رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بعد تزايد معدلات الطلاق
«الميثاق الغليظ» .. يحصن الزواج ضد الفشل

تحقيق ــ  إبراهيم عمران ــ هند مصطفى عبدالغنى
الطلاق

ما كشفه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أخيراً، من الارتفاع الصارخ فى معدلات الطلاق بمصر، التى بلغت حالة كل 2.11 دقيقة، استوقف علماء الدين وخبراء النفس والاجتماع، إذ طالبوا بإطلاق حملة لـ«المراجعات الأسرية» للوقوف على أسباب الطلاق وتجفيف المنابع المؤدية إليه، وتأكيد التزام المعايير الشرعية فى التعامل بين الزوجين.

وأمام وقوع نحو 40% من حالات الطلاق فى السنوات الثلاث الأولى من الزواج ـ بحسب ما تشير الإحصاءات ـ يؤكد العلماء أن تجاهل التوجيهات النبوية عند الاختيار، بالإضافة إلى الاستخفاف بعقد الزواج، والنظر إليه على أنه «تجربة» أبرز الأسباب الخطيرة للطلاق المبكر، وارتفاع نسبة الطلاق بشكل عام.

فى البداية تشير الدكتورة صفاء أبوالجود، عضو مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، إلى أن ارتفاع نسبة الطلاق سببه غياب الوعى الدينى والتخلى عن المسئولية لدى بعض المتزوجين، فالرجل ترك القوامة أحياناً، ولم يعترف بها إلا فى الأوامر الملقاة على كاهل المرأة الضعيفة، ونسى أو تناسى أن القوامة هى المسئولية والرعاية، كما أن المرأة تركت رعاية بيتها الذى أمرها الله سبحانه وتعالى بحفظه ورعايته إلى أحلام زائفة تبثها مشاهد درامية لا علاقة لها بالواقع.

خطورة التكنولوجيا

من جهتها تشير الدكتورة أماني  محمود عبد الصمد الباحثة بمجمع البحوث الإسلامية بأصابع الاتهام إلى الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا الحديثة، حيث إن بعض الأزواج يقضون الأوقات الكثيرة والساعات الطويلة فى العالم الافتراضي، إما بحثاً عن ترفيه أو هربا من مواجهة مشكلة أو وقوعاً فى براثن علاقة جديدة قد تكون بريئة أو آثمة مما يترك فراغا ملحوظا فى الحياة فى البيت. وتعتبر د.أمانى سوء الخلق بين الزوجين سببا مهما للخلافات والوصول إلى الطلاق، بالإضافة إلى تجاهل مشاعر الآخر، فالزوج تراه باسما ودودا حنونا رقيقا عطوفا كريما مع كل الناس خارج بيته وأسرته، أما فى بيته فتراه فظا غليظا كئيبا سيئ الخلق. وكذلك الزوجة تراها رقيقة ودودا باسمة مع الآخرين أما فى بيتها ومع زوجها فلا تجد شيئا من ذلك. 

بينما ترى الدكتورة عبير عبدالغفار أستاذة الفلسفة بجامعة بنى سويف، أن الاستهانة وعدم تقديس ميثاق الزواج، جعلا البعض ينظر إليه على أنه تجربة، لذا كانت نسبة حالات الطلاق هى الأعلى فى العائلات الغنية، حيث القدرة المالية التى تجعل الإنسان يفكر فى الزواج والانفصال أكثر من مرة، كما أن ضغوط المجتمع والعادات والتقاليد ببعض المناطق جعلت كثيرا من النساء يقبلن الزواج بمن لا تتوافر فيه الشروط الكافية لاستقامة البيت والأسرة. هربا من لقب (عانس). وللحد من نسبة الطلاق تشدد د. عبير على مراعاة المعايير الشرعية عند الاختيار، وأن نقدم أصحاب الدين والخلق؛ لقول النبى صلى الله عليه وسلم مخاطبا الرجال: (فاظفر بذات الدين)، وقوله لأولياء المرأة: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه). مع مراعاة الأمانة والميثاق الذى أخذه الله بين الزوجين فى قوله: «وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً»، وأن نمتثل لتوجيهات الشرع فى التعاطى مع الخلافات الزوجية، والأخذ فى الاعتبار أن الزواج بعد الأخذ بالأسباب يصبح قدرا يجب أن نحمل أنفسنا على الرضا به وتحمل تبعاته ـ بعيدا عن الطلاق قدر الإمكان ـ وعدم التطلع لما رزق الله الآخرين به، لاسيما إذا كان هناك أولاد.

انحراف عن الميثاق

ويصف الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر ـ الاستهانة بالطلاق بأنها (انحراف دينى واجتماعي) لأنه هدم لكيان أسرة ناشئة، واستخفاف بعقد سماه الله(الميثاق الغليظ)، ومن ثم يصبح الطلاق شيئا عاديا، فتقول الفتاة إذا ما تأخر بها الزواج أو تقدم لها رجل ذو منصب أو يسار مادى: أتزوج ثم أنفصل ..ما المشكلة؟

كما أن بعض الأسر ـ فى إقناعها لبناتها بالزواج بمن لا تقبله ـ يقولون لها: «جربي، فإن لم ترغبيه فيما بعد اطلبى الطلاق أو ارفعى قضية خلع»، وهذا فكر قاصر ومنحرف، فاعتبار الزواج تجربة، يخلف آثارا خطيرة منها: ارتفاع نسبة الطلاق، خاصة بين الفئات الصغيرة السن، ومن ثم ارتفاع نسبة أبناء التفكك الأسري، ووجود سيدات بالمجتمع خارج دائرة الزواج بما يرفع نسبة التحرش والانحراف والعلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء، لأن الثيب المطلقة تكون أكثر تحررا من البكر، ومعلوم أن التى لم تتزوج بالأساس لا تكون كمن خبرت الزواج. 

مودة ورحمة

فى سياق متصل يوضح  الدكتور السعيد محمد على (من علماء وزارة الأوقاف) أن الله عز وجل لما شرع الزواج شرعه على التأبيد، وليس للتجريب، مشددا على الحاجة إلى وضع  برنامج إصلاحى لمراجعة الأفكار الهدامة والمفاهيم المغلوطة للزواج والأسرة، فالواقع المرير للأسرة المصرية والارتفاع السريع لمعدلات الطلاق جديران بتلك المراجعات من خلال الدورات التدريبية والتوعوية ووسائل الإعلام المختلفة.

ويحذر من الاحتكام للأهواء عند الزواج، قائلا: الزواج ميثاق غليظ يحكمه قرآن ربنا وسنة نبينا، لا هوى أنفسنا، وليس تجربة لرجل ملك شيئا من المال أو فتاة وهبها الله شيئا من الجمال، بل الزواج مؤسسة تشاركية يراد لها الاستمرار والديمومة، ولا يصح أن يكون لـ«التجربة» فيها نصيب مهما تكن المكاسب أو الضمانات كما يتوهم البعض، فربما يقول الرجل حينما يتهاون فى اختيار امرأة: «ماذا أخسر؟ بعض أموال..لا يهم! أطلقها وأتزوج غيرها»!  وكذلك الفتاة أو أهلها، يقولون: «نجرب» إن كان يرعاها ويلبى مطالبها، فبها ونعمت، وإلا فالطلاق أو حتى الخلع! ولم يسأل أحدهم: ماذا تفعل الفتاة بعد أن تصبح مطلقة؟ ماذا ينفعها الصداق الكبير أو الشبكة أو السيارة أو الشقة التى حققتها من هذا الزواج، بعد طلاقها؟، ويوصى السعيد بألا نضع الطلاق فى حساباتنا عند الزواج، وأن نعده بمنزلة الرخصة التى لا نلجأ إليها إلا عند العجز عن الإتيان بالعزيمة. ويختتم حديثه مخاطبا الفتيات اللائى يهربن من العنوسة ويسعين لتحقيق غريزة الأمومة: ماذا تفعلين بلقب مطلقة؟ وما قيمة أن تكونى أُمّا لطفل يتربى بعيدا عن أبيه؟!

المسئولية متبادلة

وترى الدكتورة أسماء سعيد إبراهيم مدرس الفقه بكلية الدراسات العربية والإسلامية بنات بالقاهرة أن التكافؤ فى الزواج عامل مهم لاستقرار الأسرة، أما الرغبة فى التخلص من العنوسة، أو الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة، فإنها تتجاهل التكافؤ المطلوب، حيث ترضى الفتاة بمن لديه الجاهزية والقدرة على الزواج،  سواء كان يكبرها سنا أو يقل عنها فى المستوى الاجتماعى أو الثقافى أو البيئي. وتقول إن الحياة الزوجية أصلها المسئولية المتبادلة وإنها حياة يُكًمل فيها كل منهما الآخر دون اشتراط ..ولو تربى الشاب والفتاة على أن الزواج ميثاق غليظ لما استهانوا فى القبول أولا، ولما استسهلوا الفُرقة وطلب  الطلاق أو اللجوء إليه.. ومن هنا نوصى الشباب بعدم التسرع  فى الزواج  وعلى الفتاة ألا تقلق من فكرة تأخر الزواج وتقلص فرصة الإنجاب، فهذا نصيب وقدر كتبه الله للإنسان منذ قدومه للدنيا، كما تدعو كل زوجين إلى الصبر على عيوب الآخر،  والرفق به والعلم بأن لدينا عيوبا ومميزات فيجب البحث عن الميزة وشكر الله عليها  والتغاضى عن العيب مع إيجاد طريقة للتكيف والتعامل معه وليس السعى لتغييره  فغالبا «الطبع لا يتغير».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق