رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الطقوس بين الوعى الجمعى والفردى

على مدى التاريخ ارتبط البشر بالطقوس الاجتماعية والدينية على السواء، فى كل دين هناك طقوس خاصة به، تتطور طرق ممارسة تلك الطقوس بتطور المجتمعات، ولارتباطها إلى حد كبير بالعادات والتقاليد؛ برزت نسخ متعددة من التدين الشعبي تتبنى أنماطا من الممارسات الدينية والشعائر والطقوس، وهذا الأمر ينطبق على جميع الديانات. ولكن كيف تتشكل تلك الطقوس؟ وكيف تؤثر على الوعى الجمعى وتتأثر به؟ وكيف انتهى الحال بالدين ليتحول إلى طقوس شكلية تتحكم فيها العادات والتقاليد، التي قد تكون معطوبة وتتناقض مع الدين والإيمان الصحيح في كثير من الأحيان، ورغم ذلك تبقى وتتجذر حتى يصعب التخلي عنها.

يعتبر عالم النفس الاجتماعى مات جي روسانو في كتابه «الطقوس في تطور الإنسان والدين: المصادر النفسية والطقوسية» أن الطقوس المتنوعة هي آليات «لإدارة الموارد»، حيث نتجت الطقوس عن الحاجة إلى تنمية الموارد الاجتماعية اللازمة للحفاظ على المجموعات البشرية التعاونية، ويُظهر كيف تعالج الطقوس المشكلات المجتمعية من خلال تنمية ثلاثة موارد نفسية: الالتزام بالقيم المجتمعية ، والنوايا الحسنة لأصحابها والدعم الاجتماعي أو رأس المال الاجتماعي. ويعد توحيد المجتمعات معا في مواجهة التهديد أو الكارثة إحدى الوظائف الأساسية للطقوس، ومن ثم هي تمنح أفراد المجتمع الثقة وتبدد همومهم وتضبط تنظيماتهم الاجتماعية. ويجادل سكوت دريبر في كتابه «طقوس التفاعل الديني: علم الاجتماع الدقيق للروح» بأن النشاط الطقسي المشترك ينتج معتقدات وقيما مقدسة. يعتمد مفهوم الروح في هذا الكتاب على أفكار إميل دوركايم ومفهومه لـ «الفوران الجماعي» للإشارة إلى شدة التجربة العاطفية التي تظهر بين الأشخاص المنخرطين بها معا بنجاح، فكل عاطفة يتم التعبير عنها يتردد صداها دون تدخل في الوعي الجمعى ومن ثم ينتج ذلك الفوران حالة من التضامن الجماعى الممتدة الأمد تؤثر على تشكيل وعى الفرد وتجذير الرموز المقدسة وشعائر الطقوس داخل وعيه. عندما تعمل الطقوس الدينية ارتباطا برمز المقدس على نطاق واسع بالمجتمع فإنها تشكل مشاعر اليقين بشأن الهوية والأخلاق والحقيقة. الفكرة التي يدافع عنها درابر هنا هي أن المعتقدات والقيم المقدسة هي نتيجة للطقوس الدينية، وليس العكس، وأن نظرية طقوس التفاعل الدينى هي التى تفسر كيف أن الهوية والأخلاق والأيديولوجيا هي إنجازات جماعية تعتمد على اختيارات الجماعات بشأنها، وكيفية ترتيب ممارساتهم الطقسية.

تلك النظرية تفسر أيضا كيف يمكن أن يتأثر الوعى الفردى بالوعى الجمعى في اتباع الطقوس الشكلية التي تتحكم فيها العادات والتقاليد حتى لو كانت تتعارض مع صحيح الدين. فبمجرد أن ينتشر الدين إلى مجتمع أوسع ، قد تظهر أنماط مختلفة من الطقوس إما من العادات المحلية أما من دمج الطقوس الدينية مع التقاليد المحلية. غالبا ما يؤدي استيعاب الممارسات الجديدة إلى استقطاب أتباع الديانات في مجموعات إما منفتحة على التأثيرات الجديدة ، أما الذين يرفضون التنازلات ويعتبرونها بدعا محظورة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق