رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العراق .. إصلاحات تتعثر فوق أشواك الاغتيالات

‎ العزب الطيب الطاهر
‎ رجل فى ملابس سانتا كلوز فى أحد أحياء البصرة

الميزة النسبية التى يمتلكها رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، الذى تولى منصبه فى السابع من مايو، المنصرم أنه جاء من رحم جهاز الاستخبارات غير المرتبط بأجندات حزبية، ما جعله أكثر دراية بطبيعة المخاطر والتحديات التى واجهتها بلاده، خلال السنوات السبعة عشر المنصرمة، منذ سقوط بغداد فى قبضة الاحتلال الأمريكى فى مارس 2003، والتى وضعته ضمن سياق ضيق من المحاصصة الطائفية، والارتهان لقوى إقليمية ودولية، فتخلقت تبعا لذلك بيئة مواتية لأعمال تطهير عرقى ومذهبى، وتلويج بتقسيم بلاد الرافدين.

والكاظمى منذ أن حظى بتوافق القوى السياسية -وبعضها قبل به على مضض- يحاول أن يدفع بالعراق للقفز على هذه التحديات والمخاطر ،سواء على الصعيد الداخلى أم على الصعيد الإقليمى، بيد أنه جاء على رأس الحكومة ــ وكان ذلك بشكل أو بآخر استجابة لمطالب الحراك الشعبى الذى انطلق فى اكتوبر من عام 2019، والبلاد فى ذروة حالات تأزمها، بالذات إقليميا من جراء إقدام الإدارة الأمريكية على اغتيال قائد فيلق القدس، أحد أهم فصائل الحرس الثورى الإيرانى، الجنرال قاسم سليمانى والمسئول البارز فى الحشد الشعبى العراقى أبو مهدى المهندس فى غارة جوية مباغتة فى الثالث من يناير الماضى أى مع اللحظات الأولى من ميلاد عام 2020، ما شكل أكبر تحد أمنى وسياسى للأوضاع الداخلية، الأمر الذى دفع البرلمان العراقى فى الخامس من يناير الماضى إلى التصويت ،على قرار بسحب القوات الأمريكية من الأراضى العراقية، وانتقلت البلاد عقب ذلك إلى مرحلة تصعيد متواصلة بين الحشد العراقى وإيران من جهة، والولايات المتحدة من جهة ثانية، وتجلى ذلك على الأرض سريعا، فقد شنت إيران فى الثامن من الشهر نفسه هجمات بالصواريخ استهدفت قاعدتين للقوات الأمريكية فوق الأراضى العراقية، رداً على اغتيال سليمانى والمهندس، ولم تهدأ تداعيات هذا التصعيد حتى الأيام الأخيرة من عام 2020، وهو ما تجلى فى الهجوم الصاروخى على مقر السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء فى بغداد فى العشرين من ديسمبر الحالى، الأمر الذى يؤشر الى أن العراق ظل خلال عام 2020، وربما ــ سيبقى كذلك لفترات زمنية طويلة ــ ميدانا لاستقطاب أمريكى إيرانى.

وشهد عام 2020 فى العراق استمرار الحراك الشعبى ،وإن بدا بدرجة أقل توهجا من العام السابق، وظل مصحوبا بممارسات سلبية تجلت فى اغتيال واختطاف أعداد إضافية من الناشطين السياسيين، على الرغم من محاولات حكومة الكاظمى التصدى للمنفذين ،لكنها لم تنجح على النحو الذى يوقف هذا النمط شديد الخصومة مع شباب الحراك ،الذين خرجوا فى هذا العام ــ والعام الذى سبقه ــ رغبة فى التغيير وإعادة بناء العراق كدولة واحدة، وفق أسس جديدة تنهض على المواطنة وسيادة القانون والديمقراطية والأمن والتنمية الشاملة.

وما يخشى منه المتابعون للمشهد العراقى هو ألا تتوافق القوى السياسية على المطلب الرئيس للحراك الشعبى، الذى برز بقوة والمتمثل فى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، لإعادة صياغة النخبة السياسية الحاكمة وفق محددات، تشمل الشفافية والنزاهة ومراقبة دولية فى السادس من يونيو المقبل، غيرأن بعضا من القوى السياسية تخشى التغيير وتعمل على إعاقة هذه الخطوة، ما يضع علامات استفهام أمام إمكانية إجراء هذه الانتخابات فى موعدها .

تبقى المعطيات الناجمة عن حالة التأزم الاقتصادى وجائجة كورونا، والتى ظلت مهيمنة على المشهد الوطنى العراقى فى عام 2020، وذلك على الرغم من الإجراءات الصحية الصارمة، التى طبقت فيما يتعلق بالتصدى لـ«كوفيد 19»، أو فيما يتعلق بحزمة الإجراءات الاقتصادية التى نفذ الكثيرمنها بالفعل يوم العشرين من ديسمبر، متمثلة فى خفض قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار وتقليل رواتب الموظفين بنسب متفاوتة وزيادة الضرائب فى مسعى لحكومة الكاظمى لمواجهة أزمتها المالية وإصلاح ما يمكن إصلاحه، بعد سنوات من سوء الإدارة والتخطيط الاقتصادى .

إن المتابع للمشهد السياسى العراقى يرى أنه زاخر بالأزمات، ويبدو أن جميع النخب السياسية تعيش على هذه الأزمات، السائدة فى البلاد منذ إسقاط النظام السابق، وكانت الحلول فى أكثر الاحيان تأتى من خلق أزمة جديدة ،وأكبر لتحل محل الأزمة القائمة، حتى تنسى الأزمة الأولى لتتجه الأنظار نحو الأزمة الجديدة، وهوما جعل القوى السياسية والدينية فى المجتمع العراقى المستفيدة من الوضع الراهن سياسيا واقتصاديا، قادرة ــ فى غياب احتكار الدولة للقوة العسكرية ــ على إعاقة أو تقويض أو حتى تفجير أى محاولة إصلاحية جذرية يمكن أن تهدد ــ ولو نظريا ــ هيمنتها على النظام السياسى .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق