رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«سكك حديد المستقبل»تفتح شرايين التنمية

تحقيق ــ هانى عمارة
شبكة القطارات السريعة تحقق طفرة غير مسبوقة

  • 360 مليار جنيه تكلفة شبكة القطارات فائقة السرعة بطول 1975 كيلومترا
  • المشروع خضع للدراسة الفنية والاقتصادية على مدى ٣ سنوات
  • خط «السخنة ـ العلمين» يتكلف 8٫2 مليار دولار منها 3 مليارات لـ «سيمنز» والباقى للشركات الوطنية
  • الخدمة الحديثة توفر العملة الصعبة بعد الحد من استيراد البنزين والسولار

هل هى إعادة لكتابة التاريخ أم أنه تاريخ جديد ؟ فى كل الأحوال من الممكن أن تقول بضمير وطنى عن حق وصدق ان ما يحدث الآن هو بداية لكتابة صفحة جديدة من تاريخ النقل فى مصر ، ففى عام ١٨٥٨دخلت خدمة السكك الحديدية فى مصر وكانت هى الدولة الاولى فى العالم التى تدخل اليها هذه الخدمة بعد بريطانيا العظمى وكانت القطارات التى تتحرك بالفحم فى ذلك الوقت واحدة من اعاجيب التكنولوجيا الحديثة قبل ما يقرب من ١٧٠ عاما

ايقونة الخدمة المصرية فى هذا التوقيت دفعت إمبراطور اليابان إلى ارسال وفد الى بلاد النيل ليطلع على هذه التجربة المثيرة والفريدة فى حينها ، ليأتى الوفد ويعبر عن انبهاره ليس فقط بالسكك الحديدية ولكن بالحضارة المصرية ويسجل ذلك فى وثيقة مازالت حاضرة ومعروضة فى متحف اليابان القومي.

ودار الزمن والتاريخ على امتداد هذه السنوات ليعيش مرفق السكك الحديدية فى مصر مراحل من الصعود والهبوط و لم يراوح المكان بعيدا ، ولم يعرف الحداثة ومواكبة التطور العالمى الى ان جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى ليحقق التواصل بين الماضى والحاضر ويقيم جسرا من الارادة القوية و يكتب تاريخا جديدا لهذا المرفق ما بين تطوير الخدمة الحالية واقامة شبكة حديثة من خطوط القطارات فائقة السرعة تنقل البلاد والعباد الى آفاق أرحب من العمران والتنمية ومواكبة ما يحدث فى بلاد العالم المتقدم ، وبذلك تدخل مصر نادى الكبار فى عالم الجر الكهربائى والقطارات السريعة وهذا المشروع هو المحور الرئيسى فى هذا التحقيق ، ويجب التأكيد هنا ان هذا المشروع لم يظهر إلى العلن بين يوم و ليلة ولكن خضع لدراسات فنية و مالية و اقتصادية على مدى ٣ سنوات بدأت بعد موافقة مجلس الوزرا ء فى ٢٠١٧ على طرح مشروع التصميم الهندسى والتمويل والمشتريات والتشييد والتشغيل والصيانة لخط القطار الكهربائى السريع بين السخنة والعلمين وقد عرض المشروع على شركات محلية وعالمية ضمن تحالفات بنظام التصميم والتنفيذ والتشغيل والصيانة.

 

وقد صدر قرار بتشكيل اللجنة العليا برئاسة وزيرى النقل و الإسكان منذ ذلك الوقت ، ووافقت اللجنة التى ضمت العديد من الخبرات فى جميع الجهات على دعوة عشرة تحالفات تم تأهيلها للدخول فى تقديم العطاءات للمشروع.

كما وافقت اللجنة أيضا على دعوة المكاتب الاستشارية المتخصصة لتقديم عروضها الفنية والمالية لإعداد كراسة الشروط المرجعية على ان يكون من مهام المكتب الاستشارى مساعدة اللجنة الفنية ولجنة البت فى العروض الخاصة بالتقييم الفنى والمالى والتمويلي.

وقد تمت دراسة العروض المقدمة من التحالفات وتم التفاوض على الافضل منها عالميا الذى أسفر عن التعاقد مع شركة سيمنز التى تحالفت مع عدد من الشركات المصرية ، اذن المشروع خضع لدراسات دقيقة على جميع المستويات جانب عشرات الخبراء فى جميع التخصصات على مدى ٣ سنوات.

وقبل الدخول فى تفاصيل هذا المشروع يأخذنا وزير النقل الفريق مهندس كامل الوزير فى اطلالة على ما يحدث حاليا فى هذا القطاع. بقوله : إن القيادة السياسية والحكومة المصرية تولى اهتماما غير مسبوق بقطاع النقل بصفته الشريان الرئيسى الذى تبنى على أساسه جميع برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وفى ضوء ذلك تقوم الوزارة حاليا - وفى إطار خطة التنمية المستدامة للدولة 2030 - بتنفيذ خطة شاملة لتطوير وتحديث عناصر المنظومة من وسائل وشبكات الطرق والكبارى والسكك الحديدية ومترو الأنفاق والجر الكهربائى والموانى البحرية والنقل النهرى والموانى البرية والجافة والمراكز اللوجستية.

وتتخطى هذه السياسات عمليات نقل الركاب والبضائع إلى المشاركة الفاعلة فى ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة للدولة لتحقيق التوازن بين المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وخدمة المشروعات القومية الكبرى فضلا عن الإسهام فى تحسين خدمات التجارة الخارجية من صادرات وواردات وتنمية تجارة الترانزيت والخدمات اللوجستية وزيادة الرقعة المأهولة بما يحقق التوازن بين النمو السكانى والنمو المكانى والإسهام فى التنمية السياحية والصناعية والتجارية وبما له من مردود إيجابى على الاقتصاد القومى والإسهام فى حل مشكلة البطالة وتشغيل شباب الخريجين وربط مصر بمحيطها الإقليمى والدولى وخاصةً دول الجوار، ومن بين المشروعات التى ستحقق قفزة فى خدمات المسافرين مشروع القطار فائق السرعة.

وحول تفاصيل هذا المشروع العملاق يقول الدكتور عصام والى رئيس هيئة الأنفاق

انه ليس مجرد خط سكك حديدية ولكنه شبكة متكاملة فبعد استكمال شبكة الطرق جاء الدور على السكك الحديدية من خلال اقامة عدد من الخطوط تكون بمنزلة خريطة جديدة للتنمية فى مصر وفتح مسارات للعمران فى المناطق الجديدة، وبالتالى جاء التخطيط لهذه الشبكة غير تقليدى، فمن المعروف أن الخطوط الحالية تمتد من شمال البلاد فى الاسكندرية الى جنوبها فى اسوان مرورا بالقاهرة و محافظات الصعيد ، ولكن الذى يتم حاليا هو ربط البلاد لأول مرة من الشرق الى الغرب بخط سكة حديدية يبدأ من منطقة السخنة على البحر الاحمر حيث منطقة ومدينة الجلالة ليصل الى مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط وبذلك يمثل ضربة البداية فى الشبكة

ويضيف: إن القطار الكهربائى أصبح يتوسع وينتشر فى أغلب دول العالم المتقدمة، ونحن فى مصر نحاول اللحاق بركب التقدم، وقد بدأنا التنفيذ الفعلى فى أعمال المحطات، والتصميمات فى مراحلها النهائية، وتقوم الشركات المصرية بأعمال تسوية المسار لخط «العين السخنة - العلمين الجديدة ، موضحا أن كل أعمال الإنشاءات والجسور وتركيب السكك الحديدية ستقوم بها شركات مصرية وطنية.

ويوضح أن هذا الخط تحديدا سيقدم حزمة من الخدمات والرحلات، الأول منها هو القطار السريع وهذا لا يتوقف إلا فى سبع محطات وهى الإسكندرية وبرج العرب و مدينة ٦ اكتوبر وجنوب القاهرة والعاصمة الادارية إلى جانب محطة البداية و النهاية فى السخنة وسرعته ٢٥٠ كم فى الساعة، أما الثانى فهو القطار الإقليمى وسرعته 160 كم /ساعة ويتوقف فى جميع المحطات السابقة الى جانب العامرية والحمام والنوبارية والسادات ووادى النطرون ومحور الضبعة وحلوان ومحمد نجيب بإجمالى ١٥ محطة ، بينما يشمل المستوى الثالث قطارات نقل البضائع التى تعمل بالكهرباء و سرعتها 120 كم/ ساعة و سيربط موانى الاسكندرية بميناء الحمرا بالعلمين مع الميناء الجاف و المركز اللوجستى فى 6 اكتوبر وميناءى الادبية والسخنة.

ويؤكد عصام والى أن ذلك سيوفر نقلة نوعية عبر الانتقال باستخدام القطار سواء كان ركابا أو بضائع فى وقت قصير نسبيا وهو ما يمثل قيمة اقتصادية مضافة، وتوفيرا للوقت والمجهود

خاصة اذا علمنا كل قطارات البضائع التى تعمل حاليا فى مصر تتراوح سرعتها من 40 إلى50 كم/ساعة».

ويشير رئيس هيئة الانفاق إلى أن الخطة تتضمن شبكة من الخطوط بطول 1750 كيلو مترا للجر الكهربائى السريع بسرعة 250 كم / ساعة ، منها خط غرب النيل الذى يبدأ من المحطة المركزية فى مدينة السادس من اكتوبر ليصل الى مدينة اسوان و يمتد لمسافة تصل الى نحو ٨٥٠ كم وسيتم ربطه بكل المجتمعات العمرانية على امتداد هذا المحور بالاضافة الى الكبارى والمحاور التى تم انشاؤها على النيل ويتم استكمال عدد منها حاليا.

أما الخط الثانى فى هذه الشبكة «الأقصر- قنا - سفاجا - الغردقة»، فهو خط حيوى لنقل البضائع والركاب والسياحة، وهذا الخط عليه آمال كبيرة لتغيير الخريطة السياحية والبرامج السياحية لكل شركات السياحة، و لكن مع إنشاء هذا الخط يمكن للافواج السياحية أن تأتى من شرم الشيخ عن طريق الرحلات البحرية ثم تتجه بالقطارات السريعة الى اسوان و الاقصر لزيارة المناطق والمعابد الاثرية ، هذا بالاضافة الى رواد القرى والفنادق على ساحل البحر الاحمر يمكنهم ايضا القيام بهذه الرحلات الى تلك المناطق و العودة فى اليوم نفسه وهو ما يحقق طفرة كبيرة فى النشاط السياحى على هذا المحور الواعد تنمويا ، خاصة أن هناك خطة طموحة لتنمية المثلث الذهبى الذى يقع بين البحر الأحمر و نهر النيل فى جنوب الصعيد.

و يوضح الدكتور عصام والى أن العمل بدأ بالفعل فى خط العلمين - السخنة و تسلمت الشركات الوطنية مواقع المحطات ومن المقرر أن يتم الانتهاء من المشروع خلال عامين حيث يتم اقامة البنية الاساسية من الجسور والمحطات والاسوار على جانبى المسار بينما تتولى «سيمنز» أعمال الإشارات والاتصالات والتحكم ونظم الكهرباء بالاضافة الى تصنيع القطارات ، على ان يتم التعاون فى هذا الشأن مع المنتج المحلى بعد إنشاء مصنع شرق بورسعيد لتصنيع الوحدات المتحركة بالديزل للسكك الحديدية أو وحدات الجر الكهربائى بمترو الأنفاق والقطارات السريعة.

وبالنسبة لمبلغ الـ 360 مليار جنيه الكثير للقطارات السريعة يقول رئيس هيئة الانفاق إنه ليس تكلفة خط واحد كما يردد البعض و لكنه تكلفة شبكة موسعة من القطارات سريعة تغطى الجمهورية بأطوال تصل إلى 1975 كم

وتكلفة العين السخنة العلمين تصل إلى 125 مليار جنيه بما يعادل 8٫2 مليار دولار تقريبا منها ٣ مليارات فقط لسيمنز والباقى للشركات الوطنية التى تشارك فى التنفيذ موضحا أن هذا المشروع العملاق يتوافق مع خطة الدولة فى تقليل استهلاك الوقود عبر برنامج تحويل الاتوبيسات والسيارات للعمل بالغاز والكهرباء بدلا من البنزين والسولار حيث تبلغ قيمة واردات مصر من المواد البترولية سنويا نحو 7 مليارات دولار وفق آخر الإحصائيات و هو ما يسهم فى توفير العملة الصعبة ، بالاضافة الى ذلك و حتى تتحقق الفائدة بشكل متكامل سيتم ربط الشبكة الجديدة التى تعمل بالكهرباء مع الخطوط الحالية التى تعمل بالديزل و يجرى الترتيب حاليا لهذا الشأن.

ولكن ماذا يقول الخبراء عن هذا المشروع العملاق .. الدكتور خالد السقطى عميد كلية النقل الدولى و اللوجستيات يوضح أنه عالميا تتميز القطارات السريعة بالحفاظ على البيئة من التلوث الناتج عن الوقود البترولى ، بالاضافة الى الامان سواء للركاب والبضائع. و بالتالى سيحقق هذا المشروع ١٣ هدفا رئيسيا و تشمل (1) دعم مصطلح السرعة التجارية وهى ٢٥٠ كم ساعة وفقا للمعايير الدولية و لأول مرة يحدث ذلك فى مصر ، (2) تخفيض إجمالى وقت السفر لتحقيق منظومة من الباب إلى الباب، (3) خفض مستوى التردد السككى نسبة للسرعة العالية، (4) إيجاد نظام نقل موثوق فى قدراته فى توصيل الركاب والبضائع وفقا لمتطلبات العصر من حيث التكلفة والسرعة، (5)إمكان الوصول لمناطق جغرافية مترامية وبعيدة، (6) توفير مستوى أعلى من الراحة من حيث المساحة والتسارع والضوضاء والضوء وما إلى ذلك مقارنة بالطائرة أو الحافلة أو سيارة عادية، (7) تحقيق معدلات عالية من السلامة، (8) تقليل الازدحام المروري، (9) احترام البيئة من حيث الاستخدام الفعال للأرض (مسار القطار يعادل 1/3 من مساحة الطريق السريع ، كما يحقق كفاءة الطاقة حيث توفر الرحلة ما يعادل طاقة 9 طائرات)، (10) يساعد على التنمية الاقتصادية حيث تعزز السكك الحديدية عالية السرعة من احتواء الزحف العمراني، (11) تحقق سلامة منظومة التشغيل والسيطرة حيث يتضح حتى اليوم انه لا يوجد حادث مع إصابة ركاب بسرعة تزيد على 200 كم / ساعة كما فى الولايات المتحدة الامريكية وألمانيا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق