عام 1944كانت «جانيت فغالى» فى سن الأحلام الغضة، شعنونة تنظر من القطار كلما توقف بمحطة، فتصيح بأبيها : متى نصل إلى القاهرة ؟ فيقول لها : «بعد ياجانو»!، بدأ القطار رحلته من بيروت، توقف فى حيفا، ويافا، وكل مدن فلسطين الساحلية، و«جانو» تتعجله لأنها فى لهفة إلى رؤية «أم الدنيا».
وعندما عانق القطار محطة القاهرة بهتت المنتجة «آسيا» مما رأت، فـ (جانيت) كانت فى ثوب أشبه بالمريلة المدرسية، وعودها رفيع، ووجهها نحيل. ولكنها كانت أمام أمر واقع، فقد حددت موعد البدء فى تصوير فيلم «القلب له واحد». وما إن وقفت الفتاة أمام الكاميرا حتى همست «آسيا» فى أذن المخرج بركات: «هذه الفتاة ستخرب بيوتنا»!
وطوال مدة التصوير كانت تدخل الاستديو بأعصاب مشدودة، وتخرج وهى تولول على ثروتها التى ستضيع، حتى جاء الفنان «حلمى رفلة» وشاهد صباح وهى تغنى «بشويش على عقلك بشويش»، فأثنى عليها، وطلب منها أن يتعاون معها فى فيلم جديد. وشعرت «آسيا» أنها ظلمت الفتاة، فقالت لـ «حلمى» انها تعد لها فيلما ثانيا بعنوان «هذا جناه أبى»، وبهذا الفيلم قفزت صباح إلى مصاف النجوم.
وبعد هذه البداية القلقة توالت الأعمال التى كانت فيها « الصبوحة» بسمة الأفلام الغنائية، وشحنة السعادة على المسرح، صافية القلب تضحك من الأعماق ولا تتصور فى مخلوق شرا حتى تلدغ من جحره، وقد تلدغ مرتين لانها لا تتوب أمام شرير، وانما تترك حسابه للزمن. وهى تتخطى كل الآلام بالابتسامة على شفتيها، تغنى فيفوح عطر التفاح ونسمع خرير النبع الصافى.
كان قتل شقيقها لوالدتهما يمكن أن يقضى على مستقبلها، لكنها تخطت الأزمة، ورفضت أن يكسرها الحزن ، فحولت كل لحظة أسى فى حياتها إلى فرحة، وكل تجربة ألم إلى إبداع.
وغنت للحب، وللأم، وللأهلى والزمالك ولرمضان، وأمتعتنا الصبوحة ــ التى ولدت ورحلت فى شهر نوفمبر.
استعراض من مسرحية «حلوة كتير»
مع رشدى اباظة
مع حسين صدقى
مع محمد فوزى
رابط دائم: