رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رأى فى قضية..
أدب الدين فى مواجهة أزمة الأخلاق

د. وجيه محمود

لا يخفى على أحد أن مجتمعنا، والمجتمعات جميعها، تعانى أزمة أخلاقية عاتية تلقى بظلالها على كل مرافق الحياة. وما شهدناه أخيرًا من حوادث تحرش، ما هو إلا لافتقاد للأدب الإسلامى الذى تشتد حاجتنا إليه. فإذا أردنا أن نتخلص من تلك الآفات والرذائل, لا مناص من عودة القيم التى هجرها كثيرون. وفى مقدمتها: قيمة الأدب، فهو فى الدين والرسالات السماوية ذو مكانة عظيمة. فكل نبى أرسله الله، عز وجل، كُلف بمهمتين رئيسيتين: تصحيح العقيدة، وتقويم السلوك. لذلك يقول نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». فغاية بعثته، عليه السلام، غاية أخلاقية لأن المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب تهذيب أخلاق الناس، وتقويم سلوكهم، لما يترتب على ذلك من نشر الأمن والأمان.

من هنا كان سلفنا الصالح حريصين على الأدب حرصهم على العلم، لأنهم يعلمون أن العلم بلا أدب جسد بلا روح، ولما فى الأدب من تزكية النفوس، وطهارة القلوب، واستقامة الجوارح، كما أنه بالأدب يترفع الإنسان عن رذائل الأخلاق وسفاسفها. والأدب، كما وصفه ابن عباس، رضى الله عنه: زيادة فى العقل، ودليل على المروءة، ومؤنس فى الوحدة، وصاحب فى الغربة، ومال عند القلة.

جاء فى المصباح عن الأدب أنّه: تعلم رياضة النفس، ومحاسن الأخلاق. وقيل: الأدب ملكة تعصم من قامت به عما يشينه. وقال ابن القيم - رحمه الله -: الأدب اجتماع خصال الخير فى العبد.

فالأدب خلق وسلوك ينبغى أن يحرص عليه المسلم، فهو من أبرز سمات الشخصيّة المسلمة، ومظاهر تميّزها بهذا الدين، لذا فإنه يتحتم على المسلم معرفة الآداب الشرعية، والالتزام بها فى جميع الأمور، وقد حثَّ الإسلام المسلم على أن يعتنى بتلك الآداب، لاسيما مع أهله وذويه، وأن يذكّرهم ويؤدبهم بها. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا». (التحريم: 6). والأدب هو التطبيق العملى لأحكام الدين. والرسول، صلى الله عليه وسلم، هو القدوة الحسنة فيه للأمة جميعا. قال تعالى «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» (الأحزاب:21). فأدب المسلم من صميم هذا الدين، وتشريعاته، وأحكامه، وهو أمرٌ غفل عنه كثير من الناس، مع أن الاسلام يجعله أمرا ضروريٌا للمسلم مع ربّه سبحانه وتعالى، ومع الرسل، ومع الخلق عامّة. وقد بيّن الإسلام كيف ينبغى أن يكون المسلم فى شئون حياته وعلاقاته مع الناس، وفى طعامه وشرابه، وسلامه واستئذانه، ويقظته ونومه، ومجالسته وحديثه، وجِدّه ومزاحه، وتهنئته وتعزيته، وعطاسه وتثاؤبه، وقيامه وجلوسه، وحتى فى معاشرته لزوجته، وغير ذلك من الآداب التى لا يمكن حصرها.

تلكم قيمة «الأدب» فى ديننا الحنيف، الذى إذا التزمنا به، عفّ المجتمع، وتلاشت الرذائل.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق