رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أصدر الرئيس عبدالناصر قرارا بسفره للدراسة فى موسكو.. فأصبح رئيسا لهيئة الطاقة الذرية
الدكتور محمد قمصان.. ابن المنيا يحدثكم عن دراسته بجامعة يطرد من يرسب فيها!

نعمة الله عبدالرحمن

تصوير ــ عادل أنيس

الدكتور محمد ناصف قمصان، الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية، من مواليد سمالوط بمحافظة المنيا عام 1939، هو واحد من 15 طالبا من أوائل الثانوية العامة عام 1956، الذين أصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا بسفرهم للدراسة بجامعة موسكو، ليكونوا النواة الأولى لتكوين هيئة الطاقة الذرية، تلك المؤسسة العلمية التى انطلق منها علماء ينشرون أنوار العلم فى مصر والدول العربية والإفريقية.

فى هذا الحوار نعرف من الدكتور محمد قمصان، كيف تم اختيار هذه المجموعة، وكيف سارت سنوات دراسته، ورحلته حتى تقلد منصبه الرفيع فى هذه الهيئة الكبيرة.



كيف تم اختيار المجموعة التى سافرت للدراسة بجامعة موسكو؟ وما هى ظروف السفر خاصة أنها كانت فترة شائكة فى مصر بسبب العدوان الثلاثى؟

حصلت على التوجيهية عام 1956 بتفوق، وكان ترتيبى الـ 32 على مستوى الجمهورية، والتحقت بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وبعد مضى شهر من الدراسة تم اختيارى ضمن 30 طالبا من كلية الهندسة بجامعتى القاهرة وعين شمس للسفر من أجل الدراسة فى جامعة موسكو بروسيا، وأجريت لنا الاختبارات من قبل لجنة الطاقة الذرية، وقتئذ، حيث لم تكن قد تشكلت هيئة الطاقة الذرية، وكانوا يواجهون عجزا فى تخصصات الفيزياء والرياضة، والاختبارات أسفرت عن اختيار 15 طالبا و5 معيدين كان من ضمنهم الدكتور يحيى المشد.

وقبل ميعاد السفر حدث العدوان الثلاثى على مصر، فتأخر السفر، وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا بسفرنا على طائرة حربية كانت قادمة لمصر، وعلى متنها قوات حفظ السلام من الأمم المتحدة، والتى أقلتنا إلى روما، ومنها إلى زيورخ، ثم اتجهنا إلى براغ، ثم أوكرانيا، وأخيرا روسيا، لأنه لم يكن وقتها يوجد طيران مباشر.

ما هى العلوم التى تخصصت فى دراستها؟ وكيف تحققت الاستفادة من الدراسة بالخارج؟

درست الفيزياء النووية لمدة 6 سنوات ونصف السنة فى كلية خاصة للطلبة الأجانب، وكان معنا طلاب عرب من الجزائر، من ضمنهم الأخضر الإبراهيمى، وكان يُصرف لنا راتب عضو بعثة، وأقمنا فى مقر لسكن الطلاب المغتربين غير قاطنى موسكو.

وقد اخترت دراسة الموجات الدقيقة، وهى تعنى الصدمة الكهرومغناطيسية والتى تتم فى المواد الدقيقة بعدها درست لمدة عام للحصول على دبلوم فى الفيزياء، ثم حصلت على الدكتوراه فى التفاعلات النووية من جامعة خاراكوف فى أوكرانيا.

وأجواء الدراسة كانت رائعة، والدولة المصرية كانت تتابعنا وترعانا منذ وصولنا، وكان السكرتير الثقافى لسفارتنا فى موسكو يتابعنا، وقد تبعتنا دفعة من الطلاب عام 1958 وكانوا يدرسون فى كييف وليننجراد، وهى بعثات مهمة أضافت لمصر الكثير، لأن الدراسة الجامعية فى الخارج تفوق الدراسة فى جامعتنا ثلاثة أضعاف من حيث الكم والكيف للمواد العلمية، وطبيعة الدراسة هناك ليس عندهم رسوب لأن الطالب الذى يرسب يُطرد من الجامعة.

ومع العودة لمصر كانت قد تكونت هيئة الطاقة الذرية، والتحقت بالعمل فيها، وكان الهدف من إنشائها العمل فى المجالات السلمية «مصر وقتها عقدت اتفاقية للتعاون السلمى للطاقة الذرية مع الاتحاد السوفيتى» حيث اتجه البعض إلى مجال دراسات البلازما، وهى الحالة الرابعة للمادة، والتى تدخل فى العديد من الصناعات. لذلك نجد أنه منذ 6 سنوات أنشيء المفاعل النووى الاندماجى الدولى فى فرنسا باشتراك 11 دولة معها للدراسات والأبحاث فى هذا الشأن، لكنه ما زال فى طور البحث، كذلك فى أمريكا تستخدم البلازما القصورية وهو شعاع ليزر قوى لرفع درجة الحرارة، لكنه مازال قيد التجربة أيضا، حتى الآن، ويمكن القول إن مفاعلات الاندماج بالبلازما يكفى ثلاثة منها لتغذية العالم بالطاقة الكهربائية، فهى بمثابة شمس على الأرض لكنها عالية التكلفة.

ما هى الاستفادة التى تحققت من المفاعل الروسى؟

المفاعل الروسى الذى أنشئ عام 1961 كان يتيح إنتاج 18 نظيرا مشعا لخدمة الطب، وكانت الهيئة تتولى عملية توزيع تلك النظائر للمستخدمين فى مجالات الطب، حيث كان الذهب يستخدم فى علاج العظام، واليود 131 لعلاج الغدة الدرقية، أما اليود 125 فيكون للتشخيص، ومع عام 1967 توقف الإنتاج لدواع أمنية، واتجهت الأجواء الطبية إلى الاستيراد من الخارج لتلك النظائر، لكن مع معاهدة السلام عاودت الهيئة إنتاج النظائر المشعة ووقتها كان الاعتماد على عنصر الملوبيدنوم كنظير، وأصبح يمثل 90% من عناصر الفحص الطبى، حيث يدخل فى تركيبات كيميائية لفحص أمراض المخ والكبد والكلى والقلب، لذلك اشترت الهيئة مفاعلا مخصوصا لإنتاجه «المفاعل البحثى الثانى» وتوقف الاستيراد وأصبح الاعتماد على الإنتاج المصرى، ومنذ 3 سنوات وقعت اتفاقية مع روسيا لتصدير الملوبيدنوم اليها.

حدثنا عن الدور الذى قامت به المجموعة التى سافرت إلى روسيا فى تطوير هيئة الطاقة الذرية؟

تلك المجموعة التى سافرت إلى روسيا للدراسة الجامعية حتى الحصول على الدكتوراة ساهمت بشكل فعال فى إنشاء هيئة الطاقة الذرية، والهيئات التى انبثقت منها فيما بعد، بجانب أن هذا الفريق ساهم فى رسم سياسات الهيئة، وكان له دور فى نمو الهيئة، فقد خرج من رحمها ثلاث هيئات، حيث أنشئت هيئة المحطات النووية على أكتاف العاملين بمفاعل مصر البحثى، كما تحول قسم الجيولوجيا بالهيئة إلى هيئة المواد النووية، والتى من مهامها البحث عن العناصر المشعة فى التربة المصرية وفى الجبال وفى الصحراء الشرقية بجانب البحث عن الرمال السوداء، ومؤخرا مركز الأمان النووى الذى أصبح هيئة الرقابة النووية والإشعاعية.

ما هى المهام التى تقوم بها الهيئة لحماية الأجواء المصرية من الإشعاعات القادمة من خارج الحدود؟

عندما وقعت حادثة تشرنوبل النووية عام 1986 كونت هيئة الطاقة الذرية فرقا انتشرت فى الموانى والمطارات المصرية، لدراسة النشاط الإشعاعى لكل السلع والبضائع القادمة من الخارج، سواء غذاء أو ملابس أو آلات وأجهزة والتى ما زالت تعمل حتى الآن حارسة لحدود مصر، وفى ذلك الوقت لم يكن لدينا قانون وطنى لتحديد النسب المسموح بها، لذلك كونت الهيئة لجنة علمية ناقشت ذلك ووافقت على اعتماد الحدود التى وضعها الاتحاد الأوروبى وبعدها صدر القانون الموجود حتى الآن.

مشروع الضبعة لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية أمل المصريين.. ما هى استعدادات الهيئة لهذا المشروع؟

مشروع الضبعة ينقسم إلى 25% منه جزء نووى و75% غير نووى وهو الجزء الخاص بتوليد الكهرباء والتحكم، أما الجزء النووى فيشمل الجزيرة النووية وهى تعنى المفاعل والوقود ومكان تخزينه، لذلك فإن احتياجنا يكون لمهندسين نوويين وفيزيائيين نوويين للجودة واخصائيين ووقائى فيزيقى بجانب فريق معاون متخصص، ونحن نسير فى خطى سليمة لذلك نحتاج للإسراع فى فرق يتم تدريبها فى روسيا لتشغيل الجزيرة النووية، ويمكن أن نشير إلى أن الهيئة أجرت دراسات مختلفة على عشرة مواقع أخرى بخلاف الضبعة تصلح لإنشاء محطات نووية.

وأيضا فإن هيئة الطاقة الذرية لديها الآن مشروع لاستخدام عنصر الثوريوم ضمن خليط الوقود فى مفاعلات القوى استعدادا لمحطة الضبعة، لذلك شكلنا مجموعة مفاعلات الثوريوم منذ 3 سنوات من خلال بروتوكول تعاون مع هيئة المواد النووية لتحويل خام الثوريوم مع اليورانيوم إلى جزء من خليط الوقود وإجراء الدراسات فى هذا الشأن، خاصة وأن مصر سادس دولة على مستوى العالم فى مخزون محتوى الثوريوم.

ويمكن الإشارة إلى أن هيئة الطاقة الذرية فى الستينيات من القرن الماضى كانت أول من طالب بإنشاء مفاعلات لإنتاج الكهرباء، وتم إجراء مشروع مفاعل تجريبى واختيرت منطقة سيدى كرير، وكان من المفروض أن تقيمه ألمانيا الغربية.

هل الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية يمكنها أن تصل بالصناعات المصرية للمنافسة فى الأسواق العالمية؟

نعم الهيئة تهدف إلى إدخال المفاعلات الصغيرة، وهى لها تطبيقات صناعية واسعة فى الكشف عن البترول وتحسين خواصه، وكذلك صناعات البتروكيماويات والألومنيوم والأسمنت، وإدخالها إلى مصر سوف يحدث ثورة صناعية لأنه يحسن من خواص تلك الصناعات، ويمكن وضعها فى منطقة وسطية قريبة من المناطق الصناعية، مع توفير ذاتية الأمان لتلك المفاعلات، والوكالة الدولية للطاقة الذرية تتجه الآن لنشر استخدامات المفاعلات الصغيرة.

بالعودة إلى فترة الدراسة.. كيف كانت علاقتكم بالرئيس جمال عبدالناصر؟

كان الرئيس عبدالناصر عندما يسافر إلى موسكو يعقد معنا مقابلة فى السفارة لمدة ساعة، وكان حديثه دائما معنا ينصب على أن مصر تنتظر عودتنا لإفادة بلدنا من علمنا، وجاء لنا مرة فى الجامعة، حيث ألقى خطابا فيها وحضرنا الخطاب، كذلك مرة ألقى خطابا فى مجلس ممثلى الشعب الروسى «الدوما» وحضرناه أيضا، وكان خطابا مخصصا عن فلسطين.

وأيضا كان المشير عبدالحكيم عامر يقابلنا فى السفارة، خاصة فى المناسبات الرسمية، وكان يهتم بنا، ويتابع أحوالنا حتى إنه فى مرة سألنى «ليه أنت خاسس كده مش بتاكل»، وفى مرة عبدالحكيم عامر قال للرئيس عبدالناصر «الحق جماعة الطلبة فى روسيا أصبحوا شيوعيين»، وعلى الفور أرسلونا للقاهرة وتم عقد عدة محاضرات قومية توعية لنا جميعا، وذلك فى مدينة الطلبة بجامعة القاهرة، وبعدها طلب الرئيس عبدالناصر مقابلتنا وسافرنا له إلى الإسكندرية، وقابلناه فى المنتزه فى لقاء استمر أكثر من 3 ساعات تحدث معنا فى أمور عديدة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق