من قال إنها لغة ميتة؟! إنها لغة حية، بجميع أشكالها المكتوب والمغنى والنصوص الملائمة للتلحين. هكذا انطلقت حالة سيطرت على المصريين ومشاعر مزجت بين الفخر والرغبة فى الاستزادة من كل ما هو مصرى قديم، اللغة، والتاريخ، والموسيقى، وكل ما هو مصرى قديم بعد انتهاء حفل « موكب المومياوات الملكية».
وكان فى هذا الزخم تذكرة بإحدى أقدم محاولات بعث الموسيقى الفرعونية وإعادة تقديمها إلى المستمع المصرى والعالمى على يدى الدكتور خيرى الملط، أستاذ التربية الموسيقية بجامعة حلوان. يحكى الدكتور خيرى كيف أن فرقته بدأت أول عروضها فى نوفمبر 2007، وذلك بعد عقود قضاها الدكتور المحب لحضارة بلاده فى الطواف بين المعابد والمواقع الأثرية المختلفة فى جنوب مصر.
يحكى الدكتور خيرى : «لم يكن هناك أى اهتمام بهذا التراث فى دراستنا الموسيقية الأكاديمية، وكان ذلك نقصا فادحا، اكتشفت ذلك عند انتدابى للتدريس فى قنا تحديدا، وخلال مرات وجودى هناك بدأت فى زيارة المواقع الأثرية وزاد اهتمامى بما يخص الموسيقى الفرعونية»
عشرة أعوام قضاها محب الموسيقى الفرعونية، الذى أنفق فى شبابه سنوات على دراسة الكمان فى ألمانيا، فى الدراسة المباشرة الميدانية بالمعابد والأطلال الأثرية، فالأصعب جاء لاحقا، بعد أن بدأ جولات متخصصة بالمتاحف حول العالم لبيان وحصر الآلات المصرية القديمة.
يحكى الدكتور خيري: «هناك ما بين اربعين وخمسين نوعا للآلات الموسيقية لدى المصرى القديم، فنجد من العود ( الكمثرى ) مثلا خمسة أنواع ومقاسات، ولكل نوع ومقاس منها دور رئيسى. فالآلات الوترية بدأت مثلا بأربعة أوتار قبل تطورها وزيادة أوتارها وتحديث تصميمها بما يخدم الهدف منها. وقد تم عمل نماذج مستنسخة من هذه الألات.
لكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحا، وهو كيفية التعرف على النوتة الموسيقية المستخدمة قديما. يوضح الدكتور خيرى أن السبيل إلى ذلك تم عبر دراسة دقيقة للجداريات الفرعونية، وتجربة بعض الآلات العتيقة، بما مهد إلى تحقيق معرفة متكاملة حول موسيقى المصريين القدماء.
كانت المرحلة التالية فى إرساء نواة فرقته المتخصصة فى الموسيقى الفرعونية القديمة وأسس دبلومة أكاديمية متخصصة فى الموسيقى الفرعونية تشمل الموسيقى المصرية القديمة ودراسة اللغة الهيروغليفية. هل يمكن أن يكون باعث الموسيقى الفرعونية قد حقق كافة أهدافه؟ يجيب الدكتور خيرى نافيا ومؤكدا أنه رغم تجاوزه سن الثمانين إلا أنه يسعى إلى توثيق تجربته، مطالبا المسئولين بالاستعانة بفرقة الموسيقى الفرعونية، على أن يكون أداؤه مازجا ما بين النصوص الفرعونية والترجمة العربية والغربية.
رابط دائم: