أنا الحارس الأمين على رأس القناة .. شاهد الحرب والسلام .. أسهر على بوابة مصر الشرقية منذ أطلقت شعاع نورى الأول فى 1868.
أنا «فنار بورسعيد» .. الدليل والمرشد لسفن الحضارة الغربية العابرة لسحر الشرق فى بلاد التنين الأصفر والهند أم العجائب.
ضوء «بنورتي» الواصل لغاطس البحر المتوسط، جار القمر ليلا، كان شارة الوصول لليابسة المصرية ومدخل قناة السويس الشمالى لدى القباطنة والبحارة والمسافرين على متن السفن الشراعية والبخارية بعصور ما قبل سفن الحواسب الآلية، التى لا تحتاج لأضواء فنارات لبلوغ غايتها.
بكيت فى صمت لإغلاق القناة عقب نكسة 67، واعتصرنى الحزن لهجرة أهالى بورسعيد لمحافظات أخرى، والثابت الوقور الذى تراقص فرحا مع إعادة افتتاح القناة فى 5 يونيو 75 وعودة المهاجرين لأحضان بيوتهم.
كنت أعلى المبانى حتى 1987، حيث تجرأت المحليات على تاريخى وكيانى بإلغاء قرار قيود الارتفاعات من حولي، فصارت الأبراج السكنية تمنع ضوئى رغما عن أنفى .. ليصدر قرار إحالتى للتقاعد واستبدالى بفنار حديدى أمام شاطئ بورسعيد.. فنار مسخ لا يقارن على الإطلاق بجمالى.
أنا ضحية الإهمال والتجاهل بعد الأيام الخوالى والعصور الذهبية، وأعيش حاليا على أمل تحويلى لمزار سياحى.
أنتظر ضيوفى الراغبين فى إطلالة رائعة على نقطة التقاء المتوسط بالقناة، والسفن العابرة للمجرى الملاحى، فهل تكتبون شهادة ميلادى الثانية؟
رابط دائم: