القوات المسلحة قضت على الإرهاب.. والتنمية هى المعركة الحقيقية
قال اللواء طيار دكتور هشام الحلبى، المستشار باكاديمية ناصر العسكرية، إن تحرير سيناء جاء نتيجة عملية سلام أدارها خبراء عسكريون وسياسيون باحتراف، ولم يكن ابدا أن تبدأ إلا بعد انتصار أكتوبر 1973، مشيرا إلى أنه كان هناك مبادرات للسلام قبل حرب العاشر من رمضان، لكنها جميعها فشلت، حيث كان الهدف منها بقاء سيناء تحت الاحتلال، أو إعادة جزء منها لمصر، وهو ما كان مرفوضا تماما من المصريين، وكانت إسرائيل تسعى إلى استمرار حالة اللاسلم واللاحرب حتى تظل سيناء فى قبضتهم، ولذلك كانت حرب أكتوبر نقطة فارقة، واستخدام القوات المسلحة فى عملية عسكرية محترفة كسرت من خلالها نظرية الأمن الإسرائيلى وهى «نظرية الحدود الآمنة» التى كانت تنتهجها، والتى ترتكز على احتلال أرضك خارج الحدود والاستناد على موانع طبيعية وأخرى صناعية، يقام عليها خطوط نيرانية ودفاعية لتبقى الحدود الآمنة، وتلك هى نقطة البداية.
ويقول اللواء الحلبى: بعد حرب 73 مباشرة كان الرئيس السادات من الذكاء والاحتراف أن يقبل بوقف اطلاق النار لتبقى القوات المسلحة فى يده كورقة ضغط قوية فى أثناء عملية السلام التى بدأها، بخطابه الشهير فى مجلس الشعب فى ذلك الوقت، وعندما قال «مستعد أن أذهب لأبعد نقطة فى العالم حتى الكنيسيت»، وضع الإسرائيليين فى حرج، إما قبول السلام وإما استمرار الحرب، وقبل الإسرائيليون الدخول فى مفاوضات السلام.
ويوضح الحلبى أنه يجب علينا الوقوف عند تلك النقطة، وهو التنوع فى استعمال القوة، فاستخدام القوة المسلحة فى حرب 73 هو استخدام واضح للقوة الصلبة، ويعدالبدء فى مفاوضات الكيلو 101 والكيلو 102 للسلام، مثالا للقوة الناعمة، والمزج المحترف بين القوتين، يسمى مفهوما حديثا جدا «القوة الذكية» التى تستخدم فى إستراتيجية واحدة فاعلة لتحقيق الأهداف النهائية للدولة، ويعد ذلك احدث مصطلح فى الغرب للمفكر الأمريكى «جوزيف صمويل لاى»، لكن هنا لابد أن نرد الفضل لأهله والمصطلح لصاحبه وهو الرئيس السادات الذى استطاع استخدام قوتين مضادتين «المسلحة والناعمة»، وأن يحرر سيناء بالكامل.
ويقول اللواء هشام الحلبى إن المصريين قبلوا عملية السلام رغم أنهم كانوا «كارت ضاغطا» على الرئيس السادات قبل 73، وطلبة الجامعات تخرج فى مظاهرات لخوض الحرب، ونفس الشريحة من المصريين هى من دعمت الرئيس فى مفاوضات السلام واستطاعت تحرير سيناء».
ويوضح أن سيناء تحررت نهائيا باسترداد طابا، من خلال عملية قانونية، حشد خلالها مجموعة من أفضل خبراء مصر، كانوا سببا قويا فى أن تقضى المحكمة الدولية باحقية طابا لمصر، ونستطيع القول إن تحرير سيناء كان بالحرب والمفاوضات والقانون، وهذا المزج المحترف بين تلك الوسائل يعد استخداما واضحا للقوة الذكية.
ويقول اللواء هشام الحلبى إن الدولة تواجه اليوم تحديات كثيرة جدا، وسوف يكتشف المواطن عند قراءته للماضى والتاريخ، أن المصريين اعطوا الفرصة كاملة للسادات فى أن يخوض عملية تفاوض ويستخدم كل أدوات الضغط التى يملكها لتحقيق الهدف النهائى للدولة، ولذلك عندما تواجه الدولة أى تحديات، على المواطن أن يعطى الفرصة كاملة لصانع القرار، وألا تطالبه بأن يخبره بكل خطوط الضغط التى سوف يستخدمها، فلم يطالب المصريون الرئيس السادات بماذا سيفعل وهو ذاهب إلى كامب ديفيد وما كروت الضغط التى يملكها فى يده، وبالتالى استطاع أن يرد سيناء بالكامل.
ويضيف اللواء الحلبى، أن هناك نقطة لابد من توضيحها، وهى أنه كانت هناك بعض الآراء المناهضة لمصر وعملية السلام تقول «إن سيناء منقوصة السيادة»، وأرد عليهم بإن ما بيننا وبين إسرائيل هو ترتيبات أمنية وليس انتقاصا من السيادة، وذلك بعد فترات طويلة من الحرب، وابلغ دليل على هذا الموضوع، عندما ظهر الإرهاب وجدت القوات المسلحة فى كل مكان بسيناء حتى الحدود الدولية، وبالتالى نحن نسيطر عليها بصورة كاملة، علينا أن نتيقن لما يردده الإعلام المضاد، وما يدبر ويحاك ضد مصر من مؤامرات.
ويؤكد اللواء الحلبى أننا نخوض الآن معركة التنمية فى سيناء، والحقيقة أن مصر نجحت وأصبحت ملامح هذا النجاح واضحة بربط سيناء بباقى الوطن عن طريق الانفاق التى تعد انجازا غير مسبوق فلا تنمية شاملة وسريعة دون هذه الانفاق تحت قناة السويس وكانت نقطة فارقة فى المشروعات التنموية الشاملة فى كل الاتجاهات من تعليم وصحة وطرق وتحلية مياه و إقامة مجتمعات عمرانية جديدة وتمكين شباب سيناء من الوظائف والعمل فى المشروعات التى تحدث على أراضيها.
رابط دائم: