أثار مشروع قانون فرض ضريبة على الإعلانات فى بولندا غضبا عارما لدى وسائل الإعلام المستقلة هناك، واعتبرته بمثابة نوع من "الابتزاز" الذى يهدد كيانها ويهدف إلى إضعاف وتصفية بعض المؤسسات المستقلة التى تأثرت ميزانياتها بفعل جائحة كورونا. ليمثل الشرارة لإطلاق حملة إعلامية ضد الخطة المقترحة، وسط مخاوف من أن تحذو خامس أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي حذو عدد من جيرانها الذين فرضوا سياسات مقيدة على الكثير من وسائل الإعلام المستقلة في بلادهم، نظر لها البعض على أنها تتعارض مع مبادئ الكتلة الأوروبية.
وينص مشروع القانون الذى ناقشته الحكومة البولندية على فرض ضريبة تتراوح بين ٢٪ و١٥٪ من حجم مبيعات الإعلانات فى كل الشركات التي تحقق جزءا من دخلها من الإعلانات، من بينها المجموعات العالمية وعمالقة الإنترنت وكذلك دور السينما وشركات الإعلانات. وسيذهب نصف العائد الناتج عن هذه الضريبة إلى الصندوق الوطني للصحة ولمكافحة آثار الوباء، بالإضافة إلى صندوق حماية الآثار ومشاريع ثقافية أخرى.
ورغم تأكيد بولندا أنها تسعى، من بين أمور أخرى، إلى مساعدة النظام الصحى فى مواجهة الوباء وأن هذا النوع من الضرائب موجود في العديد من الدول الأوروبية، فإن المخاوف من تقييد حرية التعبير فى البلاد لاحت فى الأفق. ولاسيما مع تراجع بولندا من المركز الـ١٨ إلى المركز ٦٢ في مؤشر حرية الصحافة العالمي - بعد النيجر وأرمينيا- منذ عام ٢٠١٥. واتفق نحو ٨٠٪ من وسائل الإعلام المستقلة ببولندا الأسبوع الماضى على فرض حظر لمحتواها لمدة ٢٤ ساعة احتجاجا على المقترح الجديد واستبدلوا البرامج التليفزيونية بشاشات سوداء، ولأول مرة منذ ٣٠ عاما، استبدل راديو"زيت" البولندي برامجه التى تتخللها الفواصل الموسيقية برسالة مقتضبة تقول إن "حكومة بولندا تريد تدمير وسائل الإعلام المستقلة..ونحن نحتج حتى تكتشفوا كيف ستبدو بولندا دون وسائل إعلام مستقلة.. نعتذر لكم مستمعينا عن التغيير في جدول اليوم. ولكن ليس لدينا خيار".
وفى مواجهة هذه الاحتجاجات، التى اعتبرتها بولندا فى بداية الأمر خطوة تخدم مصالح وسائل الإعلام المستقلة، غيرت الحكومة نهجها معلنة عزمها تعديل أجزاء من مشروع القانون الجديد لتؤكد أن الضريبة لن تستهدف الكيانات الإعلامية المستقلة الصغيرة لكنها بدلا من ذلك تكبح جماح "العمالقة الدوليين".
رابط دائم: