رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ناعوم شبيب.. مصمم «برج الكرامة»

شبيب .. صاحب تحويل حلم البرج إلى حقيقة

ابتسم الرئيس جمال عبدالناصر عندما تلقى ردا من المهندس ناعوم شبيب – منفذ برج القاهرة – على سؤال حول ارتفاع البرج، مجيبا بأنه سيكون أعلى من الهرم الأكبر. وفى حقيقة الأمر أن ابتسامة عبدالناصر لم تكن مجرد تعبير عن الفخر، بإنجاز معمارى عظيم، وإنما كانت أكثر منها اعتزازاً بالنجاح فى توصيل رسالة مهمة للعالم بعدم المساس بكرامة مصر والمصريين.

فالزعيم الراحل عبدالناصر كان داعما ومؤيدا للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى، وبطريقة غير مباشرة أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تجعله يتخلى عن دعمه ذلك، فقامت بإرسال مبلغ 6 ملايين جنيه كمساعدات لمصر، وبالفعل وافق الزعيم الراحل على قبول المبلغ وقرر استخدامه فى إقامة البرج . يقول المؤرخ الراحل جمال حماد(1921-2016) واصفا «برج القاهرة» بأنه أطول كلمة «لا» قيلت أمام العالم أجمع.

وتم تكليف يسرى الجزار، ضابط بجهاز المخابرات العامة، بالإشراف على عملية تنفيذ البرج واختار موقعه منطقة الجزيرة بالزمالك. ولكنه اصطدم بموجة من الرفض أقطابها عدد من أساتذة العمارة بكليات الهندسة، أساسه رأيهم باستحالة تشييد البرج فى هذه المنطقة تحديداً. والسبب كان من وجهة نظرهم تربتها الطينية. فوفقاً لما أورده اللواء الدكتور عادل شاهين، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق فى كتابه «برج القاهرة..أول مهمة لجهاز المخابرات العامة المصرية»، التى ترد نقلا عنه فى كتاب الصحفى عمر طاهر « صنايعية مصر»، فإن الضابط يسرى الجزار لم ييأس من تنفيذ فكرته وفى أثناء تجوله فى الشوارع المحيطة بميدان باب اللوق لاحظ وجود عمارة شاهقة مازالت تحت الإنشاء، وسأل عن المهندس المسئول عن بنائها وذهب للقائه فى مكتبه.

فكان اللقاء الأول بين الجزار والمهندس ناعوم شبيب، ووفقا لما يحكى شاهين فإن الفكرة والموقع قد نالا إعجابه، فقام بعمل تجربة عملية أمام الجزار بإحضار كتلة من الصلصال داخل إطار خشبى وبدأ فى تسوية وتوزيع الصلصال بداخله، ثم جاء بقلم رصاص ووضعه فى وسط الصلصال، وبعد عدة ثوان لاحظ ميل القلم لإحد الجوانب، وظل يحاول عدة مرات مع إضافة كمية من الصلصال لزيادة العمق والسمك حتى نجح فى تثبيت القلم عمودياً، ونظر إلى الجزار نظرة طمآنة بإمكانية إقامة البرج فى هذه المنطقة.

رفض المهندس ناعوم تقاضى أجر عن بناء البرج، واكتفى بثلاثة طلبات، أولها سداد مرتبات المساعدين والملاحظين الذين سينفذون البناء، وثانيها، ضمانة توفير كميات كبيرة من الأسمنت لمدة قد تصل إلى أربع سنوات، وأخيراً أن تكون أحجار الجرانيت هى المادة الأساسية فى البناء لأنه سيحتفظ برونقه وجماله عبر الزمان. وكذلك الاتفاق مع مورد من محاجر أسوان ليحضر كميات كبيرة منها والتأكيد على استمرارية نقلها إلى القاهرة طوال سنوات البناء. واستمر البناء منذ عام 1958 حتى تم افتتاحه فى 11 ابريل 1961.

ولد المهندس المصرى ناعوم شبيب فى القاهرة عام 1915، وهو مخترع أسهل طريقة لبناء القباب الإسلامية، وصاحب مقولة «التشييد هو عمل الإنسان لمصلحة أخيه الإنسان». فقد كان يرى أن البناء ليس مجرد جدران صماء، وإنما هو تجانس المواد والطاقة والإنسان معاً ليفرز فى النهاية مبانى تعبر عن الشعوب وثقافتها . وشبيب هو صاحب إبداعات معمارية منتشرة فى أنحاء مصر، منها مقر «مؤسسة الأهرام الصحفية»، و»سينما على بابا»، و»عمارة بلمونت»، وكنائس سانت كاترين بمصر الجديدة وسانت تريز ببورسعيد. ظلت تلك المعالم الاستثنائية شاهدة على إبداعه بعد وفاته فى 13 مايو 1985 بمدينة مونتريال الكندية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق