لم يقبل الفرعون الشاب، توت عنخ آمون، بأن تكون قيامته من «مخدعه الأزلى» حدثا هينا بسيطا، فقد جاء ومعه سلسلة من الأزمات المتوالية. فبعد شهرين من افتتاح المقبرة فى 16 فبراير 1923، ووسط استمرار الجدل حول احتكار صحيفة «التايمز» أخبار المقبرة وصور محتوياتها، ذاع خبر وفاة اللورد كارنارفون فى أبريل 1923. وكارنارفون، واسمه الحقيقى جورج إدوارد هيربرت، هو ثرى بريطانى وممول عتيد لعمليات الحفر والتنقيب عن آثار «توت عنخ آمون» وغيره من الآثار المصرية القديمة.
وبخلاف كارنارفون، قضى عدد من المضطلعين باكتشاف مقبرة الفرعون الشاب نحبهم بشكل فجائى أو بعد مرض غامض قصير. ودعمت هذه الوفيات رواية « لعنة الفراعنة» التى ناقشتها «الأهرام» فى فبراير 1924 تحت عنوان «ضحايا توت عنخ آمون»، لتنقل عن بعض أطباء أوروبا والهند ترجيحهم أن يكون «عدم ملاءمة المناخ وسوء الاحوال التى جرى العمل فيها وشدة التعب» سببا رئيسيا وراء الوفيات المتوالية.
ولكن الأزمات لم تتوقف هنا، فمن 1923 إلى 1924، استمر النزاع بشأن التغطية الصحفية واحتكار «التايمز» أخبار المقبرة المنشودة، ولم يخفف ضيق المصريين بهذا الشأن إلا ما كان من اجتهاد مندوب «الأهرام»، واستعراض الأثرى الكبير سليم حسن تفاصيل زيارته إلى المقبرة على صفحات «الأهرام».
وفى الوقت ذاته، اشتعلت أزمة أخرى بشأن الفرعون الشاب مع تصادم وزارة الأشغال العمومية وورثة اللورد كارنارفون وهوارد كارتر بشأن إدارة الزيارات إلى المقبرة والتصرف فى محتوياتها. وبلغت الأزمة أعتاب المحاكم المختلطة التى كانت معنية بالفصل فى النزاعات القائمة بين المصريين والأجانب الوافدين، لتكن القضية الأشهر التى يشهدها هذا النظام القضائى، الذى بدأ العمل به عام 1875 وانتهى أمره فى 1949.
رابط دائم: