جمعة: ننظر بعين الاحترام للأئمة الأربعة ونؤمن بحاجتنا إلى الاجتهاد لمعالجة مستجدات عصرنا
افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، مسجد الإمام الشافعى بالقاهرة، وذلك بعد الانتهاء من أعمال ترميمه وصيانته بتكلفة تقدر بنحو 13 مليون جنيه بتمويل من وزارة الأوقاف، وقد بدأت أعمال ترميم المسجد فى 25 يونيو 2017، وذلك بإشراف وزارة السياحة والآثار، وشملت أعمال معالجة الأساسات وأرضيات المسجد، وأعمال معالجة أرضيات السطح، وترميم الواجهات الخارجية والمئذنة، وترميم الواجهات الداخلية والأسقف الزخرفية والأبواب والشبابيك وأعمال شبكة الكهرباء والمعلقات. ومسجد الإمام الشافعى من أهم المساجد التاريخية فى مصر.
وقد بنى المسجد فى عهد السلطان الكامل الأيوبى عام 1211 ميلادية، وقد بنيت وجهاته بالحجر وحليت أعتاب الشبابيك بكتابات كوفية، وله منارة على شاكلة المنارات المملوكية، ومنبره مطعم بالسن والأبنوس، وقد اهتم السلطان الأيوبى ببناء قبة المسجد فهى قبة كبيرة ومن أجمل قباب المساجد فى مصر والعالم الإسلامي، وهى خشبية ومكسوة بالرصاص وجدرانها من الداخل مكسوة بالرخام، وفى جدارها الشرقى ثلاثة محاريب، ومنذ إنشاء المسجد تمت العديد من عمليات التطوير والترميم فى العقود الماضية، وفى عام 2017 قررت وزارة الأوقاف إجراء عملية ترميم وصيانة شاملة للمسجد، لكونه أحد أهم المساجد التاريخية فى مصر، وبدأت خطة الترميم والتطوير بإشراف وزارة السياحة والآثار، ضمن خطة شاملة لتطوير وترميم المساجد الأثرية فى مصر. ونظرا لسوء الحالة المعمارية والإنشائية للمسجد وتدهور بعض عناصره، تم إعداد مشروع ترميم متكامل، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، وتم تنفيذ أعمال الترميم التى شملت أعمال معالجة الأساسات وأرضيات المسجد والسقف وترميم الواجهات الخارجية والداخلية والمآذن والأسقف المزخرفة والنوافذ والأبواب والشبابيك، وتم فك وازالة طبقة البلاط غير الأثري، وفك وتشوين الصالح من البلاط الحجرى الأثرى أسفل البلاط لمعالجته، وازالة الدكات القديمة أسفل البلاط وعمل دكات جديدة طبقا للمواصفات المعتمدة، وعمل طبقة خرسانية مسلحة لفصل المسجد عن التربة أسفل منه لحمايته من مسار المياه أسفل المسجد، لمنع حدوث الهبوط مرة أخري، وتم تنظيف وترميم الوجهات الخارجية والشرائط المزخرفة، وازالة البياض غير الأثرى من على الحوائط وواجهات المسجد الداخلية لإظهار الحوائط الحجرية الأثرية أسفل منها، ومعالجتها وتنظيف وترميم النجف النحاسية بوسط المسجد، وتنظيف مئذنة المسجد من الأتربة. كما تم ازالة البلاط غير الأثرى بسطح المسجد وعمل عزل للمياه وعزل حرارى بالفوم بسطح المسجد، وتركيب بلاط طبقا لعينة معتمدة، كما تم فك شبكة الكهرباء القديمة المتهالكة بالكامل وعمل مسارات ومخارج إنارة جديدة طبقا للرسومات التصميمية، كما تم تركيب لوحات كهرباء جديدة لزوم الإنارة والتكييف والمراوح وعمل صيانة للتكييفات الموجودة بالمسجد، وتركيب مراوح السقف والحائط الخاصة بالمسجد، وتركيب مشكاوات زجاجية لانارة المسجد، وتم ذلك من خلال ملحمة فنية هندسية من المهندسين والعمال المهرة المتخصصين فى إدارة وصيانة القصور والآثار .
مسجد الإمام الشافعي
وأدى وزير الأوقاف خطبة الجمعة فى المسجد تحت عنوان « تجديد الخطاب الدينى وكيف كان الشافعى رحمه الله مجددا فى عصره ومدى حاجتنا الماسة للتجديد والاجتهاد فى زماننا لمعالجة مستجدات عصرنا»، وأكد وزير الأوقاف فى الخطبة أن الكمال لله وحده، وأن العصمة لأنبيائه ورسله، وأن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وكان صاحب هذا المقام الإمام الشافعى رحمه الله يقول: «إذا صح الحديث فهو مذهبي»، وكان يقول فى تواضع جم وتقدير لآراء الآخرين: «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب» . كما أكد وزير الأوقاف أنه يجب علينا أن ننظر بعين الاحترام والتقدير إلى تراثنا وعلمائنا وأئمتنا السابقين، وأننا ننظر بكل الاحترام والتقدير للأئمة الأربعة، الإمام أبى حنيفة رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله والإمام الشافعى رحمه الله والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، لأنهم جميعا بذلوا وسعهم واستنفدوا طاقتهم فى خدمة دينهم، كما نؤكد أن باب الاجتهاد لم يغلق بعدهم ولن يغلق إلى يوم القيامة، وأننا فى حاجة إلى التجديد المستمر لنواكب عصرنا أكثر من أى وقت مضي، نظرا لكثرة مستجدات عصرنا وتتابعها، وأن ما كان راجحا فى وقت أو زمان أو مكان معين قد يصبح مرجوحا إذا تغير الزمان أو المكان أو الحال، وهو ما أكده صاحب هذا المقام تأكيدا عمليا عندما أفتى هنا فى مصر فى بعض المسائل بخلاف ما كان قد أفتى به فى العراق، نظرا لتغير البيئة والأحوال آنذاك، فعرف مذهبه فى العراق بالمذهب القديم ، ومذهبه فى مصر بالمذهب الجديد. وأوضح وزير الأوقاف أنه عندما تفتتح الوزارة بالتعاون مع وزارة الآثار مسجد الإمام الشافعى بعد صيانته وترميمه إنما نؤكد تأكيدا عمليا أننا فى الوقت الذى نعنى فيه ببناء المساجد فى المجتمعات العمرانية الجديدة، فإننا نعنى نفس العناية وأشد بمساجدنا الأثرية والتاريخية ولا سيما مساجد العلماء ومساجد آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو نفس النهج الذى تسير عليه الدولة المصرية العظيمة، فهى تبنى الجامعات الجديدة وتطور جنبا إلى جنب جامعاتها العريقة، وحين تنشئ المدن الجديدة تطور جنبا إلى جنب المدن القديمة وعواصم المحافظات وقراها، مؤكدا أن بناء المدن الجديدة سيتيح فرصا أفضل لتطوير المدن القديمة، وتخفيف الضغط على خدماتها، مما يسهم بلا شك فى تحسين الأحوال المعيشية للمقيمين بها، فيد تبنى هنا وأخرى تطور هناك ، فلتحيا الدولة المصرية.
رابط دائم: