تظن أن حياتك المهنية منحتك خبرات كبيرة؟! تمهل قليلا حتي تتعرف علي عم عصام عبد المنعم «الكمسري» بهيئة النقل العام.
خمسة وخمسون عاما قضي أغلبها ذهابا وإيابا بين الأميرية والاباجية داخل تلك العلبة المعدنية الكبيرة المتنقلة في شوارع المحروسة، وهي تكتظ بعشرات من أجساد البشر.. بحكاياتهم وطموحاتهم وأوجاعهم وأفراحهم.
أنت تصعد إلي الأتوبيس وتبحث عن الشباك، لتنظر إلي الحياة من خارجه، بينما ادخرت الحياة كل دروسها لعم عصام، في هذه المساحة المستطيلة المتحركة.
نشأ في أسرة من أب وأم وسبعة من الأولاد، وبمجرد حصوله علي الدبلوم قرأ إعلانا في الأهرام لهيئة النقل العام، تطلب شبابا للتعيين. وجاءت البشري بالقبول في عام 1992 .
أول تذكرة قطعها كانت بعشرة قروش، وهو خط الدفاع الأول للمال العام أمام المتذمرين والمتهربين من قطع التذاكر.
عاني عم عصام كثيرا ، ومازال ، من تراجع أخلاق الناس .. وحين بدأ يعتاد الأمر طعنه أحدهم بمطواة في جنبه حين طالبه بدفع ثمن التذكرة.
سنوات طويلة ينادي باسم المحطة حتي ينبه الراغبين في النزول ولا تأتي محطته هو أبدا .. يجيب عن سيل لا ينتهي من الأسئلة اللحوحة والمتكررة .. يتابع بعين كم فردا صعد وبالعين الأخري يحسب حصيلة الأجرة.
خلاصة هذا العمر لخصها عم عصام في كلمتين: تعلمت أن أتعامل مع كل إنسان قدر عقله، لا بعقلي حتي أغلق الباب في وجه صراعات لا تنتهي.
رابط دائم: