بارقة أمل ظهرت فى النفق المظلم، بعد الإعلان عن نجاح التجارب حتى الآن على العديد من لقاحات فيروس كورونا وبدء حملات التطعيم فى عدة دول حول العالم. لكن تطوير اللقاح وتوزيعه مجرد خطوة أولى فى رحلة طويلة شاقة نحو إنهاء الوباء والادعاء بالانتصار فى هذه المعركة الضارية.
وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن القضاء على خطر تفشى المرض فى المستقبل، سيحتاج إلى تحصين٧٠ ٪ من سكان العالم، من خلال التطعيم أو العدوى والتعافي. لكن بالنظر إلى أن ما يقدر بـ١٠٪ فقط تم تسجيل إصابتهم رسميا بالفيروس، فإن الاعتماد الأكبر سيكون على جهود التطعيم العالمية، وهو ما سيستغرق الكثير من الوقت. حذرت منظمتا العفو الدولية و«أوكسفام» من أن 61 % من سكان العالم لن يحصلوا على لقاح حتى عام 2022 على الأقل، بسبب استحواذ الدول الغنية التى تمثل 13% من سكان العالم على النسبة الأكبر، والتى حجزت بالفعل أكثر من نصف إمدادات اللقاحات المتوافرة، أو أول ٩ مليارات جرعة بما يكفى لتحصين شعوبها 3 مرات تقريبا بحلول نهاية العام المقبل. فى المقابل، لن تتمكن الدول الفقيرة من تلقيح سوى شخص واحد من كل 10 أشخاص فى العام المقبل. ولم تكتف الدول الغنية بذلك، بل قام العديد منها بتخزين إمدادات من مختلف اللقاحات لتطعيم سكانها بالكامل عدة مرات.
وهناك عقبة أخرى تتمثل فى تحديد متلقى اللقاح، وتوزيع الجرعات على نطاق واسع وبشكل منصف فى المرحلة الأولى من التوزيع. ويتفق الخبراء عموما على أن الأولوية يجب أن تُمنح للفئات السكانية الأكثر ضعفا وهم عمال الرعاية الصحية، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة التى تعرضهم لخطر المضاعفات والموت فى حالة الإصابة. ومع ذلك، فإن ترجمة هذه الإرشادات إلى سياسات قابلة للتطبيق لن تكون بالضرورة واضحة، فمن المتوقع أن يكون لدى الأثرياء والساسة فرص أفضل فى الحصول على التطعيم، مقارنة بالفقراء والمهمشين.
وإضافة إلى ما سبق، فيجب أيضا معالجة أى تردد بشأن التحصين بين السكان حتى فى أغنى دول العالم . فقد كشفت دراسة استقصائية نشرها موقع «فورين أفيرز» الأمريكى عن أن الرغبة فى التطعيم آخذة فى التضاؤل فى الدول الغنية. فالدعاية المضادة والمعلومات المضللة، التى غالبا ما يتم تداولها بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ضاعفت من صعوبة بناء الثقة فى الدول الغنية قبل الفقيرة، خاصة أنه من المتوقع حدوث مضاعفات بعد التطعيم.
ولكن حتى لو نجحت الجهود فى تقليل حجم الخطر، فقد حذر الخبراء من أن اللقاحات المتوافرة حاليا قد لا تقضى على الوباء نهائيا.
كل هذه العقبات ستعيق الجهود العالمية لتحصين ما يكفى من سكان العالم للقضاء على فيروس كورونا، وكما اتفق العديد من العلماء، فإن انتهاء الوباء سيتوقف بصورة رئيسية على مدى فعالية اللقاح وعدد الأشخاص الذين يخشون تلقى التطعيم. ونتيجة لذلك، سيستمر خطر تفشى المرض لفترة طويلة بعد طرح الجيل الأول من اللقاحات. لذلك؛ يجب أن تظل تدابير التباعد الاجتماعي، وارتداء الأقنعة والإجراءات الاحترازية الأخرى قائمة لعدة أشهر قادمة.
رابط دائم: