تمثل مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص توازنا مهما فى الحفاظ على معدلات التنمية والاستقرار الاجتماعى، وتعد إحدى الأدوات الأساسية للدولة لتعزيز الاستقرار الاقتصادى والارتقاء لمستويات الكفاءة والأداء وبلوغ الأهداف والمقاصد الاجتماعية، وأحسب أن هناك عدة حقائق يجب أن نعرفها ونؤكدها لكى تؤتى هذه الشراكة ثمارها الإيجابية، فقد اعتمدت أغلب الدول المتقدمة التى حققت طفرة تنموية على حشد جميع إمكانيات المجتمع بما تحمله من معرفة وطاقات وخبرات إدارية وتنظيمية وتكنولوجية ومالية لكل من القطاعين العام والخاص لتساهم فى تكوين تنظيمات مؤسسية تتولى إنشاء وإدارة وتشغيل المشروعات التنموية المتفق عليها من جانب القطاعين، ولذلك أصبحت الحاجة ملحة لتوطيد العلاقات بينهما لتحقيق رفاهية الشعوب..
لقد جاءت هذه الشراكة لتعمل على خفض معدلات التضخم وتخفيـف الوطأة المالية التي قد يعانيها القطاع العام وتقليص الضغـوط المتزايدة على الميزانيات الحكومية ومواجهة التحديات والصعوبات ومعالجة المشكلات وتوفير فرص عمل ودعم الخدمات التي تقدمها المؤسسات والشركات الحكومية لتأمين احتياجات الشعب الاستراتيجية خاصة فى حالة مواجهة الأزمات، ودرء المخاطر التي تدهم الشعوب بين الحين والآخر.
ويمكن القول أن هناك حسابات كثيرة سوف تتغير إلى الأحسن والأوفق فى ظل هذا الواقع الجديد حيث ستصبح هذه «الشراكة الاستراتيجية» تكتلا قويا يعتمد على إيجاد روابط بين القطاعين باعتبار أن كليهما له مقومات متعددة ذات جوانب إدارية وقانونية واقتصادية واجتماعية، وكلها تخضع لتشريعات قانونية تنظم عملية الشراكة، ومن ثم ينبغي أن تتدفق دماء القطاع الخاص فى عروق وشرايين القطاع العام لتحقيق التنمية الشاملة بمختلف محاورها وتحسين أوضاع المجتمع وحل مشكلاته.
ولاشك أن البحث العلمى يساهم بفاعلية فى التنمية الشاملة والرفاهية الاجتماعية والقدرة على التغلغل فى مختلف جوانب النشاط الإنسانى والتي ينبغي أن تقوم على الشفافية والمنافع المتبادلة بهدف تحقيق التنمية المستدامة، وهناك الكثير من البحوث العلمية للجامعات والمراكز البحثية، مرتبطـة ارتباطا وثيـقا بمشروعات الشراكة بين القطاعين فى مجالات حيوية عديدة منها إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والنووية وإنتاج الوقود الحيوى من المخلفات الزراعية وتطبيقات النانوتكنولوجي والهندسة الوراثية وصناعة خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمعلوماتية الحيوية وزيادة الإنتاجية الزراعية وأبحاث تتعلق بالعلاج والوقاية من الأمراض المزمنة والخطيرة وغيرها من المجالات المرتبطة بالبحوث التطبيقية والتي لها أبلغ الأثر فى نهضة الأمم والشعوب على المستويين الاقتصادى والاجتماعى، الأمر الذى يلزمنا لإقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص فى مجال البحث العلمى والتكنولوجى والتى ينبغى أن تقوم على الشفافية والمنافع المتبادلة بهدف تحقيق التنمية المستدامة سواء من حيث الإلمام بالجهود البحثية المبذولة أو البحث عن نتائجها وتوفير مقومات استثمارها، كما أنه ينبغى تفعيل آليات التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية وسوق العمل بقطاعيه العام والخاص والأخذ فى الاعتبار الإطار المؤسسى بين القطاعين الذى يضمن نطاق التزاماتهما فى تمويل وإدارة البحوث العلمية التطبيقية وكيفية الاستفادة منها فى تلك المشروعات فى ضوء تنظيم العلاقة بين النظرية والتطبيق، وينبغى تشجيع هذه الشراكة وإعداد خريطة توضح قدرة مصر فى دعم الاستثمارات العامة فى البحث العلمى وما ينتج عنه من أبحاث وابتكارات وإبداعات وبراءات الاختراع والملكية الفكرية وغيرها في جميع المجالات من أجل خدمة ما يتم تحديده من احتياجات التنمية وفرصها.
د. حسن على عتمان
جامعة المنصورة
رابط دائم: