رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بحث تجسيد «روايات فرعونية» وهرب إليها بعد خصومته مع أمريكا..
فى ذ كرى وفاته ديسمبر 1977 .. زيارات تشارلى شابلن إلى مصر

يسرا الشرقاوى
الصعلوك النجم فوق ظهر جمل فى محيط الأهرامات خلال زيارة 1932 صور ــ أرشيف الأهرام

«لا يستطيع أحد أن يتحدث مثلى عن هوليوود، فقد كنت أنا هوليوود»، هكذا قال النجم الأسطورى تشارلى شابلن فى وصف نفسه، وعلاقته بالغة التعقيد ثرية النتائج مع صناعة السينما الأمريكية. وقد صدق. فشابلن، المتوفى فى يوم 25 ديسمبر 1977، كان أكثر من مجرد «صعلوك» شغلت مشاغباته مشاهدى السينما الصامتة حول العالم.

فقد كان شابلن، صاحب رسالة فنية رفيعة دفعته، وفقا إلى ما ورد فى الجزء الثانى من «مذكرات شارلى شابلن» التى أعدها الكاتب الكبير صلاح حافظ للنشر عن «دار الهلال»، إلى إنشاء شركة «الفنانين المتحدين». واستهدف بشركته الجديدة الهروب بفنه ورؤيته من قبضة شركات الإنتاج والتوزيع، والتى وصفها فى مذكراته، كاتبا: «كان الموزعون فى تلك الأيام جماعة من التجار بليدة الحس.. والأفلام بالنسبة إليهم مجرد بضاعة يساوى المتر منها كذا قرش».

ولكن مواجهات شابلن لم تكن فقط مع منتجين وموزعين تشتت أنظارهم عن الأهم فيما يخص عملية الإبداع الفني. فقد تكررت المواجهات وتزامن بعضها، من قبيل المصادفة الحسنة، مع زيارتيه إلى مصر. فجاءت زيارة شابلن الأولى إلى مصر فى مارس 1932، وكانت بالتزامن مع مواجهة الفنان الكبير و متغير أساسى فى تاريخ صناعة السينما. وقد شكل هذا المتغير، وهو ظهور «السينما الناطقة»، تحديا لا يستهان به.

فحسب ما جاء فى متن مذكراته أن إنتاج فيلمه «أضواء المدينة» وطرحه جاء بالتزامن مع بداية حمى «الأشرطة الناطقة». ولكن شابلن رفض «ركوب الموجة»، فكتب فى مذكراته: «إننى كنت مصمما على الاستمرار فى انتاج الافلام الصامتة لإيمانى بأن المجال يتسع لمختلف ألوان التسلية. وبالاضافة الى ذلك فقد كان فنى هو التقليد الحركى وكنت فيه متفردا».

وبالفعل، كانت « أضواء المدينة» عند حسن ظن شابلن الذى استغرق فى إعداده عاما كاملا. فوفقا لمذكرات شابلن، جاء مدير دعايته فى اليوم التالى على بدء عرض «أضواء المدينة»، قائلا: «فعلتها يا جدع! يا لها من قنبلة! إن طابورا من الناس يقف ملتفا حول القطاع كله ( دار السينما) منذ العاشرة صباحا. والمرور معطل». وكان هذا الفيلم التحدى وراء زيارة شابلن الأولى مصر، التى نزلها خلال جولته بين دول الشرق لترويج الفيلم.

زيارة 1932.. ووعد العودة إلى « قبلى»

بدأت زيارة شابلن الأولى مصر فى العاشر من مارس 1932، وفى عدد «الأهرام» الصادر بتاريخ 11 مارس من العام نفسه، خرجت الصحيفة بعنوان رئيسى فى صدر صفحتها الأولى يقول: «شارلى شابلن يزور القاهرة». ووفقا لتغطية «الأهرام» التى جاءت مصحوبة بصورة لشابلن، مرتديا طربوشا، وبصحبته أخوه سيدنى شابلن، الذى رافقه خلال الرحلة نفسها، وسكرتيره اليابانى الأصل (كونوا)، ومعهم الترجمان المعروف وقتها الشيخ محمود فرج.

وأوردت «الأهرام» يومها: «فى الساعة السادسة من صباح امس وصلت الى ميناء بورسعيد الباخرة اليابانية (سوامارو) وبين ركابها الممثل الهزلى الشهير شارلى شابلن ومعه شقيقه سيدنى شابلن وسكرتيره اليابانى الذى يعمل فى خدمته منذ 17 عاما. وقد نزل ثلاثتهم الى بورسعيد وسافروا منها توا فى سيارة خاصة الى القاهرة فوصلوا عند الظهر. وبعد أن تناولوا طعام الغداء فى فندق شبرد زاروا المتحف المصرى وأهرام الجيزة وغيرها من مشاهد القاهرة. وفى المساء استقلوا سيارة الى السويس للحاق بباخرتهم.. لمتابعة سفرهم إلى اليابان لزيارتها ومن ثم يعودون الى أمريكا».

ووفقا للتغطية «الأهرامية» نفسها، فقد التقى شابلن بـ «الأفندية» صلاح الدين يوسف وإمام عبدالمجيد وأحمد شاكر أبو النصر، أعضاء الغرفة العلمية المصرية. وقد تخلل اللقاء، الذى جرى لفندق « ميناهاوس» ، مقترحا بأن يجسد شابلن «روايات فرعونية»، وحول رد النجم الكبير، أوردت «الأهرام»: «أبدى شارلى أن مثل هذه الروايات متعسرة الآن بسبب الأزمة المالية العالمية ويكون لها نجاح عظيم فى الشرق والغرب لو تحققت».

وردا على سؤال « عما تركته هذه الزيارة القصيرة لمصر من الاثر فى نفسه فاجاب باعجابه الشديد ودهشته لما رآه وقد صمم على العودة لمصر فى العام المقبل ليقوم برحلة نيلية الى الوجه القبلي»

وتبرز «الأهرام» ما كان من سرعة بديهة الفنان الكبير، فتروي: «تقدمت له بعض الفتيات الاجنبيات ليوقع لهن على بطاقاتهن فكان يجيب كل طلب قائلا ان هذا الامضاء لا يكلفه شيئا لانه لا يوقع شيكات».

زيارة 1967.. فى رفقة أونا

لم تتحقق عودة شابلن إلى مصر قبل 34 عاما، وإن كان بين الزيارتين لم يغفل عن مناصرة مصر خلال أزمة العدوان الثلاثى 1956. فأعلن وقتها، ووفقا إلى كتاب « عزيزى شارلي» للمخرج كامل التلمساني، أعلن شابلن دعمه النضال المسلح المصرى وأكد أن مصير الاستعمار إلى زوال. وفى عدد «الأهرام» الصادر 25 فبراير عام 1967، خرج باب «من غير عنوان»، بتغطية أعدها الكاتب الصحفى الكبير كمال الملاخ، وعنوانها: «شارلى شابلن يصل غدا الى القاهرة». وأوضحت التغطية، أن قرينة شابلن أونا، نجلة الروائى الأمريكى الراحل أوجين أونيل، ستصحبه خلال الرحلة التى ستمتد أسبوعين.

وفى هذه التغطية، كتب الملاخ عن النجم الكبير: «شابلن بريطانى الجنسية تجرى فى عروقه دماء ايرلندية وفرنسية، ولد فى ظلال حوارى لندن، والده ممثل ووالدته كانت راقصة، مات أبوه وهو فى الخامسة ثم رعته والدته حتى مرضت وماتت. ولم تكن بداية طريق المجد .. من حرير لشابلن .. فله من العمر 6 سنوات، عندما بدأ يعمل، يطوف أزقة أحياء لندن الفقيرة مع صاحب بيانو متجول .. ثم إلى المسرح.. ثم إلى أمريكا.. وبدا حظه يبتسم عندما قاده إلى شاشة السينما الصامتة».

وجاءت هذه الزيارة بعد تصاعد الخصومة بين شابلن وأمريكا، بعد رفض سلطات الأخيرة منحه تأشيرة لدخول أراضيها منذ 1952 لاتهامه بالتعاطف مع الشيوعية.

أورد الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهجت على صفحات عدد «الأهرام» الصادر فى الثالث من مارس 1967، وفى تقرير بعنوان «إننى أومن بالحرية.. شارلى شابلن»، ما قاله شابلن ردا على قرار وزير العدل الأمريكى بمنعه من العودة إلى أمريكا وفتح تحقيق فيما تم وصفه بنشاطه المعادى لأمريكا، وذلك فى ذروة وقائع «الحرب الباردة».

ومما قاله شابلن أيضا ردا على اتهامات أمريكا له، وأورده أحمد بهجت، بمناسبة زيارة 1967، « انا لا أؤمن بتقسيم البشر الى اقسام حسب أرائهم.. وانا لا انضم الى اى حزب سياسى والحياة اصبحت مصطلحات ويكفى أن يهبط الرجل من على الرصيف برجله اليسرى أولا حتى تقولون عنه إنه يسارى»

عاش شابلن، الذى قال «أنا هوليوود» دون أن يحصل على الجنسية الأمريكية. ومات شابلن الذى قال « وطنى العالم كله» بسويسرا فى مثل هذا اليوم عام 1977.


شابلن وسط مرافقيه يرتدى «طاربوشا» أمام الأهرامات


بوجه «الصعلوك» عرفه العالم


ووجهه الحقيقى قليلا ما ظهر للعالم.. شابلن

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق