رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نافذة على الصحافة العالمية..
النظام الصحى الإسبانى فى قبضة الوباء

شيماء مأمون

«لو كان طبيبها قد رآها وقام بفحصها، من المؤكد أنها كانت ستبقى على قيد الحياة»، كانت هذه كلمات شقيقة ليديا جوميز (53 عامًا)، التى كانت تجربتها نموذجا جديدا لمأساة آلاف المواطنين فى إسبانيا خلال موجات الوباء . ففى مارس الماضي، ومع انتشار فيروس كورونا فى كل أنحاء إسبانيا، بدأت ليديا تعانى نوبات قيء وسعال، مما جعلها تقوم بعزل نفسها، بل قامت أيضا بإجراء اختبار للتأكد من إصابتها بكوفيد -19 وجاءت النتيجة سلبية، وخلال هذه الفترة قامت بمحاولات متكررة لرؤية طبيب ولكنها لم تستطع، وفى أواخر أبريل قامت بالتواصل مع الطبيب عبر مكالمة هاتفية، ولكنه طلب منها البقاء فى المنزل، ووصف لها دواء لالتهاب المعدة، لكن الألم استمر فى التفاقم ، مما جعل شقيقتها تقوم بنقلها إلى وحدة الطوارئ فى المستشفي، خضعت خلالها لعملية جراحية استمرت 12 ساعة لإزالة أورام سرطانية، مما تسبب فى وفاتها بعد تسعة أيام .

وعلى الفور قامت شقيقة ليديا برفع دعوى قضائية اتهمت فيها السلطات المحلية فى مدينة بورجوس بالإهمال الجسيم، وبالفعل وعد المسئولون بأنهم سيحققون فى أسباب الوفاة، خاصة أنه تم رفع العديد من الدعاوى الأخري. ولم تكن ليديا جوميز هى الوحيدة التى توفيت نتيجة الإهمال الطبي، فعلى سبيل المثال قامت ساينز زوريلا، صحفية، بنشر قصة شقيقتها سونيا التى كانت تبلغ من العمر (48 عامًا )عندما توفيت فى أغسطس الماضى بسبب سرطان القولون، بعد أن فشلت لمدة ثلاثة أشهر فى رؤية الطبيب شخصيا . وبدلا من ذلك، تلقت نصيحة خاطئة عبر الهاتف من مركز الرعاية الصحية المحلى مما تسبب فى وفاتها، الأمر الذى جعل زوريلا تقوم أيضا برفع دعوى قضائية . كما اكتشفت أيضا مريضة أخرى أنها مصابة بالسرطان بعد محاولتها لمدة سبعة أشهر الوصول إلى المستشفي، للقيام بإجراء الفحوصات اللازمة . وفى هذه الأثناء كشفت جمعية مساعدة المرضى عن ارتفاع عدد الدعاوى القضائية هذا العام بنسبة 30 % على الأقل، وذلك على الرغم من عدم إعلان الحكومة الإسبانية عن عدد الدعاوى القضائية المرفوعة كل عام، على عكس البلدان الأخرى .

ويشير تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إلى أنه فى الوقت الذى تواجه فيه إسبانيا الموجة الثانية من فيروس كورونا، بنظام طبى أكثر قدرة على احتواء الوباء، إلا أنها وضعت هذا النظام فى امتحان قاس، حيث رفعت الآلاف من الدعاوى القضائية ضد نظام الرعاية الصحية، نتيجة تخصيص المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأخري، معظم مواردها لمرضى كوفيد -19، الأمر الذى تسبب فى تزايد حالات السرطان والأمراض الخطيرة الأخرى التى لم يتم اكتشافها، مما أدى إلى تكبد المزيد من الأرواح. خاصة أنه عندما تعرضت إسبانيا لموجة ثانية من الوباء، تم تكثيف كل الجهود الطبية من أجل السيطرة على الفيروس، وهو ما تسبب فى زيادة معدلات الأخطاء الطبية للأمراض الأخرى.

على الجانب الآخر، شارك نحو 85 % من الأطباء الإسبان البالغ عددهم 267 ألف طبيب، فى الإضراب بشكل رمزى مع استمرارهم فى معالجة المرضي، احتجاجًا على ظروف عملهم ونقص المعدات والمرافق الأساسية التى يحتاجونها للمساعدة فى مكافحة الوباء . كما احتج أيضا نحو 50 طبيبا يرتدون معاطفهم البيضاء خارج البرلمان فى مدريد. ويعد هذا الاضراب هو أول إضراب وطنى للأطباء منذ عام 1995. يقول سيرجيو كاسابونا، إخصائى أمراض الجهاز الهضمى : «القشة التى قصمت ظهر البعير بالنسبة للأطباء المنهكين، كانت مرسوما حكوميا يقول إنه يمكن تكليفهم بخدمات أخري، بغض النظر عن تخصصهم، كلما دعت الحاجة». وقد وصفت طبيبة أخرى هذا القرار بأنه أكبر هجوم على نظام الرعاية الصحية العامة فى إسبانيا، حيث كان نقص الموظفين مقلقًا بشكل خاص فى أماكن مثل مدريد، وفى الوقت نفسه عبرت نقابات العمال الصحية بقوة عن استيائها من هذا القرار. تأتى هذه الاحتجاجات فى الوقت الذى تخطت فيه البلاد مليون إصابة مؤكدة خلال الأسبوع الماضي، لتكون بذلك أول دولة فى الاتحاد الأوروبى تتجاوز هذا الرقم، حيث أودى الفيروس بحياة أكثر من 35000 شخص.

واستعرض التقرير آراء العديد من الأطباء، الذى على ما يبدو أنهم يواجهون الموجة الثانية من كوفيد -19 ومعنوياتهم منخفضة، حيث أشار العديد إلى أن هذه الأزمة كشفت عن نقاط ضعف نظام الرعاية الصحية فى البلاد . فتقول باتريشيا إستيفان، طبيبة فى مركز للرعاية الصحية العامة فى مدريد: «لا يمكننى ببساطة إعطاء المريض الاهتمام الكافي، خاصة اننى اضطررت مؤخرًا إلى الكشف على 100 شخص يوميا» . أما سيزار كاربالو، طبيب فى مستشفى فى مدريد، فيقول: «كثيرا ما كنا فخورين بأننا أصبحنا الأفضل فى العالم فى تخصصات مثل عمليات الزرع، لكن هذا الوباء جعلنا ندرك مدى إهمالنا للرعاية الصحية الأولية».

ويمكن القول أن عدد الدعاوى القضائية التى تم رفعها مؤخرا، يؤكد خطورة الأوضاع المحيطة بالنظام الطبى فى البلاد وتعرضه لضغوط شديدة، الأمر الذى يستلزم ضرورة بذل المزيد من الجهود للحد من انتشار الفيروس، خاصة أنه إذا ما استمرت الأمور على ما هى عليه، فقد يكون هناك تكرار للمشاهد التى حدثت فى شهر مارس الماضي، حيث تم ترك مرضى فيروس كورونا فى ممرات المستشفيات، لذلك تحتاج البلاد إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة، للتأكد من عدم تكرار مثل هذه المشاهد مرة أخرى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق