رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى مواجهة السلبيات واللامبالاة
«أنا مالى» .. شعار يرفضه الإسلام

تحقيق ــ  هند مصطفى عبد الغنى
مساعدة الضعفاء - تصوير: مصطفى عميرة

العلماء: «الإيجابية» سلاح المجتمع لحماية القيم ومقاومة الرذائل

 

 

دعا عدد من علماء الدين إلي تعزيز الإيجابية والمشاركة الجماعية بين أفراد المجتمع ونبذ السلبية واللامبالاة، مشيرين إلى أن لذلك دورا مهما فى أمان الأفراد وحراسة القيم ومقاومة الرذائل بشتى صورها.

وأوضح العلماء أن «الوقوف على الحياد» و«الأنا مالية» ثقافة خاطئة تحتاج إلى تصحيح ومراجعة، لأنها تتنافى مع الرسالة التى اختصت بها أمة الإسلام لتحقيق خيريتها.

واعتبروا التنشئة الاجتماعية الخاطئة هى الأساس فى تغليب السلبية على الإيجابية، داعين المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية إلى تضافر جهودها لإعادة هذا السلوك الإيجابى المهم.

 فى البداية يوضح الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر أن الله عز وجل خلق الإنسان اجتماعيا بطبعه بمعنى أنه يعيش فى وسط جماعة مدنية أو مجتمع لتصل إلى دولة، فالإسلام يحثنا على أن نكون إيجابيين متفاعلين مع غيرنا نافعين المجتمع الذى نعيش فيه.

ويضيف أن أخلاق المصريين وعاداتهم القديمة كانت انعكاسا قويا لهذه الإيجابية، ففى الماضى كنا نرى الشهامة والرجولة والمقصود بها أفكار إيجابية نافعة للآخرين وللغير وهى لا تقتصر على الرجال فقط بل تمتد للرجال والنساء أى القدرة على حماية الآخرين ورد المظالم والدفاع عن المظلومين بكل الأشكال. وكنا قلما نجد شخصا يتعرض لفتاة لأن الجميع يعتبرونها أختهم، وهذا افتقدناه الآن فى شوارعنا فكثيرا ما نرى لصا يسرق حقيبة امرأة ولا أحد يلتفت إليه أو شابا (يعاكس) فتاة ولا أحد يزجره، وشعار هؤلاء «أنا مالي»!.

ويتابع: قديما كان أبناء المنطقة والحى والبلدة الواحدة معظمهم يعرفون بعضهم بعضا، ويتبادلون الزيارات والتواصل، أما الآن فأصبح الجار لا يعلم شيئا عن جاره الملاصق له، بل قد تجد الجار الآن فى العمارة الواحدة لا يعرف اسم جاره بالشقة الملاصقة أو المجاورة له، رغم أن "سنتيمترات" فقط تفصل بينهما!

ويستطرد: كثيرا ما نسمع عن حوادث تتم بشقق الجيران لا نعلم عنها شيئا، لأننى لا أستطيع أن أميز من بداخل شقة جارى هل هو صاحبها..أم لص يحاول سرقتها؟ وكم من أشخاص يعيشون بمفردهم نفاجأ باكتشاف وفاتهم بعد تحلل جثثهم بأيام طوال، وما ذلك إلا للميول للعزلة والتباعد الاجتماعى بين أبناء المجتمع، وإن جمعهم مكان واحد، فأين حق الجار، أين حق الصديق، أين حق الأهل؟..كلها حقوق أهملناها!

ويواصل: الإيجابية التى يريدها الإسلام، معناها أن نكون نافعين بمعنى الكلمة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت)، وتقوى الله لا تكون بالصلاة والصوم فقط بل تكون بالمعاملة الطيبة للآخرين وأداء حقوقهم، كإغاثة اللهفان، وعيادة المريض وإعانة الضعيف، والإحسان إلى الجار، ونصرة المظلوم.

«الحياد» و«الأنا مالية»

من جهته، يرى الدكتور محمود الصاوى أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعه الأزهر، أن الإيجابية أهم وسيلة لنهضة ورقى أى مجتمع وتقدمه وريادته، بينما السلبية آفة قاتلة تصيب المجتمعات فى مقتل وتؤخر المجتمع وتشده للخلف وتثير التشاؤم وتقتل الأمل وتزرع الفشل فى ربوع الوطن. ويشير إلى أن من صور السلبية:  الامتناع عن شهادة الحق مخافة أن يغضب الطرف الآخر، وهذا إثم كبير وسلبية، لاسيما إذا كانت هناك حقوق ستترتب على هذه الشهادة ربما تضيع من أصحابها إن امتنع الشاهد عن الإدلاء بشهادته، كما أن تفضيل البعض حجب رأيه مخافة أن يغضب مخالفه، كتمان للشهادة والله تعالى يقول: "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه"، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، قالوا : يا رسول الله! كيف أنصره ظالمًا؟ قال: تحجزه عن الظلم فذلك نصرك إياه" وهذا يعنى أن مواجهة المظلوم بظلمه هى من سبل النصرة له، ويضيف: يخطئ من يظن أن دوره وموقفه لا قيمة له، ولو كان بسيطا فأحيانا يقول البعض (أنا لست مع، ولا ضد)، (لا أؤيد ولا أرفض) وهذا خطأ، لا سيما فى الأمور التى بها اقتراع أو تصويت كالاستفتاءات والانتخابات ونحوها، فأنت لابد أن تعبر عن رأيك، إيجابا أو سلبا، فهذا واجبك ولا يشغلك واجب غيرك أو النتيجة ماذا تكون، لأن السلبية والامتناع عن إبداء الرأى الذى تؤمن به يصب فى مصلحة الطرف الآخر. لذلك تعد "الأنا مالية" أو الوقوف على الحياد خذلانا للحق ونصرة للباطل.

الاغتراب الأسرى 

ومن جانبه يري الدكتور محمد عبد السميع العميد الأسبق لكلية التربية بجامعه الأزهر أن (الانعزالية) أو (الانا مالية) مفاهيم متعلقة بظاهرة الاغتراب الاجتماعى والأسرى بسبب سوء التنشئة الاجتماعية وعدم تماسك أعضاء العائلة الواحدة، ومرد ذلك قصور فى التربية والتنشئة الاجتماعية، فالأسر تقوقعت على نفسها، ومن ثم ينشأ الأبناء على هذا النحو، والجيل الثانى لا يعرف شيئا عن الجيل الأول ، ولا أحد يهتم بغيره ولو داخل عائلته فكيف يهتم بالآخرين، والسعى وراء المادة فعلت الأثرة والأنانية على حساب الإيثار، وتسبب فى ذلك ضعف الوازع الدينى واختزال الدين فى شعائر ومظاهر وعبادات فقط، مؤكدا أن هذا الأمر الذى يحتم ضرورة تكاتف الوسائط التى يتعامل فيها الطفل مع المجتمع وليس الأسرة وحدها، وأنه لابد من تعاون وتكاتف الوسائط الإعلامية والثقافية والدينية وأن يأخذوا منهجا تكامليا، أى يتعاونوا مع بعض فالمدرسة ليست مستقلة عن الأسرة ووسائل الإعلام، فالتعاون والتكامل بين هذه الوسائط سر نجاح عملية التنشئة الاجتماعية.

دعم الدولة

فى سياق متصل، يري الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعه الأزهر أن المسلم لابد أن يكون عضوا فاعلا فى المجتمع، ينتصر دائما للحق ويدعو إليه، وإن انحرف الناس ومالوا إلى غير الحق، لقول رسول  الله صلى الله عليه وسلم: “ لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ، تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا ، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا"، مشيرا إلى أن الإسلام يغرس فى أتباعه الايجابية ويتجلى ذلك فى ظواهر منها أفضلية صلوات الجماعة والوجود فى شعائر الحج فى زمان ومكان واحد وبداية الصيام ونهايته المواحدة فى المجتمع المسلم، لافتا إلى أن الايجابية ليست للأشخاص الطبيعيين فقط، بل تمتد للشخص الاعتبارى مثل إعانة الدولة فى الدعم المالى لأعبائها ومشروعاتها، فقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم اقترض من عمه العباس زكاه سنتين مقدما لحوائج بيت مال المسلمين، ومما يستشهد به ما فعله الأنصار رضى الله عنهم مع إخوانهم المهاجرين من حسن الضيافة بل وعرضهم الكريم لمناصفة المهاجرين للأنصار فى أموالهم، مشيرا إلى أن للإيجابية فوائد عظيمة، منها تحقيق اللحمة والتماسك والتكافل والتكاتف بين أبناء المجتمع بكل أطيافه، وتفعيل الأخوة بين أبناء الوطن جميعا، فالإنسان الإيجابى يلتمس لأخيه الأعذار ويسانده وقت الشدة. وقال صلى الله عليه وسلم: (الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه). ويشدد د.كريمة على أن الإيجابية بمثابة (رقابة مجتمعية) على السلوك والمعاملات وحماية الأخلاق والتصدى للرذائل والفساد بشتى صوره، فحينما يكون المجتمع إيجابيا يعزز السلوك والخلق الحميد، ويرفض شنيع الأفعال والأقوال والتصرفات، وهذا يسهم فى ردع كثير من المخالفين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق