رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سقوط «ورقة التوت» عن الأنظمة الصحية

دينا عمارة

‎ربما لم يشهد العالم هذا التهديد الوجودى من قبل، فقد استطاع فيروس مجهرى أصغر 10 آلاف مرة من حبة ملح أن يوحد العالم أجمع، على نفس الشكوك والمخاوف. ففى أقل من عام واحد، استطاع كورونا أن يكشف أكذوبة الدول الكبرى بعد أن هاجم أجسادها المناعية وأسقط «ورقة التوت» عن أنظمتها الصحية, كاشفا عن عوار
‎سوء الإدارات وافتقارها إلى الشفافية. وهى التى كثيرا ما كانت تتشدق بكفاءتها فى التصدى للأخطار. مع هجوم فيروس كورونا المستجد، اتخذت أغنى دول العالم خطوات لحماية اقتصادها دون اتخاذ تدابير كافية فى مجال الصحة، فمثلا سارعت الولايات المتحدة إلى الالتزام بما قد يصل إلى 1.5 تريليون دولار لإنقاذ الأسواق، فى حين أن إقرار قانون الاستجابة الصحية استغرق أسابيع. لذلك حينما ضرب كوفيد -19 البلاد فى موجته الأولى، كشف ببساطة عن ضعف النظام الصحى لديها. ولم تتمكن الدولة التى كانت تطلق الطائرات المقاتلة كل ساعة من تلبية احتياجاتها الأساسية من الكمامات أو توفير المسحات اللازمة. وعجزت مستشفياتها عن استيعاب مئات الآلاف من المرضى الذين لم يكن لديهم تأمين صحى قادر على تغطية التكاليف الباهظة للعلاج. وتحولت الأمة التى هزمت الجدرى وشلل الأطفال وقادت العالم لأجيال فى الاكتشافات الطبية، إلى أضحوكة حينما دعا رئيسها المنتهية ولايته دونالد ترامب إلى استخدام المطهرات المنزلية كعلاج للفيروس القاتل. ودخل فى حالة إنكار، حتى سجلت الوفيات من الأمريكيين ستة أضعاف المتوسط العالمي.
أما بريطانيا، فربما كانت الدولة الوحيدة فى العالم التى جعلت حماية هيئة الصحة الوطنية هدفا رئيسيا. فمشهد التصفيق الحاد للأطقم الطبية تقديرا لجهودهم، لا يمكن لأحد أن ينساه. لكن مع تفشى المرض، لم تنجح البلاد مقارنة بأى دولة متقدمة أخرى فى إنقاذ الكثير من الأرواح، خاصة كبار السن الذين توفوا فى دور الرعاية بأعداد مروعة. والسبب فى ذلك كما يرى الخبراء هو اعتماد الحكومة على نصائح فقيرة مبنية على أدلة أضعف تم توفيرها من خلال اختبارات أقل. فما ظهر كان دولة اعتقدت أنها أقوى مما كانت عليه ولكنها فى الحقيقة كانت تدفع ثمنا لإخفاقات تراكمت لسنوات.
‎ففى بداية 2020, كانت بريطانيا قد تجرعت مرارة 10 سنوات من التقشف عقب الانهيار المالى لعام 2008, وكانت دائرة الخدمات الصحية الوطنية مشتتة. وتحول نظام رعاية المسنين فيها إلى «وصمة عار وطنية» غير قابلة للإصلاح. الحقيقة الواضحة أن بريطانيا كانت مريضة قبل أن تصاب بفيروس كورونا!
‎ولم يختلف الحال كثيرا فى معظم الدول الأوروبية، مثل فرنسا مثلا. فقد كشف كورونا عن ضعف استعداد النظام الصحى فى التعامل مع الأزمات الطارئة، وبدا واضحا افتقاره إلى البنية التحتية مثل عدد الأسرّة والعاملين فى وحدات العناية المركزة، فضلا عن قلة المعدات والموارد التى توفرها الحكومة لموظفى القطاع الصحى ودور الرعاية للمسنين. وهو ما دفع الأطباء والممرضين ومختلف الطواقم الطبية للتظاهر لمطالبة الحكومة بتنفيذ وعودها المتعلقة بتعزيز الإمكانيات المالية والبشرية لقطاع الصحة..
‎وفى أسبانيا, تلك الدولة الأوروبية التى بادر فرناندو سيمون, رئيس مركز تنسيق الطوارئ الصحية فيها بإنكار وجود الفيروس، ليصاب أكثر من مليونى شخص خلال الموجة الأولى من الوباء. وهو ما أجبر المستشفيات المثقلة بالأعباء إلى وضع أسّرة المرضى فى صالات الألعاب الرياضية والممرات والمكتبات والخيام.
 ‎أما إيطاليا, فقد تسببت سنوات من الخصخصة وتدابير التقشف فى انهيار النظام الصحى سريعا, حتى تحولت بعضها إلى بؤر ساخنة للفيروس.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق