رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حلم حياتى

أنا شاب فى الخامسة الثلاثين من عمرى، حاصل على مؤهل عال، وثلاث دبلومات فى التربية وعلم النفس، وقد نشأت فى أسرة ريفية بسيطة بقرية فى وسط الدلتا لأب يعمل مدرسا بالتربية والتعليم، وأم ربة منزل، ونحن ثلاثة أولاد، وثلاث بنات، وترتيبى الثالث بينهم.. بدأت مأساتنا بوفاة أخى الأكبر فى حادث سيارة خلال ذهابه إلى الكلية التى كان يدرس بها، ولم تتحمل أمى الحياة بعد رحيله، فأصابتها الأمراض ولقيت وجه ربها بعده بشهور، وتولى أبى أمرنا رافضا الزواج بأخرى، وظل على هذه الحال ستة عشر عاما إلى أن رحل عن الحياة، وتوالت المفاجآت والمتاعب الصحية، إذ أصيبت أختى التى تكبرنى بعامين، وأيضا أخى الذى يصغرنى بأربع سنوات بالفصام العقلى، وأذكر أن أختى هذه تعرضت لضغوط شديدة، حيث كانت ترعى شئون البيت بعد وفاة والدتنا، ووجدت نفسها بين أمرين، إما أن تتزوج وتتركنا صغارا، أو تكمل حياتها فى رعايتنا، ونظل بلا عمل برغم أنها حاصلة على مؤهل عال، وكثيرا ما كانت تسمع كلاما لاذعا من نوعية أنها أصبحت «عانس»، فترك ذلك أثرا غائرا فى نفسها، ولاحقها المرض. 

 وتكرر الأمر نفسه مع أخى حيث سافر إلى إحدى الدول العربية، وهو فى كامل صحته، وهناك تعرض لظلم شديد، فأصيب بنفس حالة أختى، ولم يُجد العلاج النفسى والاجتماعى الذى تلقاه، وتطلبت حالته خضوعه المستمر للعلاج الدوائى والجلسات الكهربائية، كلما استدعى الأمر ذلك.. وهكذا يعيش الاثنان فى ضلالات يؤمنان بها ويصدقانها.  

وبعد زواج أختىّ الأخريين أصبحت وحدى مسئولا عن أخى وأختى المريضين، وصرت عاجزا عن تغطية تكاليف علاجهما، ومتابعة أحوالهما، وتدبير المعيشة والقيام بأعباء البيت، وواجهت صعوبات كثيرة فى توفير تكاليف العلاج الباهظة، فالعلاج من هذا المرض يحتاج إلى مبالغ مالية لا طاقة للكثيرين بها.. ووسط هذه الظروف أجدنى فى حاجة إلى الزواج من فتاة فاضلة تقدر متاعبى لتكون عونا لى فى حياتى ورعاية أخى وأختى، وتدرك أن الصحة والمرض لا حيلة للإنسان حيالهما، وأن تكون متدينة وحاصلة على مؤهل عال، وفى سن مناسبة، فهل هذا الأمل صعب المنال؟. 

 

 ولكاتب هذه الرسالة أقول: 

 

أستشعر من سطور رسالتك الحزينة خوفك الشديد مما قد يتسرب إلى الآخرين من إحساس بأن مرض «الفصام العقلى» الذى يعانيه شقيقاك، قد ينتقل إليك من باب أنه ينتج عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، والحقيقة التى تغيب عن هؤلاء أن المرض النفسى مثل العضوى، له أسباب وأعراض، وأدوية وعلاج، ولا يملك الإنسان إزاء أى مرض حيلة، فذلك أمر يقدره الله كيف يشاء، والأمراض النفسية يمكن أن تصيب أى شخص، لكن من لديه إيمان قوى بالله، يكون أقل عرضة للإصابة بها، وأن من يقل الإيمان لديهم نجد أن الشيطان يتخبطهم من هنا وهناك، وبالتالى لو أن لديهم قابلية للإصابة بالمرض النفسى ربما تظهر عليهم الأعراض مبكرا عن غيرهم. 

ولا يغفل الطب النفسى الجانب الإيمانى، وتذكير المريض بالله، وربطه بالأدعية والأذكار، والطاعات، حسب جهده وطاقته، ولكن هذا الأمر لا يكون فى كل الحالات، ولا فى أى وقت من العلاج، بل يجب اختيار الوقت المناسب لزرع الإيمان فى قلبه، وأظن أنك تؤدى واجبك تجاه شقيقيك، وقد آن الأوان لأن تتزوج، وتحيا حياة مستقرة مع من تقدرك، وترى فيك الزوج المناسب، وتستطيع أن تختار فتاة مناسبة تدرك قيمة وأهمية الحياة الزوجية، وما يترتب عليها من مسئوليات، وعليكما السعى الدائم لتحقيق الاستقرار، والاهتمام بمشاعر بعضكما البعض، حيث يجب أن يعتنى كل منكما بالآخر، وتوطيد علاقته به، حتى ينمو الحب والألفة بينكما، ومن الضرورى أن تتقبلا الاختلافات فى شخصيتيكما ما دامت لا تؤثر بالسلب على سعادتكما، أو تُهدد استقرار أوضاعكما الزوجية، ومن الضرورى أن تبحثا عن القواسم التى تشتركان فيها، فتعملا على تطويرها، ويمكنكما استغلال مرحلة الخطبة فى التهيئة الجيدة للزواج، وهذا أمر فى متناول يديك، وليس صعب المنال، وأسأل الله أن يوفقك، وأن يعينك على رعاية شقيقيك، وأن يكتب لك التوفيق والسداد، والله المستعان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق