رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شروخ فى جدار الثقة جيران فى زمن الكورونا

عبير غانم

«سوبر ندى» هو الاسم الذى أطلقته مواقع التواصل الاجتماعى على ندى حسن التى ضربت مثلا فى الشهامة والمروءة لتنقذ سيدة أخرى فى حالة ولادة مبكرة. زوج السيدة الحامل والمسافر إلى إحدى المدن الساحلية وجه استغاثة لجيرانه على «جروب» العمارة التى يقطن بها فتخلوا عنه بعد ان سرت بينهم شائعة ان الزوجة مصابة بكورونا فاضطر الزوج للاستغاثة بجروب خاص بالمنطقة السكنية فلم تغثه سوى «ندى». والتى توجهت على الفور لإنقاذ الزوجة، فرفض الجيران فتح الباب الخارجى للعمارة فلم تستسلم وكسرته وبعد إلحاح سمحت لها أحدى الجارات بالقفز من البلكونة المجاورة ودخلت الشقة لتجد الأم فى حالة إغماء بعد أن وضعت الطفلة.. بادرت بنقلهما إلى مستشفى قريبة وأنقذت حياة الأم والمولودة.

شجاعة ندى تستحق الفخر لكنها تعكس شروخا كبيرة فى علاقة الجيران التى كانت مضرب الأمثال من قبل وفى رأى د. سامية قدرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن الناس أصبح عندها غياب ثقة وأصبحوا فى حالة خوف وتوجس دائم.. وأن حالة التماسك الاجتماعى فى مجتمعاتنا أصبحت ضعيفة جدا لأن هذا التماسك يأتى نتيجة القيم التى تؤسس علاقات قوية بين الناس.. وهذه العلاقات الاجتماعية تسمى فى علم الاجتماع «برأس المال الاجتماعى» ويقصد به شبكة العلاقات بين الأفراد فى أى مكان سواء كان فى مجتمع المدينة أو الريف، لكن بالطبع هو موجود أكثر فى المجتمعات البسيطة أكثر من المجتمعات المتحضرة، ففى الريف مثلا مجرد أن يستغيث أحد تجد كل الناس تتسابق للإنقاذ وكذلك فى الأحياء الشعبية حتى وإن كانوا لا يعرفون المستغيث، لأن هناك ثقة وقبولا وتضامنا حقيقيا وهذه القيم تختفى للأسف كل ما ضعفت هذه العلاقات وهذا ما يحدث فى المدن.. تضعف العلاقات وبالتالى لا تبنى جسور الثقة بين الناس..

وتضيف د.سامية أنه مع اتساع المدن وانتشار الجرائم وتركيز وسائل الإعلام على نشر العلاقات المشوهة بين الناس أصبح الخوف والشك والريبة فى زيادة نتج عنها التباعد الاجتماعى، وأصبح هناك الشك الدائم وعدم الثقة نتيجة انتشار الانحرافات التى يسلط عليها الإعلام حيث يتوجس الشخص لو أقدم على إنقاذ أحد أن يقع فى مصيبة.. فكل هذه الأسباب أضعفت المروءة والشهامة والجدعنة والعلاقات بين الجيران وإن كانت موجودة ولن تختفى بالطبع بدليل مافعلته السيدة صاحبة المروءة «ندى» . ولكننا نحتاج إلى بناء رأس المال الاجتماعى وبناء المواطن عن طريق التدريبات التى تقيمها بعض جهات العمل أو الانترنت او بعض البرامج الثقافية التى تدعو الناس لتقوية العلاقات الاجتماعية مرة أخرى..

أما د.فيفيان أحمد فؤاد أستاذ علم النفس بجامعة حلوان فترى أن الشخصية المصرية بطبيعتها تحمل قيم الشهامة والمروءة وتقدرها لكن مفاهيم المسئولية المجتمعية تعرضت لهزة قوية فى العقود الأخيرة فى زمن انتشرت فيه الجريمة وهذا ما دعا الناس إلى عمل أبواب مغلقة للعمارات التى لاتفتح إلا بمفاتيح أصحابها بعكس ما كان يحدث فى الماضى حيث كانت شقق الجيران مفتوحة على بعضها والناس تسافر وتترك مفاتيح شققها مع الجيران. ولكن هذا لا يعنى اختفاء قيم المروءة والإيثار فهى موجودة وما ينقصها إلا أن تمارس مع الحذر فالمفروض أن أتأكد ان من أمامى يحتاج بالفعل للمساعدة وأتأكد من صدق البيانات والتأكيد عليها وتعزيزها بأن نهتم بتربية أبنائنا على قيمة الشهامة والمروءة والإيثار عن طريق المشاركة والانخراط فى مجموعات اجتماعية متنوعة ليتعلمون كيف يساعدون الآخرين وكيف يطلبون المساعدة فاحيانا تفرض الأمهات نوعا من الحماية الزائدة على الأبناء بأن تقول له مثلا «اوعى تكلم حد..اوعى تخلى حد يلعب بلعبتك» والمفروض ان تغرس فيه قيم المشاركة والتواصل الصحيح مع الآخرين ودفع الطفل أيضا الى الانخراط فى الأنشطة الاجتماعية مثل الرحلات والمسابقات واللعب مع الجيران أو الأقارب فى أنشطة تنافسية لا تولد الحقد وأعلمه أن الشهامة ترتبط دائما بمساعدة الآخرين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق