رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بالقلم ..تيسير تسير نحو أحلامها

سارة رمضان

لا تزال المرأة تعانى فى بعض المناطق، من أفكار ترى فى اقتحامها مجال العمل أمرا مشينا، فى وقت استطاعت فيه المرأة خلال حقب قريبة ماضية، أن تسعى نحو طموحها فى التحرر والانفلات من أسر العديد من هذه الأفكار، فإننا نصادف نماذج نسائية تتميز بالوعى وصلابة الإصرار والتحدى لتحيق ما تسعى نحوه من آفاق تثبت من خلالها وجودها كإنسان له الحق فى تحقيق أحلامه المشروعة، والعلم والعمل، فى هذه السطور نتجول فى رحلة لنموذج للمرأة القوية والذكية والمثابرة فى الصعيد، المرأة التى ترتقى بنفسها لتعلو بصوتها وشخصيتها وتقول أنا هنا.

تيسير النجار كاتبة شابة من أقصى جنوب مصر فى أسوان، وجدت أن شيئا من الرؤى الموازية يخالج روحها، وتصويرا فاتنا لواقع يثير فتنة الشفقة يرقص على تخوم ذائقتها فأرادت لهذا الرقص الإبداعى أن يتحرك فى مساره الطبيعى ويتحرر من أسر النفس إلى الوجود الشاسع عبر الكتابة الحية من لحم ودم، ورغم كل شيء كتبت وصدرت لها مجموعات قصصية وروايتين ونشرت فى الدوريات الثقافية ولا تزال تصاحب كتابتها كصديق وفى لم يتخل عنها فى أحلك الظروف والمواقف.

وتقول تيسير إن المرأة وضعها بائس والأكثر بؤسًا أنها تصدق ذلك داخل نفسها، غاية وجودها أن تتزوج رجلًا مناسبًا، تمر بالحياة بلا ضجيج، أراهم فى جنازات بعض النساء يمدحونها «كانت فى حالها» و«عمر ما حد سمع صوتها» لكننى أردت أن يسمع الجميع صوتى، أنا هنا ولا يرضينى، أريد أن أصل إلى هناك الذى يليق بى وأحلم به، فأنا لا أعترف بالتصنيف الجندرى، ولا أرانى كأنثى أقل من أى رجل، أشعر بأن بداخلى تلك الروح التى تتحدى فكرة الرجل الذى يفضله المجتمع على المرأة دون أى اختبار حقيقى، بداخلى الرجل الذى تمنى أبى إنجابه، وداخلى أيضًا المرأة التى أنجبت أمى.

وعن آلية عملها ومنهجها فى الكتابة والسعى وراءها تقول ابنة أسوان، قالها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) حيث لا يؤمن بك أحد، لا تخبره ووفر طاقتك للعمل، كنت أخبر أمى فقط بأحلامى، أمامى دائمًا دكتور طه حسين من أكثر الأشخاص إلهامًا، أتخيله بجوارى منذ سمعت عنه وقرأت الأيام، وهيلين كلير أيضًا، إنهما وصلا إلى غايتهما الكبرى، فبإمكانى الوصول إذن، كنت أدفع ذاتى من داخلى، وعلى الرغم من أن معظم الفنانين من أصول جنوبية لكن ما زال يُنظر إلى الفنانين والكتاب بأنهم ليسوا أسوياء، وذلك دفع بعضهم لنصيحتى حتى لا يضيع عمرى وراء الحروف ما بين كتابة وقراءة بلا فائدة، وأحيانًا التقليل من نظرتى للأمور حين أرجئ خطوة الزواج حتى أجد من يناسبنى.


ورغم الصعوبات والتحديات لم تجد مبدعة الجنوب فى نفسها ما يحول دون استكمال مسيرتها فى الإبداع، بل جعلت من الإصرار والمثابرة والعمل بصمت لغتها التى أعلنتها للعالم سواء من قبل حلمها أو رفضه، فكلهم على السواء بالنسبة لها، ولم تكن تعلن عن ممارستها الكتابة أو تتشدق بها أو ما شابه ولكن عاشت عشقها سرا ليعيش ويخرج للنور وهو مكتمل الأوصاف ومصان فى قلبها فهى من دونه ستكون كأخريات يبحثن عن اللاشئ فينتهين إلى اللا شيء، تؤكد تيسير توحدها بإلهامها فى الكتابة واستمتاعها بذلك، تقول كنت فقط أقرأ بمفردى وأكتب وأنشر ثم أعرض على الصحف، وأحمد الله كثيرا، فالكتابة فعل فردى ولا تحتاج لأكثر من اختلاء المرء بذاته وهذا ما توفره لى الحياة بكثرة، غير أن الحياة لا تخلو ممن يؤمنون بنا وبأحلامنا وهنا نجد للمرأة فى صورة الأم دورا آخر مكملا وداعما، تقول ولا أنسى أن أمى الحبيبة كانت دائما داعمة وتؤمن بى إلى حد كبير وتحفزنى وتؤكد أننى سأصل إلى كل ما أحلم وعلى النحو الذى أريده، أما باقى العائلة فصدقت ذلك حينما عرفتنى الصحف ورأونى على شاشات التليفزيون.

وعن علاقتها بالدراسة تشير ابنة النيل إلى هذا المسار وتضيف: أحب مجال دراستى الفنية وعملت به وهو مجال الكمبيوتر إلا أننى تطلعت للحصول على شهادة عليا خاصة أن لدى شغفا بمعرفة الإنسان وكيف يتكون لديه الدافع فاخترت دراسة علم النفس، وبما أن الفراغ يقتلنى ويزعجنى، أشعر بالركود والملل على نحو كبير، ولا أدرى سببًا لذلك هل طبيعة شخصيتى أم مرض ألمّ بى، ذلك يدفعنى لإنجاز المزيد من الأشياء فى الوقت نفسه، شعرت بأننى بحاجة إلى الدراسة الجامعية قدمت فى جامعة القاهرة بنظام التعليم المدمج، والامتحانات اجتازها فى جامعة أسوان وذلك لقربها من محل إقامتى، وستكون التجربة مفيدة لى، بالفعل أنا سعيدة جدًا بدراسة علم النفس، ذلك ألزمنى بالقراءة فى هذا المجال الهام، بينما الكتابة لا أجبر ذاتى عليها مطلقًا، وعن الكتابة نفسها وطريقة التفاعل معها تقول مبدعة أسوان الطموح: أكتب متى تكونت الفكرة ورغبت فى ذلك، فمنذ طفولتى والكتابة هى أنسى وونيسى، أكتب حتى يمر الوقت، أكتب حتى لا أنفجر، عندما عرضت ما أكتبه على مدرسى اللغة العربية شجعونى وقرأت القصص والروايات، ثم اشتركت فى مسابقات المدرسة وحصلت على جوائز، فقررت احتراف الكتابة.

وتختتم سمراء الجنوب القاصة والروائية: أسعدنى قول طفلة لى فهى تكتب ووالدتها تشجعها قائلة (اكتبى حتى تصبحى مثل تيسير النجار) شعرت بسعادة ومسئولية كبيرة، أتمنى لو أن وجودى يجعل الحياة أجمل قليلًا، وتكون حياتى دليلًا على أن هناك طريقا يستطيع المرء السير فيه بالرغم من وعورته فهو يستحق.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق