أنا شاب فى الأربعين من عمرى، تزوجت بنظام «الصالونات»، وأنجبت طفلة بمباركة الأهل، وبعد فترة قصيرة نشبت الخلافات بينى وبين زوجتى التى تعمل فى وظيفة مرموقة، حيث إن لى عملا حرا، بعد حصولى على مؤهلى العالى، وانفصلنا فى هدوء، وقابلت صديقة لى كنت أحبها قبل زواجى، وعرفت أنها هى الأخرى انفصلت عن زوجها، ولديها منه ولدان، وقد أحببتها وتعلقت بها، ولم أجد حلا غير أن أتزوجها، وعرضت الأمر على أهلى، لكن أمى رفضت زواجى منها تماما بحجة أن لديها ابنين من زوجها السابق، وأنها تريد لى زوجة متفرغة، بل وفى وظيفة مرموقة مماثلة لوظيفة مطلقتى لكى تعاندها، وقد استغلت عاطفة الأمومة فى الضغط علىّ، واستجبت لها.
وبصراحة شديدة، فإننى لن أجد من تعوضنى عن حبيبتى التى تركتنى إرضاء لأهلى، ولم ينطفئ البركان الذى يغلى بداخلى، وتواصلت معها مرة أخرى وطلبت لقاءها، وعرضت عليها الزواج العرفى، فلم توافق، فعرضت عليها اللقاء يوميا لكى أفرغ جزءا من طاقتى دون أن ألمسها، لكى أصبر على عدم وجود زوجة، فرفضت أيضا، وهنا قطعت علاقتنا، وامتنعت عن الحديث معها، وليس هناك ما يعوق زواجنا من شقة ودخل وعمل، وليست لدينا أى مشكلة سوى عناد أمى التى تجاوزت سن السبعين، وعدم موافقة أهل حبيبتى فى إتمام الزواج بدون علم أهلى، فماذا أفعل؟.
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
يتدخل الأهل فى اختيار الزوجة فى أحيان كثيرة باعتبار أنهم أكبر سنا وأقدم تجربة وأعرف بالواقع وأدرى بالمصلحة إلى غير ذلك، وهى حجج لا تجيز لهم إلغاء شخصية أولادهم، والتدخل فى تقييد حريتهم، وإنما يكون لهم النصح والتوجيه والتذكير وبيان وجهة نظرهم، فإن قبلها الأبناء فهذا ما أراده الأهل، وإن رفضوها فهذا حقهم.
إنك صاحب الحق فى اختيار شريكة حياتك، خصوصا بعد فشل تجربتك الأولى عبر زواج «الصالونات»، ولكن لابد أن ترعى أمورا كثيرة لا يجوز إغفالها؛ لأن الزواج لا يخصك وحدك، وإنما هو تداخل أسر ومصاهرة، بمعنى الانصهار والتلاحم، وسمعة وكرامة، ونسب ومؤاخاة، فهو ليس مجرد رباط بين رجل وامرأة فقط، وإنما أيضا هو ارتباط أسر ببعضها، وقد تكون إحدى الأسرتين لا تناسب الأخرى، وهنا يؤخذ رأى الأهل بعين الاعتبار.
وينبغى عدم إغفال جانب الأسرة حتى لا تقطع رحمك وتفسد علاقتك بأهلك، فاجتهد فى إقناعهم بوجهة نظرك، واختيارك واطلب منهم بيان سبب الرفض، فإن وجدته مناسبا ومعقولا، فخذ به وإن وجدته غير منطقى، وما هو ألا تعنت فقط، فاجتهد فى إقناعهم حتى ولو استعنت ببعض الأقارب، وليعلم أهلك أنك أنت الذى ستتزوج وستعيش مع شريكة حياتك، ولا أرى مشكلة فى وجود ابنيها معها مادام أمر تربيتهما موكول إلى أبيهما، كما أن «الوظيفة المرموقة» ليست من مسوغات الزواج بأى حال من الأحوال، فالزواج سكن ومودة ورحمة، وأرجو من أهل هذه السيدة أن يستمعوا إليك جيدا، ويقدروا حبك لابنتهم، أما حكاية أن تلتقى بها أو تتحدث معها يوميا من باب تفريغ طاقة الحب الكامنة لديك، فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، ولو أنك تحبها حقا لما طلبت ذلك، فما تريده منها يفتح باب الشيطان، ويمس سمعتها، ومن أحب أحدا يبذل أقصى ما فى وسعه لكى يظل فى أعين الآخرين فى أبهى صورة.
أرجو أن يعى أهلك ذلك، وأن يوافقوا على رغبتك ماداموا لا ينكرون على «حبيبتك العائدة» خلقا ولا دينا، وفقك الله.
رابط دائم: