أنا سيدة عمرى سبعة وعشرون عاما، تزوجت منذ أربع سنوات، ورزقنى الله بطفل عمره ثلاث سنوات ونصف السنة، وقد بدأت معاناتى منذ فترة الخطبة ببخل فى بعض الأوقات وعدم اهتمام وإهانة فى أوقات أخرى، ورفض أهلى إتمام زواجنا، لكنى أصررت على الارتباط به لما وجدته من معاملة طيبة من والدته التى كانت تقول لى إننى أعدت السعادة إلى بيتهم الحزين الذى لم يذق طعم الفرح منذ وفاة ابنهم الشاب، وبعد الزفاف لم أجد أى اهتمام منه، وكأننا متزوجان منذ سنوات، ولسنا عروسين جديدين.
وذات يوم دق جرس هاتفه المحمول، وظهر اسم رجل، فلم يرد، وكرر صاحب الرقم الاتصال مرات عديدة، فسألته: ألا يعلم المتصل أنك عريس، فرد علىّ بأنه لا يحكى لأحد شيئا عن حياته الشخصية، وبعدها عرفت بالمصادفة أن سيدة هى التى اتصلت به، وأنه وعدها بالزواج، لكنه تخلى عنها، ودأب على تجاهلى وعدم الحديث معى، وبعد فترة عرفت أنى حامل، ووقتها لاحظت الفرحة فى عينيه، وسعد الجميع، وكان كل همى أن أرضيه، وأجبر بخاطر أهله، وأكون سببا فى فرحة بيتهم الكئيب.
وبعد خمسة شهور اكتشفت أنه يتحدث فى الهاتف كثيرا مع فتاة أوهمها أنه سوف يتزوجها، وقد أخذ منها مالا واشترى به بعض متطلبات «توضيب الشقة» على أساس أنهما سوف يتزوجان فيها، وعرفت البنت أنه يكذب عليها، وعلمت بزواجه منى، فجاءتنى واعتذرت لى، وأبلغتنى بما قاله لها، بل وصدمتنى بقولها إنه يعرف امرأة أخرى مطلقة، وبالتحرى عما قالته لى وجدت كلامها صحيحا، وقد أفهم الثالثة أنه طلقنى وسوف يتزوجها.
وواجهته بما فعله، فاعتذر لى، ومرت شهور ووضعت طفلى، لكنى لم أشعر بالأمان برغم إخلاصى له، وسعيى المستمر لإنجاح حياتى الزوجية معه، وحلمى بأن يكون أحسن واحد فى الدنيا، وعاد إلى الحديث مع المرأة المطلقة فتحدثت فى الأمر مع أخيها، فإذا به يرد علىّ بأنه سوف يتزوجها، وأن التعدد من حقه، فحرق قلبى بكلامه، ولم أخبر أهلى بشىء فى حين أن أهله يعرفون عنه كل تفاصيل حياته، ثم غضبت عند أهلى لفترة، وأصبح عمر ابنى عاما ونصف العام، ولم يأت للصلح، فطلبت الطلاق، وأبلغته أننى متنازلة عن جميع حقوقى، فوافق فى البداية، ثم تراجع وطلب الصلح، وتعهد لى بأن يغيّر سلوكه، ويحسن معاملتى، وبالفعل عدت إليه، ولم يمر شهر واحد حتى عاد إلى بخله من جديد ومعاملته الفظة، وأنكر جميل أمى التى ساندته من أجل أن يقدرنى، ونعيش معا فى راحة وطمأنينة، وقد مرضت ذات يوم، فجاءتنى أمى وزوج أختى، فقابلهما بقلة ذوق، ولمّا ثرت عليه هدأنى أهله لكى تمر الأزمة بسلام، ومن مواقفه الغريبة رفضه مبيت ابنى عند أهلى، ووجدته يعاملنى بنفس معاملة أبيه لأمه، فلا مودة ولا احترام، ولا رحمة.
ومع تكرار إهاناته وتعنته ضدى أصررت على الطلاق، واتفقت معه على أن آخذ ما أحضرته من أثاث وأدوات كهربائية، وأن يسدد المؤخر لى على مراحل، وأن يظل ابننا بيننا، لكنه أخذ الولد ولم يف بوعده، وقال لى صديق له إنه كان يجب وضع النقاط على الحروف عن طريق المحكمة لكى يعرف كل منا ما له وما عليه، فهل أخطأت عندما أردت أن يتربى الولد بيننا؟.. لقد خشيت أن يصاب ابننا بعقدة نفسية، وفضلت «الحل الودى» على حل المحكمة، وكانت هذه هى النتيجة.. إنه محام، ويحاول وضع العراقيل أمامى، فبماذا تشير علىّ.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
دلت كل الشواهد منذ البداية على طباعه السيئة، وأسلوبه الفج فى التعامل، والحياة، لكنك تغاضيت عن هذا العيب الخطير وتمسكت بالزواج منه، وكانت النتيجة الحتمية لهذا الزواج غير المدروس هى الانفصال، بعد أن أنجبتما طفلا تتصارعان على حضانته، وسيكون هو الضحية الوحيدة لرعونتكما.. صحيح أن كثيرات من الزوجات يرغبن فى بناء علاقة زواج قوية على أساس التفاهم والمودة، ولكن للأسف يلجأ البعض إلى إهانة زوجاتهم ومعاملتهن بطريقة غير لائقة مما يدفعهن إلى الشعور بالحزن الشديد وفقدان الثقة بالنفس، قد يكون ذلك ناتجا عن تعرض الزوج للضغوط اليومية وظروف نشأة غير صحية.
إن الصراحة هى الطريقة الوحيدة لعلاج الخلافات الزوجية، ووضع النقاط على الحروف، وغير مقبولة إهانة الزوج زوجته بل إنها غير جائزة؛ فلقد أمر الله الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، حيث قال تعالى: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ»، وقال أيضا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْها وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرا كَثِيرا»
ويجب عليه أن يحسن معاملتها، وفى الحديث الشريف: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقا رَضِيَ منها آخَرَ، وبذلك يتبيَّن حكم إهانة الزوج زوجته إذا أخطأت، ولو رأى الرجل أن زوجته لا تطيعه فى الأمور الحسنة وتُخالف شريعة الله التى أنزلها فيتّبع معها الوعظ والكلمة الطَيبة.
ولقد فات زوجك ذلك وكان عليك مع إصراره على أخطائه بحقك أن ترفعى شكواك منه لذوى الحكمة والرأى من الأهل، فإن لم يتمكنوا من الوصول إلى حل معه، فلك أن تطلبى الطلاق.
إن للزوجة الكثير من الحقوق على زوجها، ومنها أن ينفق عليها بالمعروف لقوله عز وجل: «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَة مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ».
هذه هى بعض الحقوق الثابتة للزوجة، لكن والد ابنك لم يوفيك حقك، واستحالت العشرة بينكما، وعليه أن يعلم أن حضانة الطفل من حقك بالقانون، وأن موافقتك على أن يعيش بينكما خطوة طيبة من جانبك، ولكن مع عناده ستقر المحكمة بأحقيتك فى حضانته، ويكون له حق الرؤية فليستمع إلى صوت العقل والحكمة، وليبتعد عن طريق «العلاقات الغرامية» والتغرير بأخريات لأنه لن يحصد فى النهاية سوى الندم، وأسأل الله له الهداية، ولك التوفيق والسداد.
رابط دائم: