«العفريتة» عنوان أحدث كتب الكاتب الصحفى محمد سلماوى، وهو تجسيدٌ لكتاباته الساخرة، والمقصود بـ«العفريتة» تلك الآلة التى كانت تُستنسخ منها الصور قبل اختراع التصوير الرقمى، وتكون فيها الألوان معكوسة، فيأتى الأسودُ فيها أبيضَ، والأبيضُ أسودَ، ومن خلال تلك الألوان المعكوسة تُطبَع الصورة بشكلها الصحيح.
يستهلُ سلماوى كتابه بمقال «مصر بلد السياحة» ليواجه الشائعات التى تُشوه صورة مصر، فيكشف أنه فى طريق عودته من رحلة إلى باريس، التقى ببعض السياح الفرنسيين، الذين ما إن عرفوا أنه مصرى حتى أحاطوا به؛ ليُميط لهم لثام الحقيقة عما يشغلهم من هواجس، ويُعكر صفوهم بسبب زيارتهم مصر فى توقيت سيئ، إذ تُغطى سماء مصر المحروسة سحابةٌ سوداء، تعتل من قسوتها صحة السكان سواء من المقيمين أو السياح الوافدين! فيأتى رده مُنتهجا نهج «العفريتة» فى التصوير فيبالغ فى وصف سواد الواقع فى مصر بغرض الإثارة والتشويق، وشد انتباه السائل، الذى يُنصت وكأن على رأسه الطير، ليفاجأ بعد هذا أن سلماوى يثبت أن مصر هى أجمل بلاد الدنيا، وخلال تلك «الجدلية» العقلية القائمة على الشئ وضده يصل سلماوى إلى مُبتغاه، وهو أن هذه مجرد شائعات ليس لها غرض إلا تشويه صورة مصر.
ويقوم منهج الكتاب على الإقرار بوجود الوضع المغلوط، وإثباته بصورة مبالغ فيها، ثم نفيه مطلقا، وإثبات أن ذلك مجرد أوهام. ويظهر هذا المنهج جليا عندما ردَّ على تخوف السائلين من تلوث مصر بسبب السحابة بقوله: «ليس الأمرُ بهذا السوء، فتلوث الهواء فى مصر موجود على مدار السنة، وليس فى هذا التوقيت فقط»، ويذكرالكاتب سببا آخر من أسباب التلوث وهو التدخين، فيؤكد أن المصريين أكثر شعوب العالم تدخينا، وأن المخدرات كالحشيش والأفيون أشد فتكا بسكان مصر من تلك السحابة السوداء، ثم يأتى بعد ذلك أسلوبه الساخر فيؤكد أن الدولة لم تألُ جهدا فى محاربة تلك العادة القميئة إذ عمدت إلى رفع لافتات ــ ممنوع التدخين ــ فى كل مكان خاصة الأماكن التى يتردد عليها السائحون، بعدها يعرج الحديث بينه وبين إحدى السائحات عن الخطر الأسود الإرهاب، فيؤكد أنه ليس ظاهرة مصرية خالصة بل توجد بصورة أبشع فى كل بلدان العالم.
ويتناول «الديالوج» قضايا أخرى منها حوادث الطرق واحتراق القطارات وغيرها من القضايا التى اعتاد أن يٌثبتها تماما، ثم ينفى وجودها بأسلوبه الساخر، أو يبين أنها من المغالطات المُغرضة.
«العفريتة» جاء فى مقدمة و7 عناوين رئيسة هي: مصر المحروسة، وسياسة، وأمور الدين، وثقافة، وصحافة وإعلام، وشئون دولية، وإسرائيليات، ضمت مجموعة كبيرة من المقالات الســاخرة فى الحياة والناس.
رابط دائم: