رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

النائبة الفرنسية سونيا كريمى لـ «الأهرام» :
قانون «المبادئ الجمهورية» يرتبط بالانتخابات وليس بحوادث العنف فى فرنسا

أجرت الحوار رانيا حفنى
سونيا كريمي

  • شاركت فى صياغة القانون ولكن لم أوقع عليه بسبب كثرة التدخلات الأمنية

قبل نحو العام من انتخابات الإليزيه، خرج الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى أكتوبر الماضى بمشروع قانون «مكافحة النزعات الانفصالية» ..«توحيد المبادئ الجمهورية»، ليثير الجدل بين أوساط اليمين واليسار فى فرنسا، ويثير الخوف والهلع لدى مسلمى أوروبا عامة وفرنسا على وجه الخصوص، ويتعرض لعاصفة من الهجوم من مسلمى العالم لم تهدأ حتى الآن.

القانون ناقشته وأقرته «الجمعية الوطنية» الشهر قبل الماضى وتمت إحالته إلى مجلس الشيوخ ليناقشه. وفى هذا الحوار الذى أجرته «الأهرام» عبر برنامج «زووم» مع سونيا كريمى النائبة عن حزب ماكرون «الجمهورية إلى الأمام»، وإحدى النائبات المشاركات فى وضع القانون، نناقش أبعاد القانون وأهدافه.

النائبة سونيا كريمى فرنسية الجنسية، تونسية الأصل والمولد، و تجيد أربع لغات، ولديها دور مهم فى الحياة السياسية بالمجتمع الفرنسى ،وإلى التفاصيل:

 

مشروع قانون « النزعات الانفصالية» أو احترام أساسيات الدولة؟ أثار جدلا كبيرا ليس فى فرنسا بل فى العديد من المجتمعات خاصة الإسلامية، كيف تفسرين القانون؟

نعمل على هذا القانون قبل ثلاث سنوات، تحديدا منذ سبتمبر 2017، وكنت أحد النواب المهتمين والمشاركين فيه، والمسئولة عن دراسة ملف الإسلام السياسى فى فرنسا. وقمنا فى حزب « الجمهورية إلى الأمام» بمشاركة جامعات وجمعيات أهلية ورجال الدين ومراكز بحثية وكل من له صلة بالإسلام السياسى بدراسة هذا القانون، ولم يكن لصدور هذا القانون فى هذا التوقيت أى صلة بأى أمر، لكن تزامن صدور المشروع مع أزمة تصريحات ماكرون فى أكتوبر الماضى وما آثاره من غضب فى كل البلدان الإسلامية، وكذلك مقتل المدرس صامويل باتى والهجوم المسلح على مكاتب مجلة «شارلى ايبدو» .

وأكاد أجزم بأن ماكرون ليس ضد الإسلام بل ضد التعصب، لكن هناك البعض ممن يحمل نوايا غير حسنة ويستخدم اسم الإسلام لتحقيق أغراض وأجندات بعينها هو الذى صور أن ماكرون ضد الإسلام.

الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام القادم، فهل صدور القانون له علاقة بدورة الانتخابات؟

بالتأكيد له علاقة، فكل قانون له علاقة بالانتخابات، سواء يساعدك أو يكون ضدك، وليس مرتبطا بحوادث العنف.

وما الدافع وراء هذا القانون؟

مواجهة الإسلام السياسى.. علينا أن ننظر إلى تغلغل الإسلام السياسى فى بلداننا، وكيف أنه اتخذ الجمعيات الأهلية ستارا ليسيطر على فئات عدة تحتاج هذه الجمعيات.

الدافع من وراء هذا المشروع هو أن تحترم الدولة وتحترم نظامها وقانونها، يجب أن يكون هنا الجميع متساويا ومحايدا بدون أى تمييز، فلابد من حظر الرموز الدينية، بحيث لا يسمح لأحد العمل فى مجال الخدمات العامة أن يرتدى حجابا أو صليبا أو غطاء الرأس الخاص باليهود. أى شارة دينية مرفوضة، وعلينا فهم وإدراك أهمية فصل الدين عن الدولة وهذا يشكل مسئولية جماعية علينا جميعا، وعلى المسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى فى أوروبا أن تعى قضية فصل الدين عن الدولة وهى قضية مهمة جدا فى فرنسا، فالبلدان الأوروبية هى التى دافعت عن الإخوان المسلمين لسنوات وسنوات، والفصل لا يعنى الإلحاد، فالعلمانية الفرنسية كلمة لا تزال غير مفهومة فى بلداننا العربية، فأنا ضد استخدام الدين فى حياتنا اليومية، وعلينا نحن العرب أن نتفهم قانون 1905، هذا القانون مهم لاستمرارية الحياة، فهو يسمح بحرية الإيمان من عدمه ويفصل بين الكنيسة والدولة ويأمر بحياد الأخيرة ويضمن المساواة أمام القانون والخدمات العامة.

ما أهم مواد مشروع القانون؟

أحد مواد القانون هو الرقابة على الجمعيات الأهلية وعلى تمويلها وأهدافها، فهناك دول خليجية تمول هذه الجمعيات، بناء على أجنداتها هى وليس ما يحتاجه المجتمع، من هنا كان واجبا أن يكون هناك نص فى القانون الجديد بمراقبة التمويلات الخارجية للجمعيات الأهلية، ولسنا ضد أى جمعية فقط نريد معرفة أين تنفق تلك الأموال التى تأتى إلى فرنسا وما الأغراض التى تنفق فيها.

هناك من يربط هذا القانون بين أحداث «شارل إبيدو» فى 2015 وأزمة المهاجرين السوريين، وانضمام دواعش فرنسيين، إلى أى مدى تتفقين مع هذا الربط؟

صدقا، لا يوجد رابط بين القانون وبين ما ذكرتِ سابقا، لكن هدفنا من القانون محاربة ظواهر سلبية موجودة فى المجتمع الفرنسي، حيث لاحظنا زيادة التطرف وانغلاق أسر مسلمة على نفسها.

إن التطرف يساوى الفكر الأسود، يقصى الآخر، هؤلاء المتطرفون جاءوا بهذه الأفكار لمجتمعنا، وعلينا أن نواجه هذا الفكر وما يحملونه من ظلام، من هنا كان هذا القانون.

فكثير من دولنا العربية تعيش أسوأ أيامها فى تاريخ حضارتها بسبب تغلغل هذا الفكر، فنحن تباهينا بابتكار الصفر وتوقفنا عنده، فثقاقتنا العربية تنحدر، وفكرنا العربى يتم قصفه من الداخل، ودورنا أن يتم تنوير العقول دون حروب أهلية، والدولة الفرنسية تحاول القضاء على التطرف بكل صوره وبخاصة ما يستقيه البعض من خلال تعليمهم بالمنازل، . فالأساس هو التعليم ثم التعليم. ولذا سيكون ارتياد المدرسة إلزاميا اعتبارا من سن الثالثة لتجنب التسرب المدرسى لأسباب دينية، وللعلم لم أوقع على القانون لكثرة التدخلات الأمنية فيه، وهو ما يتنافى مع الحريات فى فرنسا.

لماذا؟

التوقيع لم يكن نهائيا، حيث كان فى المناقشة الأولى، وهو الآن فى مجلس الشيوخ للمراجعة، حيث قدمت ملاحظات عليه لشموله على نقاط أمنية أكثر منها اجتماعية، وأرسلتها إلى إيمانويل ماكرون وجميع الوزراء، وفى نفس الأسبوع استجاب ماكرون للعديد من ملاحظاتي، وتحدث عن أشياء كثيرة جدا، منها المساواة فى العمل، وضع كوتة للأماكن المهمشة فى المدرسة العليا للإدارة، رفع الرواتب لها، وعليه بعث ماكرون برسائل كثيرة إيجابية فى هذا الصدد.

منذ طرح مشروع القانون وهناك هجوم عليه وعليكِ، حتى إن بعض المهاجرين طالب بعدم دفاعك عنهم، ما السبب؟

حين أقوم بالدفاع عن المهاجرين ومساعدتهم أكون الصديقة الأولى، لكن حينما يكون لديّ موقف ضد أردوغان أو تركيا، أو أهاجم الإسلام المتطرف أصبح العدو الأول ولا يتوقف الهجوم علىّ وسبى بل وتهديدى بالقتل.

خلال السنوات الماضية أهملت فرنسا الضواحى خاصة أطراف باريس، وتجدد الصدام هناك أكثر من مرة، فهل كان ذلك سببا فى تغلغل التطرف هناك، وهل وضعتم خطة للاهتمام بتلك المناطق؟

أكثر من اهتم بالضواحى كان الرئيس الأسبق ساركوزي، سواء وهو وزير للداخلية واقتحامه الشهير لها فى 2005 أو وهو رئيس بعد ذلك، لكن الحقيقة أن تعامل ساركوزى كان تعاملا أمنيا بحتا.ومن بعد ساركوزى جاء اليسار الذى أعطى أموالا فقط دون تنمية، ومن قبلهما كان خطأ ميتران الأكبر، حيث فضل بقاء ذوى الأصول العربية والأفارقة فى تلك الضواحي، حتى أصبحت مجتمعا منغلقا، فيما جاء تعامل ماكرون مختلفا تماما عن ساركوزي، حيث وضع خطة تنموية، و أدركنا أن التعامل الأمني، زاد من تعقيد المشكلة وليس حلها، ففى 2017، كانت البطالة فى تلك المناطق تصل إلى نسبة 30% مقارنة بـ 7 أو 8 % فى باقى فرنسا، وكان من يتقدم من تلك المناطق لأية وظيفة، يتم رفضه على أساس عنصرى وطبقي، والآن بدأنا فى هدم المبانى الكبيرة وبناء مبان لا تزيد على دورين فقط مع وجود حديقة بكل منزل، كما قمنا بالعمل على إخلاء مناطق كثيرة فى تلك الضواحى ونقلهم إلى قرى قريبة من المدن بحيث يعيشون ويستقرون فى تلك الأماكن، وينخرطون مع مجتمعهم الجديد ومن ثمّ تغيير الصورة النمطية عن العرب والمسلمين وقد حدث ذلك بالفعل وجاءت ردود فعل إيجابية كثيرة بعد هذا الدمج.

اتهمتِ أردوغان بالشعبوية، لكن ذهب الكثير إلى أن القانون الجديد يرسخ الشعبوية فى فرنسا بقيادة ماكرون؟

حتى لو كان ذلك صحيحا، فإن ما يطمح إليه ماكرون من شعبوية لا تقارن بشعبوية أردوغان، هى 1% مما يفعله أردوغان، كما أن هناك فرقا بين الشعبية والشعبوية، قد يكون ماكرون يسعى إلى زيادة الشعبية، بينما أردوغان لا هم له إلا زيادة وتوسع الشعبوية لديه، وماكرون فى هذا القانون الذى تصفيه بالمثير للجدل أجاب عن كل الأسئلة، عن أزمة تعليم الفتيات فى البيوت، وعن ضبط ومراقبة التمويلات الخارجية، والأئمة الذين لا يعرفون اللغة الفرنسية ولا نعرف عنهم شيئا، كما أننى أرى أن فصل الدين عن الحياة الدنيا تجعلنا نتقبل الآخر ونتفهمه، فأنا ضد أى دولة تقوم على اساس ديني، سواء كانت يهودية أو مسيحية أو غيرها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق