رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ناشطو سويسرا يرفعون شعار «المصل للجميع» ضد «الأنانية الدولية»

د.آمال عويضة
شركات الدواء العالمية وسباق المصالح

منذ بدء حملات التطعيم فى سويسرا، فى مطلع هذا العام، والحديث يدور فى أوساط بعينها عن دور الغرب الثرى فى مساعدة الدول الأقل ثراءً، لمواجهة انتشار الوباء.

لكن خيبة الأمل، التى اكتملت مع مرور عام على الجائحة التى ضربت العالم، كشفت عن استغلال تجارى للأزمة وتجاهل للدول الفقيرة، والتمييز تجاه فئات بعينها فى داخل الدولة الواحدة، كالسجناء والمعتقلين الفلسطينيين ،كما هو الحال فى إسرائيل.

هذا ما أكده تقرير منظمة «بابليك آى»، حيث رفعت الأخيرة شعار «المصل للجميع»، ووجهت اللوم إلى سويسرا، قلعة عمالقة الأدوية، والمقر للعديد من كبرى شركات الدواء العالمية.

 

 

 

ضد الاستغلال

وتعد «بابليك آى» أو «عين المجتمع» منظمة غير حكومية وغير هادفة للربح، يقع مقرها فى مدينة لوزان بإقليم فو الفرانكفونى، بالإضافة إلى مقر آخر فى زيورخ، مدينة المال السويسرية، حيث تحظى بمساندة نحو ٢٥ ألفا من الداعمين، والآلاف من المتطوعين ،الذين يحلمون بعالم أكثر عدلاً وإنسانية.

تعد المنظمة المستقلة بمثابة شوكة المعارضة فى جنب سويسرا، لنقد سياساتها الرأسمالية، وكشف التأثير السلبى لمؤسساتها على البلدان الفقيرة.

بدأت «بابليك آى» عملها الاستقصائى قبل ٥٠ عامًا، تحت اسم «إعلان برن»، لإجراء التحقيقات والمتابعات وحملات التوعية والحشد لـ«لوبى» من أجل الوقوف فى وجه وحوش الرأسمالية، والتذكير بالمسئولية الاجتماعية للشركات العاملة فى مجالات التجارة والصحة والزراعة، والمستهلكة للمواد الخام.

فى منتصف شهر مارس الحالى، أصدرت «بابليك آى» تقريرها عن الاحتكار الدوائى فى حقبة كورونا، الصادر فى نسخة إلكترونية من ٥٠ صفحة، والذى افتتحته بمقولات قادة الدول ومنظمة الصحة العالمية على مدى العام مثل «لا أحد فى مأمن حتى يصبح الجميع بأمان»، و»لن نترك أحدًا وراءنا»، وهى المقولات التى داستها عجلات الصفقات الدائرة مع بدء حملات التطعيم فى الدول الغنية، فى الوقت الذى سيتعين فيه على البلدان الفقيرة الانتظار لشهور أو لسنوات لتحقيق مناعة القطيع.

وعلى الرغم من حق الصحة للجميع، الوارد ضمن بنود وثيقة حقوق الإنسان العالمية، كشف الدكتور تيدروس أدهنوم المدير العام لمنظمة الصحة فى مطلع العام عن مفارقات الأزمة بذهاب نحو ٣٩ مليون جرعة لعدد ٤٩ دولة من العالم الأول، بينما بلغ المتوسط للبلدان الفقيرة ٢٥ جرعة فقط! ولاحقًا استأثرت ١٠ دول بثلاثة أرباع الكمية من ١٣٠ مليون جرعة، فى حين لم تحظ ١٣٠ دولة بها 2٫5 مليار شخص بجرعة واحدة، ليصبح نصيب الدول الغنية التى تمثل ١٣٪ فقط من سكان العالم أكثر من نصف جرعات اللقاح الموعودة، فى الوقت الذى تدعم فيه منظمة الصحة مبادرة كوفاكس تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى لتوفير مليارى لقاح لنحو ٢٠% من سكان العالم فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بحلول نهاية العام.

تورط سويسرا

فى الوقت نفسه، أطلقت «بابليك آى»، بالتعاون مع منظمة العفو الدولية، بيانًا للتوقيع عليه، تحت شعار «من أجل سويسرا موحدة فى مكافحة الوباء»، وذلك فى مواجهة ما اعتبرته تواطؤا حكوميا سويسريا لحماية مصالح صناعتها الدوائية، عبر إعاقة الجهود الدولية لتعزيز الوصول العادل إلى اللقاحات والاختبارات والعلاجات. طالب البيان المجلس الاتحادى السويسرى بتعميم الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد كوفيد-١٩، لا سيما فى أثناء أزمة صحية عالمية كتلك التى نعيشها جراء كوفيد-١٩، إذ لا تزال عشرات البلدان غير قادرة على الوصول بسهولة إلى اللقاحات والعلاجات والاختبارات التشخيصية. وترى «بابليك آى» أن حل المشكلات العالمية لن يتم إلا بالتعاون، وليس بالاحتكار والاستغلال، إذ ترفض سويسرا على سبيل المثال الالتزام بمشاركة المعرفة اللازمة لمكافحة كوفيد -١٩ مع الدول الأخرى.

وتطالب «بابليك آى» سويسرا بوضع أولوية الحق فى الصحة مقدمة على مصالح صناعة الدواء عن طريق دعم الإعفاء المؤقت للملكية الفكرية «تنازل تريبس» للعلاجات والاختبارات واللقاحات ضد كوفيد -١٩، والانضمام إلى برنامج منظمة الصحة العالمية لتبادل المعرفة وتشجيع شركات الأدوية الدولية الموجودة فى سويسرا على الانضمام، وكذا إبرام عقود للمصلحة العامة مع الشركات المصنعة لشراء اللقاحات.

تحايل صناع الدواء

هاجمت الحملة المصاحبة للبيان من أسمتهم «بيج فارما» أو «عمالقة صناعة الدواء» واستغلالهم الجائحة لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب المصلحة الإنسانية العامة، فى نقد واضح لما تبثه وسائل الإعلام الموالية لكبريات شركات الأدوية، وهو ما فضحته «بباليك آى» بشرح الإستراتيجيات العشر لعمالقة الدواء القائمة، فى رأيهم، على تحديد أولويات البحث فقط على أساس الأرباح، وليس المصلحة العامة، والتركيز على الأمراض المزمنة أو «المربحة» تجاريا كالسكر والسرطان دون التطعيمات أو المضادات الحيوية «محدودة الربح»، إذ على سبيل المثال لم تهتم الشركات بأبحاث المختبرات الجامعية بعد سارس فى ٢٠٠٣، وتطوير نموذج لقاح أولى للحماية من سلالة فيروس «كورونا» فى جامعة تكساس عام ٢٠١٦، إضافة إلى إساءة استخدام البراءات للحصول على المعرفة لمصلحة مناطق غنية بعينها وتضخيم الأسعار والحد من التوريد.

كما تتضمن «الإستراتيجيات العشر لعمالقة الدواء» التركيز على أسواق البلدان الغنية التى حجزت ما يكفى لتطعيم جميع سكانها عدة مرات، ومنها كندا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا واليابان والاتحاد الأوروبى، التى بلغت حصة الفرد فيها من الواردات الطبية الاحترازية ١٠٠ ضعف مقارنة بالدول الفقيرة، فضلا عن التهرب من الشفافية والمسئولية والمحاسبة، بما يسمح بالمساءلة التى قد تؤدى لتحديد سعر معقول للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث يضطر الأفراد لتغطية تكاليف التطعيم، سواء من خلال التأمين أو الضمان الاجتماعى.

كما تعتمد تلك الإستراتيجية التى كشفتها «بابليك آى» على تشكيل التجارب السريرية لمصلحتهم الخاصة، بما يعرض حياة البشر للخطر، كما حدث مع فضيحة «تاميفلو»، والتلاعب بالاختيار الانتقائى للنتائج، وتجاهل الإشارة للمخاطر المحتملة والآثار الجانبية الفادحة، فضلا عن إضفاء الطابع الاجتماعى على المخاطر وخصخصة الأرباح، وكذا تحصيل الأموال العامة المخصصة دون تعويض، إذ على سبيل المثال تم تمويل أبحاث الأدوية التى تم التصريح بها من إدارة الاغذية والعقاقير الأمريكية ما بين عامى ٢٠١٠ و٢٠١٦ من أموال الضرائب.

وتقوم تلك الإستراتيجية التى يعتمدها كبار صناع الأدوية على فرض أسعار غير مبررة ولا جدال فيها، وتبقى محتويات العقود والخصومات التى تمنحها شركات الأدوية سرية، حتى على البرلمانيين ،بما يسمح بالتلاعب بالدول، وإقناع كل منها بأنها حصلت على الصفقة الأمثل، وكذا صرف أرباح الأسهم بدلاً من الاستثمار فى الأدوية ودعم المختبرات ذات المحتوى المشاع، إضافة إلى الاستثمار فى دعم لوبى أو جماعة ضغط للتقليل من شأن مبادرات داعية لإتاحة المصل، والوقوف فى وجه تخفيف القيود على الملكية الفكرية أو تعطيلها مؤقتاً، ونقل التكنولوجيا إلى الشركات المصنعة فى الدول النامية.

ويرى تقرير «بابليك آى» أن التصريحات المعسولة لشركات الأدوية العملاقة والدول الغنية «إنما هى حملات للنفاق التى لا تغنى ولا تسمن من جوع، بينما تهدف هذه الشركات للاستفادة من مد فترة الجائحة، والاهتمام بالزبائن من الدول الغنية القادرة على دفع المبالغ المطلوبة، فى الوقت الذى يجب فيه على الدول متوسطة ومنخفضة الدخول الانتظار لأعوام تحصد أرواح الملايين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق