ذات الخمسة عشر عاما، وانكشف أمره بأنه يفعل ذلك معها منذ خمس سنوات، فانهرنا جميعا، وكانت النهاية، إذ تم طلاقنا، وقطعت كل صلتى بالناس، ومرت ثمانية أشهر حتى الآن، ونحن لا نصدق ما حدث، وخضعنا للعلاج النفسى، ولم نفق من الصدمة بعد، أما هو فيستعد للزواج، ويعيش حياته بالطول والعرض، وببجاحة منقطعة النظير.. إننى وأولادى نكاد نصاب بالجنون، فكيف نتخلص مما نحن فيه؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
خطأ البداية إذا لم يتم إصلاحه بشكل سليم، تترتب عليه نتائج وخيمة، وأنت أخطأت يا سيدتى بعدم وضع النقاط على الحروف منذ اكتشافك علاقة زوجك بأختك، فكانت النتيجة أنه تمادى فى علاقاته حتى إنه أقام علاقة آثمة مع ابنة أختك، وحدثت الفضيحة التى تأخرت كثيرا!، واحمدى الله أن أبناءك لم يسلكوا مسلك أبيهم، وعليه أن يعلم أن حسابه عند المولى عز وجل سيكون عسيرا، وأن ارتكابه المعاصى سيكون وبالا عليه فى الدنيا والأخرة، ولن تكون خاتمته حسنة أبدا.
وإذا كان يتستر وراء الصلاة والعبادات، فليعلم أن الإيمان والطاعات ينبغى أن تظهر فى سلوك العبد وحياته؛ فالمؤمن لا يكون كذابا، ولا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن، فالإيمان الصادق حاجز عن ذلك، والصلاة الحقيقية تنهى صاحبها عن المنكر؛ حيث يقول تعالى: «اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ» (العنكبوت45)، وقد يقول أن علاقته بابنة أختك لم تصل إلى حد الزنا، وهنا أسأله: أتحب ذلك لابنتيك؟! أم تحبه لزوجتك؟، وبالطبع سيجيب لا: فأسأله من جديد: فلم ترضاه فى بنت غيرك ، أو زوجته؟..إن من حام حول الحمى يوشك أن يواقعه.
لقدْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ ذكر الحديث، وفيه: ... ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَال :...َ ( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا).. ألا تحمد الله على زوجتك التى عاشت معك حياة طيبة؟! وعلى أبنائك الذين ربتهم أمهم تربية حسنة»، ثمّ أعرفت الآن أنك لم تتق الله، ولا قدر المستطاع؟، فلقد حدد لك الحلال فى قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ» (المؤمنون 5 ـ 7) وها قد ابتغيت ما وراء ذلك! والله لئن تزوجت بزوجة ثانية وعدلت بين زوجتيك لكان خيرا لك، وأظن أن زوجتك كانت سترضى بذلك بدلا من طريق الهلاك الذى انزلقت إليه. أما أنت يا سيدتى، فاطوى هذه الصفحة من حياتك، وعيشى حياة الرضا والطمأنينة، وسوف يصلح سبحانه وتعالى أحوالك ويريح بالك، ويوفق أبناءك، وأرجو أن يكون والدهم قد استوعب هذا الدرس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رابط دائم: