كان الفكر التسويقى فى نهاية الستينيات وبدايات السبعينيات هدفا أحيانا لكبح جماح الطلب، ومحاولة تحجيمه، وتقليله بقدر الإمكان ببعض الأنشطة، وظهر ذلك جليا بدعوة اصحاب الفكر التسويقى المستهلك إلى ترشيد وتحويل استهلاكه، كما حدث فى أعقاب الحظر البترولى العربى مع اندلاع حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وحدث تحوّل فى العمل التسويقى، وأصبحت إدارة «آلام كل من يعمل بالتسويق»، أمرا ملحا، وهناك حاجة إلى من يخفف آلامه، فمع بدايات جائحة كوفيد -19 وحتى الآن – نهايات عام 2020- مازال الارتباك بالمشهد التسويقى هو المسيطر، ومن ظواهر ذلك، صعوبة انتقال السلع بسبب ساعات الحظر، والضعف الشديد فى «صناعات الترفيه» خارج المنزل بسبب ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية، والانتكاسة بصناعة «الموضة» ببعض المجتمعات الغربية، والضعف الشديد بإيرادات «وكالات الاتصالات التسويقية»، والتى يطلق عليها لدى العامة «وكالات الدعاية والإعلان» بسبب انصراف الجماهير إلى كل ما هو متعلق بأخبار الجائحة، وعزوف الناس عن السلع والخدمات المشبعة للرغبات الاستهلاكية، والتفكير فقط فى الحاجات الضرورية من مأكل ومشرب وأدوية، وذيوع الحالة المزاجية المكتئبة بسبب أخبار الإصابات والوفيات جراء جائحة كوفيد -19، وقد أصاب تجارة التجزئة، والجملة، وشركات النقل، ووكالات بحوث التسويق الركود، وقد يقول قائل: لكن بعض أوجه الأعمال نشطت وانتعشت مثل الترويج بالمنصات الإلكترونية والمواقع المختلفة، وهذا صحيح، لكننا نتحدث عن آلام أشكال التسويق التقليدية، والمعروفة بعناصر «المزيج التسويقى الأربعة، وهى المنتجات- الأسعار- الترويج - التوزيع).. هذا هو الواقع عالميا، وإقليميا، ومحليا، فما السبيل لمواجهة انعكاسات هذه الجائحة التى لا يعلم إلا الله متى تنتهى؟.. إنها آلام أصابت جميع أطراف النشاط التسويقى، وتحتاج إلى إدارة حكيمة من جانب مؤسسات الأعمال، ترتكز بالدرجة الأولى على منطق «تخفيف الآلام» من محاولة عدم تخفيض أجور العاملين بالمنشآت التسويقية، وعدم اللجوء الى بديل الاستغناء عن العاملين، وتخفيض أو إعفاء الضرائب، وتنشيط الفكر التسويقى لمحاولة إبداع أفكار تنشيطية جديدة للسوق مثل قيام بيوت الموضة بعمل عروض الأزياء عبر المنصات الإلكترونية، والشراء من متاجر خدمة النفس «السوبر ماركت» عبر الشبكة العنكبوتية العالمية من المواقع الإلكترونية.
لقد أصبحت المناداة ضرورية من أجل تكاتف الجميع بعالم النشاط التسويقى من مؤسسات حكومية، وخاصة، وأهلية لتخفيف آلام من يمارس النشاط التسويقى فى زمن «كورونا».
د. عادل طريح
رابط دائم: