رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

روائح وطعوم

بريد;

للفواكه مكانتها الخاصة فى القرآن الكريم، ولقد أطلق الله سبحانه وتعالى على إحدى سور القرآن اسم فاكهة عظيمة الفوائد وهى التين، بل أقسم بها «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» التين(1) كما ذكر سبحانه العنب «وَعِنَبًا وَقَضْبًا» عبس (28) وكذلك الرمان «فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ» الرحمن 68، والموز «وطلح منضود» الواقعة 29 والطلح المنضود هو الموز، ومعنى منضود أى متراكب ومرصوص فوق بعضه البعض، أما النخيل فلقد ذكر فى القرآن الكريم سبع مرات، ويتأتى إعجاز الخالق جل وعلا فى تباين الفواكه فى ألوانها وروائحها وطعومها بعضها عن بعض، فيقول تعالى: «وَفِى الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» (الرعد4)، وقد قرأت هذه الآية بتمعن وتذكرت أنه عند زيارتى ماليزيا رأيت فاكهة لم أرها من قبل تسمى «الدوريان»، وثمارها الكبيرة لذيذة الطعم بشكل لافت، ولكن رائحتها كريهة ومنفرة تشبه رائحة الفواكه شديدة التعفن، ويطلق على هذه الفاكهة السائدة فى بلدان شرق آسيا اسم «ملكة الفواكه»، على الرغم من أن البعض يصفها بأن لها طعم الجنة ورائحة جهنم، وكلمة «دوريان» بلغة الملايو تعنى (شوكة) لأن ثمرة هذه الفاكهة تتميز بوجود أشواك تشبه تلك التى توجد على جسم القنفذ. وبداخل الثمرة يوجد اللب وبه فصوص بحجم أصابع الموز، وبسبب الرائحة الكريهة والمنفرة لثمار الدوريان، فمن المحظور دخولها إلى الفنادق والأماكن العامة ووسائل المواصلات، ففى كل فندق بماليزيا تشاهد فى مدخله لافتة كبيرة كتب عليها (ممنوع الكلاب ... ممنوع الدوريان)، فرائحة الدوريان تمكث فى الفم والمكان يوماً كاملاً.

وعلى الرغم من أن كثيرين لا يطيقون قط رائحة الدوريان، فإن هناك من يعشقها وينتظر بشغف موسم ظهورها بالأسواق تأكيداً لمقولة (لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع)، وقد يعزى هذا الشغف لتناول ثمار الدوريان إلى اعتقاد الجميع من عشاقها وكارهيها على حد سواء بأن بها مركبات طبيعية نشطة حيوياً ذات فوائد صحية جمة، وهو ما حدا بالعلماء إلى دراسة جينوم (التسلسل الجينى) للدوريان ومعرفة الجين المسئول عن الرائحة الكريهة وعزله، ومن ثم فلقد أمكن إنتاج أصناف خالية من هذه الرائحة الكريهة، بيد أن أحداً لا يستطيع الجزم بأن لهذه الأصناف المعدلة وراثياً الفوائد الصحية نفسها التى تتميز بها الأصناف الأصلية.

وعلى النقيض من ثمار الدوريان التى تجمع النقيضين بحلو مذاقها وعدم تحمل رائحتها الكريهة، هناك التفاح ولاسيما الصنف المعروف باسم «ماكينتوش» الذى يمكنك شم رائحته فى المولات التجارية وأنت تسير على بعد منه، وذلك لاحتوائه على مركبات طيارة ذات رائحة زكية، فضلاً عن الطعم اللذيذ لثمار هذا التفاح لاحتوائه على نسبة عالية من السكريات التى أهمها سكر الفركتوز الذى يسمى «سكر الفاكهة»، أى أن تفاح «ماكينتوش» قد جمع بين الطعم اللذيذ الذى لا يقاوم والرائحة الزكية التى تجلب الراحة والسعادة، وينطبق هذا أيضاً على ثمار الأصناف الفاخرة من المانجو التى تشم رائحتها الجذابة عن بعد، ولا نستطيع مقاومة طعمها اللذيذ، وبعيداً عن الفواكه ولأن الشىء بالشىء يذكر كما يقال، فإن بذور «الكاكاو» بعد حصادها يتم تخميرها وتجفيفها ثم طحنها للحصول على الكاكاو، وهى ذات رائحة زكية وطعم مر، حتى إن هناك نوعاً من الشيكولاته تسمى (الشيكولاته المرة أو الغامقة)، وهى تصنع باستخدام نسبة عالية من الكاكاو (35 -85%) مع عدم إضافة السكر إليها، على العكس الشيكولاته باللبن مثلاً، والتى تحتوى على نحو 10% من الكاكاو ويضاف إليها اللبن الجاف والسكر، وأعود إلى تأمل الآية رقم 4 فى سورة الرعد، فلا أملك إلا أن أقول «سبحان الله».

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بزراعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق