هو فيلم وثائقى صحيح لكنه استطاع أن يكسر القاعدة أو المقاييس المتعارف عليها فى الأفلام التسجيلية أو الوثائقية التقليدية الأخرى. فبعد حصوله على ثلاث جوائز خلال الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وهى عبارة عن «الهرم البرونزى»، و«جائزة إيزيس» المقدمة من صندوق مشاريع المرأة العربية وجائزة يوسف شريف رزق الله، بات الفيلم نموذجا مشهودا. فقد نجح وبسلاسة راقية فى تناول أحداث حقيقية استمرت أربعة أعوام. كما نقل برقة بالغة ملامح واقع شديد الصعوبة بكافة تفاصيله بدون رتوش أو « تزويق».
جوائز «القاهرة السينمائى» تنضم إلى رصيد «عاش يا كابتن» الذى يضم ، على سبيل المثال، جائزة اليمامة الذهبية لأفضل فيلم فى مهرجان «دوك لايزبج» الألمانى، وجائزة من «دوك نيويورك» أكبر مهرجان للسينما الوثائقية بأمريكا، مع ترشيحه المحتمل للمشاركة فى الأوسكار عن فئة الأفلام الوثائقية. والفيلم الذى ملأ السمع والبصر لم يعتمد على سيناريو مكتوب أو معد مسبقا , بل كان أقرب إلى يوميات أبطاله. ويدور «عاش يا كابتن» حول كابتن رمضان، مدرب رفع الأثقال المقيم بالإسكندرية، صاحب حلم اقتحام الفتيات لرياضة رفع الأثقال، والتى تصنف دوما على أنها «رياضة للرجال فقط»!
ولكن كابتن رمضان بإصراره وعزيمته ترجم حلمه إلى واقع, ولم يكتف فقط باقتحام المرأة لعالم هذه الرياضة العنيفة، بل وقرر أيضا أن يحقق جوائز عالمية لبلده من خلال هؤلاء الفتيات. فدرب الفتيات الموهوبات فى إحدى الخرابات المهجورة والموحشة, والذى تحول تحولا جذريا بفعل مثابرة كابتن رمضان الذى راح يزرع فيه الأشجار ويحوله إلى جنة خضراء.
اختارت مخرجته مى زايد البطلة الصغيرة «أسماء رمضان» أو «زبيبة» كما كان يحلو أن يناديها مدربها, لتتصدر الفيلم. وذلك رغم وجود بطلات أخريات منهن نهلة رمضان، وهى نجلة المدرب والتى حصلت على ثلاث ميداليات ذهبية فى بطولة العالم للكبار بكندا عام 2003. وبررت زايد اختيارها بأنها أرادت لفيلمها أن يكون بداية تأريخ مرحلة مهمة فى رحلة المرأة مع هذه الرياضة, وهو ما لن يتحقق مع بطلة كبيرة مثل نهلة رمضان، تتوافر لها كثير من الإمكانيات بالمقارنة مع غيرها من المتدربات الأصغر.
والمؤشرات التى تلت نجاحات «عاش يا كابتن» ترجح أنه سيجدد الاهتمام بضرورة توفير الإمكانات لمثل تلك اللعبات الفردية التى تعانى من غياب التغطية الإعلامية والإمكانات اللازمة. كما أنه سيؤسس إلى مدرسة جديدة فى مجال السينما الوثائقية تقوم على تغيير الصورة النمطية لمثل هذه الأفلام، بحيث لا يشعر المشاهد بأنه «فيلم وثائقى» بشكله التقليدى. فيدعو المشاهد إلى العيش وسط أبطاله الساعين طوال الوقت لتحقيق حلمهم المستحيل، فى ظل عالم خشن غير مفروش بالورد وإنما كله شوك وإخفاقاته أكثر بكثير من نجاحاته.
وقد نجحت بطلات الكابتن رمضان فى تجاوز محنة وفاته المفاجئة، ويبرز الفيلم مشوار عمل العم رمضان الذى استمر 20 عاما، متمثلا فى نجاح بناته وتحقيقهن بطولات وميداليات رفعت اسم مصر طوال سنوات طويلة. وتحقق تتويج نجاحهن مرة أخرى فى السينما من خلال فيلم شديد العزوبة والتميز بفضل مخرجته وكل بطلاته وأبطاله الحقيقيين الذين يستحقون بالفعل أن نقول لهم وبكل فخر « عاش يا كابتن «
رابط دائم: