رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أخلاقنا.. إلى أين؟

بريد;
بريد الاهرام

غني عن البيان أن أخلاقنا نحن المصريين قد تراجعت بشكل غير مسبوق. ولم يكن هذا التراجع مقصوراً على السلوكيات ولكنه انسحب إلى مستوى الفهم ولغة الحوار حتى بين ممن يفترض فيهم أنهم قدوة يحتذى بها في المجتمع، ناهيكم عن العري والخلاعة والتحريض العلني على الفجور، أما ثالثة الأثافي فهى العنف الذي اتخذ من القتل حلاً سهلاً ولم تنج منه أفراد الأسرة الواحدة، وأزعم أن الأنانية الفردية هي أم كل هذه المصائب. وفي مقاله بالأهرام تحت عنوان (طريق النجاة والرقي لاستعادة القيم) كتب الأستاذ علاء ثابت ما نصه:«إن الأنانية الفردية تجر معها الوبال على المجتمع وتهدمه على رؤوس الجميع ولا ينجو أحد، فالمعلم السيئ سيعالج ابنه طبيب سيئ، والطبيب السيئ سيجد موظفاً سيئاً ومعلماً سيئاً، فيصبح ابنه هو الآخر سيئاً، وهكذا يتفشى وباء التدني والانحراف والتراجع».. وقد تداعت إلى ذاكرتي قصة واقعية حكاها لي صديق هاجر منذ فترة طويلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ذهب ومعه خبرة كبيرة في مجال عمله، والتحق في الشهور الأولى من وصوله بمصنع صغير يتبع شركة عالمية، ولكن مدير المصنع نصحه بعد أن تأكد من خبرته بالتقدم إلى وظيفة بمصنع أكبر يتبع ذات الشركة ولكنه يقع في ولاية أخرى، وذهب الصديق للمقابلة الشخصية فإذ بمجلس الإدارة بكامل أعضائه يشاركون في لجنة الاختبار، وبعد فترة وجيزة وافقوا بالإجماع على تعيينه مديراً للمصنع، ولكم كانت دهشة هذا الصديق ولاسيما أنه لم يتقدم أصلاً لوظيفة مدير المصنع، فسألهم: كيف ولماذا حدث ذلك؟! أجابوه: تم ذلك لما لك من خبرة بالإضافة إلى الأسباب التالية:

أولاً: طلبت منا إعطاءك فرصة لنقل سيارتك من مكان الانتظار، حيث إن الوقت المسموح به قد أوشك أن ينفد، وهو ما أكد لنا أنك شخص ملتزم، تحترم القانون والنظام.

ثانياً: عندما عرضنا عليك تسلم العمل فورا أصررت على الاتصال هاتفياً بمدير المصنع الذي تعمل به حالياً للتأكد من أن تركك للمصنع الآن لن يؤثر على سير العمل به، وهو ما أكد لنا أنك شخص تتحمل المسئولية، وتؤدي عملك بكفاءة والتزام وتهمك المصلحة العامة قبل مصلحتك الشخصية.

ثالثاً: طلبت الاتصال الهاتفي بزوجتك قبل أن تتخذ قرارك لمعرفة رأيها ومدى استعدادها للانتقال إلى ولاية أخرى، فتأكدنا أنك تحترم زوجتك ولا تتخذ قرارات تتعلق بها دون الرجوع إليها، وأردف رئيس مجلس إدارة الشركة: لكل هذه الأسباب وافقنا بالإجماع على تعيينك مديراً للمصنع. تجدر الإشارة إلى أن هذا الصديق حقق نجاحاً باهراً شهد به الجميع.

إن لدى مصر مخزوناً حضارياً هو كنزنا الحقيقي الثمين الذي يمكن أن يخرجنا من الأزمات بالتكاتف والتحضر والرقي الذي ورثناه ونكاد نبدد هذا الإرث العظيم بالأنانية والحلول الفردية وعدم الجدية والتدين الشكلي الذي لا ينعكس على السلوك ــ الدين المعاملة ــ يقول الإمام الشافعي

المرء يعرف في الأنام بفعله

وخصائل المرء الكريم كأصله

أخيراً فإننا في حاجة ملحة لإدارة حوار مجتمعي لسبر أغوار هذا التدني الأخلاقي الذي أصابنا ولكي نضع خريطة طريق للنجاة.

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بزراعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق