وعد الرئيس الأمريكى جو بايدن بإحداث تغيير كبير فى سياسة سلفه الجمهورى دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة واللاجئين والعنصرية، تلك التى أثارت ــ ولاتزال ــ انقساما كبيرا فى الداخل الأمريكى، كذلك أزمات مع عدد من الدول فى الخارج.
تعهد الرئيس بايدن فى خطاب تنصيبه بـ «إلحاق الهزيمة بنزعة تفوق العرق الأبيض والإرهاب الداخلى»، موجها نداء لمواطنيه من أجل الوحدة والبدء من جديد، وعدم ترك السياسة تسبب الانقسام، موضحا أن توحيد الشعب والأمة مجددا هو الهدف الذى تسعى إدارته الجديدة إلى تحقيقه.
وفى ترجمة سريعة للوعود، وقع بايدن فى اليوم الأول لتوليه السلطة ١٧أمرا تنفيذيا تهدف لإلغاء سياسات وضعها سلفه، ومنها إلغاء حظر السفر من بعض الدول الإسلامية، إلى جانب تعليق عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى أمريكا قبل نوفمبر ٢٠٢٠ لمدة مائة يوم.
كذلك قدم الرئيس الديمقراطى مشروع قانون إلى الكونجرس لإصلاح نظام الهجرة، وبالأخص تسوية أوضاع الأجانب الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانونى وكانوا أطفالا أو ما يطلق عليهم اسم «الحالمين»، فى الوقت الذى أمر فيه بوقف تمويل بناء جدار على الحدود مع المكسيك، بحجة منع المهاجرين من أمريكا اللاتينية. وخلال الأسبوع الأول لولايته، قام بايدن أيضا بتوقيع أمر تنفيذي بإنهاء السجون الفيدرالية الخاصة، فى إطار تنفيذه لوعد انتخابى بإصلاح نظام السجون، التى تضم عددا كبيرا من الأقليات. كما وقع ٣مراسيم أخرى لتعزيز مكافحة التمييز فى مجال الإسكان ومكافحة العنصرية ضد الأمريكيين من أصل آسيوى، وتعزيز الحوار بين إدارته والجالية الأمريكية-الهندية، مؤكدا أن إجراءات أخرى ستتخذ فى الأيام والأسابيع المقبلة.
وجاءت أوامر بايدن التنفيذية جميعها فى تأكيد سياسته الجديدة نحو القضاء على التمييز ضد المهاجرين والأقليات، والتى بدأ تدشينها بإعلان اختياره كامالا هاريس فى منصب نائب الرئيس، لتصبح أول امرأة وأول أمريكية ملونة من أصل آسيوى تشغل المنصب.
كما اختار كذلك الجنرال المتقاعد لويد أوستن لتولى وزارة الدفاع، ليصبح أول أمريكى من أصل إفريقى يقود «البنتاجون»، إلى جانب سوزان رايس كمديرة لمجلس السياسة الداخلية فى البيت الأبيض، ومارسيا فادج لتكون وزيرة الإسكان فى الإدارة الجديدة، وهما أمريكيتان من أصل إفريقى. فى الوقت الذى اختار فيه بايدن، كاثرين تاى كممثل تجارى للولايات المتحدة، وهى أمريكية من أصول آسيوية. لكن وعلى الرغم من النهج الجديد الذى اتبعه، إلا أن الحكم على نجاحه فى تجاوز آثار سياسة ترامب تجاه المهاجرين والأقليات، يبدو مبكرا جدا بالنظر إلى ما خلفته من أزمات فى الداخل والخارج، والتي سيستغرق حلها سنوات، خاصة في ظل المخاوف من سعي الجمهوريين لإفشال خطط بايدن.
ففى انتكاسة أولى لمساعى الرئيس الجديد، أمر قاض فيدرالى أمريكى سلطات الهجرة بتعليق مؤقت لتطبيق قرار وقف عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، بعد تقديم حكومة ولاية تكساس التى يسيطر عليها الجمهوريون دعوى مستعجلة لوقف العمل بالقرار. كما شكك بعض السياسيين فى أهمية أمر بايدن التنفيذى بإنهاء السجون الفيدرالية الخاصة، حيث تحتفظ السجون الخاصة بنحو ١٠٪ فقط من المحتجزين فى السجون الفيدرالية، كما أن تطبيقه لا يسرى على جميع الولايات، إلى جانب عدم شمول القرار مراكز احتجاز المهاجرين.
أما عن قرار وقف تمويل بناء الجدار الحدودى المثير للجدل على الحدود مع المكسيك، فقد نقلت شبكة «سى إن إن» عن مصدر بالبنتاجون أن الوزارة ستوقف البناء فى الجدار بشكل «مؤقت»، مع استمرارها فى مراجعة أمر بايدن التنفيذى، وهو ما يعنى أن المسألة قد تبقى معلقة، فى الوقت الذى استبعد فيه البعض إمكانية هدم ما تم بناؤه منه.
من ثم، فإنه يبقى السؤال: هل ينجح بايدن فى تحقيق وعوده بطى سنوات ولاية ترامب وإعادة توحيد البلاد وانهاء حالة الانقسام، والتصالح فى قضايا الأقليات والمهاجرين، واستعادة ما وصفه بـ «روح أمريكا»؟.
رابط دائم: