رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى تقرير لـ «ناشيونال جيوجرافيك» بمناسبة 200 عام على وفاته
حملة بونابرت فشلت عسكريا.. وأهدت العالم علم المصريات

كتبت ــ يسرا الشرقاوى
معركة الفرنسيين والمماليك كما جسدتها لوحة فرانسوا واتو

كثيرة هى التوقعات المتعلقة بـ2021، ولكن من المؤكد أن العام الجديد سيشهد احتفالات وأحداثا متعددة لإحياء الذكرى الـ200 لوفاة القائد الفرنسى نابليون بونابرت، بكل ما تعنيه هذه الذكرى من جدل وإنجاز

تحل ذكرى وفاة بونابرت مايو المقبل (أغسطس 1769ـ مايو 1821)، ولكن قطاعات الإعلام والفنون فى العالم اختارت تبكير إحيائها كما فى حالة مناقشة موقع «ناشيونال جيوجرافيك» الدور الذى لعبته هزيمة بونابرت العسكرية بمصر (الحملة الفرنسية على مصر 1798 ــ 1801) فى تعريف أوروبا بعلم المصريات وتكريس هذا العلم ضمن المذاهب المعرفية الأساسية بالقارة الأوروبية.

ووفقا إلى تقرير «ناشيونال جيوجرافيك»، فإن الحملة العسكرية التى أطلقها بونابرت نحو الأراضى المصرية نهايات القرن الثامن عشر كانت تستهدف ضرب مصالح الخصم الاستعمارى وقتها، المملكة المتحدة. ولكن بعد أكثر من عامين، على الرغم من سمعته العسكرية التى رسختها انتصاراته ضد إيطاليا، فإن بونابرت لم يحقق أهدافه العسكرية فى مصر، ولكن ما كان له نصيب أكبر من التحقق والنجاح، وفقا إلى التقرير، كان حملة ثانية موازية بأهداف بحثية ودراسية. فإلى جانب قوته العسكرية التى زادت على 35 ألف جندى، صاحب بونابرت فى حملته على مصر نحو 160 باحثا وفنانا اتخذوا لأنفسهم مسمى «لجنة العلوم والفنون المصرية». وبينما كانت الأسهم العسكرية للحملة تتراجع، كانت أسهمها العلمية ترتفع ارتفاعا عظيما، فيشير تقرير «ناشيونال جيوجرافيك» إلى أن الفضل فى ذلك يرجع فى الأساس إلى قيادة لجنة العلوم من جانب عالم الرياضيات المخضرم جاسبار مونج، والكيميائى الكبير كلود لويس برتوليه، وكلاهما رافق بونابرت فى حملته العسكرية بإيطاليا.

وفى 1798، وبانتخاب مونج رئيسا له وبونابرت نائبا، تم تأسيس «المعهد المصرى»، الذى انقسم إلى أربعة أقسام رئيسية تختص بالرياضيات، والأدب والفنون الجميلة، والتاريخ الطبيعى والفيزياء، بالإضافة إلى الاقتصاد السياسى. ولم يتركز عمل علماء وفنانى فرنسا الوافدين فى مقر «المعهد المصرى»، بل بدأت رحلاتهم تجوب مختلف أنحاء مصر وكان من أبرز المرتحلين الأديب والفنان والدبلوماسى دومينيك فيفانت، الذى صاحب الجنرال الفرنسى لويس دوزيه فى مهامه بصعيد مصر، مما منحه فرصة ذهبية لجمع معلومات هائلة حول الآثار المصرية، وتجسيدها فى لوحات بديعة. وباتت هذه المعلومات واللوحات الزاد الأساسى لعمل «فيفانت» الأعظم، كتاب «رحلات فى مصر العليا والسفلى»، وقد بدأ «فيفانت» العمل على كتابه فور عودته مع بونابرت إلى فرنسا فى 1799، لينشر ويحقق نجاحا مدويا فى 1802.

وأصبح الكتاب أعجوبة لا سابق لها، خاصة من حيث ثراء الكتاب بلوحات تفوقت من حيث العدد والإتقان على أى كتاب سبقه.

لوحة آخاذة زيت غلاف المجلد الثاني لـ وصف مصر

وأهدى فيفانت كتابه إلى بونابرت، وكان من عوامل تهدئة الرأى العام الفرنسى إزاء الحملة العسكرية على مصر، التى تم اعتبارها وصمة عار فى تاريخ العسكرية الفرنسية. ولكن فيفانت وغيره من علماء الحملة قدموا بونابرت فى «عباءة» الرجل الذى مهد لفك طلاسم الحضارة المصرية، وتعريف العالم بحضارة عظيمة توازى فى أهميتها وتأثيرها حضارات الرومان واليونان. ويشير التقرير إلى تولى فيفانت إدارة المتحف المركزى للفنون، الذى أصبح متحف اللوفر فيما بعد، واستخدم فيفانت عناصر الحضارة المصرية القديمة فى تصميم أدوات للمائدة وأغطية الطاولات وغيرها، مما أسهم مجددا فى رفع أسهم بونابرت والتغطية، جزئيا طبعا، على هزيمته المدوية فى مصر.

ويلفت التقرير إلى أنه بعد عودة فيفانت إلى فرنسا وما أحدثه عمله من آثار إيجابية، فإن بونابرت بادر بإرسال المزيد من العلماء والفنانين الفرنسيين إلى الأراضى المصرية. وكان من أهم إنجازات هذه الجهود العثور على «حجر رشيد».

ولكن مع تفوق الجانب البريطاني، حرصت القوات البريطانية على تجريد الفرنسيين من أغلب المنقولات الأثرية، ولكنهم لم يتمكنوا من مقاومة عالم تاريخ الطبيعة إيتيان جوفرى سانت هيلار، الذى هدد بحرق كل المستندات التى بحوزته وزملائه، مؤكدا أن ذلك سيشبه حريق مكتبة الإسكندرية وآثاره على الحضارة الإنسانية.

وكانت هذه المستندات التى تضمنت مختلف الملاحظات والاكتشافات أساس العمل العملاق الذى طلب بونابرت تنفيذه بخصوص الإنجازات العلمية للحملة الفرنسية. وبحلول 1809، كان هذا العمل قد جذب مشاركات من نحو 36 شخصا من الخبراء فى مختلف المجالات، فضلا عن مئات من الرسامين. وكان من أبرز القائمين على المشروع الجغرافى آدم فرانسوا جومار. وكان يفترض أن يستغرق إعداد العمل وقتا أطول، لولا أن بونابرت، الذى كان قد تم إعلانه إمبراطورا حينها، قد طالب بسرعة نشر ما عرف بمسمى «وصف مصر» فنشر على سنوات فى 22 جزءا، 13منها مختصة باللوحات والخرائط.

وأصبح «وصف مصر» مشروعا فرنسيا قوميا يشكل مصدرا للفخر، حتى عقب نهاية عهد بونابرت. وفى سياق إنجاز هذه الموسوعة، جاء تعبير عالم الرياضيات الفرنسى الشهير جوزيف فورييه لمصر بوصفها «مهد للحضارة». ووفقا للخبراء، فإن القيمة الحقيقية لهذا العمل تكمن فى الرسومات والخرائط، خاصة أنها التزمت بأقصى درجات الدقة، والأهم أن نحو 20 من المنشآت التى جسدتها هذه اللوحات المرفقة اختفت أو تحولت مع مرور الزمن إلى أطلال.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق