أَنَا مُوُاطِنٌ عَادِيٌّ..
شَاعِرٌ عَادِيٌّ..
تَتَسَاقَطُ مِنِّي الْقَصَائِدُ الْعَادِيَّةُ،
وَأَنَا أَتَجَوَّلُ فِي الطُّرُقَاتِ..
لَا تَتَرَاقَصُ الْبُيُوْتُ لِرُؤْيَتِي،
وَلَا تَهْطِلُ عَلَيَّ الْحَسْنَاوَاتِ مِنَ السَّمَاءِ.
فَقَطْ أُوَزِّعُ دِمَائِي فِي الشَّوَارِعِ..
أَبْحَثُ عَنْ لُقْمَةٍ لِأُطْعِمَ أَطْفَالِي،
وَأُطْعِمَ قَصَائِدِي.
..............
كُلَّمَا مَشَيْتُ فِي السُّوْقِ..
الْتَفَّ حَوْلِي مُوَاطِنُوْنَ عَادِيُّوْنَ..
وَمُوَاطِنُوْنَ غَيْرُ عَادِيِّيْنَ..
يَأْكُلُوْنَ مِنْ لَحْمِي الْعَادِيِّ،
بِفَرَحٍ غَيْرِ عَادِيٍّ،
وَأَنَا أُطَالِبُهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا قَلِيْلًا مِنَ اللَّحْمِ؛
لِيَسْتُرَ عِظَامِي؛
فَمَا زَالَ أَمَامِي طَرِيْقٌ طَوِيْلٌ..
حَتَّى أَصِلَ إلَى الْبَيْتِ..
وَالْمُوْسِيْقَى الَّتِي كُنْتُ أَنْتَظِرُ أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَى أَنْغَامِهَا
لَمْ تَنْطَلِقْ بَعْدُ،
وَالشَّمْسُ لَا تُرْسِلُ لِي وَرْدًا..
-كَمَا كُنْتُ أَظُنًّ-
لَكِنَّهَا تَعْصِرُ ذَاكِرَتِي؛
فَأَسْبَحُ فِي عَرَقِي.
..............
الْخَضْرَاوَاتُ الَّتِي أَكْتُمُ أَنْفَاسَهَا فِي الْأَكْيَاسِ..
تَضْحَكُ..
كُلَّمَا رَأَتْنِي أَجْلِسُ عَلَى الرَّصِيْفِ؛
لِأُطْعِمَ قَصِيْدَةً..
بَيْنَمَا الْقِطَطُ مِنْ حَوْلِي..
تَنْتَظِرُ دَوْرَهَا.
..............
لَا أَسْتَطِيْعُ إكْمَالَ الْقَصِيْدَةِ؛
فَالْبَاعَةُ يَرْفَعُوْنَ أَصْوَاتَهُمْ..
وَدَمِي الَّذِي مَلَأَ الْأَسْوَاقَ..
يُغْرِقُ الْقَصِيْدَةَ.
أُحَاوِلُ أَنْ أَفِرَّ بِهَا؛
فَأَصْعَدُ لِلسُّطُوْحِ.
أُحَاوِلُ أَنْ أَطِيْرَ بِهَا؛
لَكِنَّنِي مُوَاطِنٌ عَادِيٌّ بِلَا أَجْنِحَةٍ..
وَقَصِيْدَتِي عَادِيَّةٌ بِلَا أَجْنِحَةٍ.
..............
أَيُّهَا الْمُوَاطِنُوْنَ الْكِبَارُ،
أَيُّهَا الشُّعَرَاءُ الْكِبَارُ،
رِفْقًا بِنَا؛
فَمَا زَالَتِ الْقَصَائِدُ تُحَاوِلُ أَنْ تَتَنَفَّسَ،
وَمَا زَالَتِ الْكَلِمَاتُ تَبْحَثُ عَنْ لُقْمَةٍ عَادِيَّةٍ..
لِأَطْفَالٍ عَادِيِّيْنَ..
أَبْنَاءِ شَاعِرٍ عَادِيٍّ..
وَمُوَاطِنٍ عَادِيٍّ.
رابط دائم: