رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ماراثون الفشل ومصيدة الجيل «زد»

رشا عبد الوهاب

لم تكن «الدراما العائلية» التى شهدتها تركيا مؤخرا بسقوط «الصهر» بيرات البيراق وزير المالية والخزانة فى مستنقع انهيار الاقتصاد التركى ونزيف الليرة أمام الدولار سوى فصل جديد من فصول حافة الهاوية للرئيس رجب طيب إردوغان. فقد تحول البيراق إلى رمز جديد لاستبداد أردوغان واستمراره فى توسيع صلاحياته مع استمراره فى ماراثون الفشل على جميع الأصعدة. وهو ما دعا كمال كليجدار أوغلو زعيم الحزب الشعب الجمهورى، أكبر أحزاب المعارضة، إلى التحذير من إدارة تركيا كشركة عائلية

اعتاد إردوغان على سياسة التسطيح والتقليل من شأن القضايا والأزمات والتحديات التى تواجه تركيا بداية من الأزمة المالية وحتى تفشى فيروس كورونا المستجد، ووصل الأمر إلى حد الخطأ فى تقدير حجم التضخم السنوي. فبينما، أعلنت الحكومة أنه بلغ 11.7% إلا أنه فى الواقع كان 37%. ويزداد السخط الشعبى بين الأتراك حول تعامل الحكومة مع كورونا، فقد تعاملت بخفة وقللت وزارة الصحة من تأثير الوباء، ولم تعلن عن الأرقام الحقيقية لحجم التفشي. وأصبحت الأرقام الزائفة والمضللة شعار السلطات التركية فى التعامل مع كل القضايا. هذا الغضب الشعبى دعا المعارضة التركية خلال الفترة الماضية إلى تحدى إردوغان وتحالفه الحاكم المشكل من حزبه «العدالة والتنمية»، وحزب «الحركة القومية» بقيادة دولت بهتشلى، عبر الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة فى 2021، ورغم أن أردوغان لم يمانع عندما تمت إثارة هذا الموضوع بشكل عابر فى 2019، إلا أن 2020 فضح النقائص والعيوب، وهو ما جعل الرئيس التركى يتراجع خطوات ويؤكد أن الانتخابات ستجرى فى موعدها المحدد فى 2023. ومع تفتت تحالفاته السياسية وانشقاق حلفائه وتشكيلهم أحزابا جديدة، فلم يعد لدى إردوغان سوى حليفه بهتشلي. ووجه كليجدار أوغلو نداء مباشرا إلى بهتشلى للانشقاق عن العدالة والتنمية. المعارضة التركية ترفض النظام الرئاسى وتوسيع صلاحيات الرئيس باعتباره إفلاسا، وطالبت بعودة النظام البرلماني، وتزداد قوة شوكة هذه الأحزاب يوما بعد يوم مع انهيار شعبية العدالة والتنمية فى الشارع التركي. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، واصل أردوغان قمع معارضيه باستخدام ما وصفته المعارضة بمسرحية الانقلاب الفاشل ضده فى 2016، وأكد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى تقريره لعام 2020 أن السلطات التركية استخدمت إعلان حالة الطوارىء لاعتقال الآلاف من النشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين باتهامات غامضة وفضفاضة، بينما أقالت حوالى 130 ألفا من الموظفين ومئات الصحفيين، وهو ما صنف تركيا كأسوأ سجن للصحفيين فى العالم بسبب حملات الإقالات والاعتقالات. واتهم باباجان ،الحليف السابق، أردوغان بتحويل التعذيب إلى سياسة عقابية للمعارضين، وتحديدا ضد الأكراد. وبالطبع، فإن من بين أكبر ضحايا قمع إردوغان الأكراد، فقد تحرك ضدهم عسكريا وأمنيا، وقام باعتقال قيادات حزب الشعوب الديمقراطية، وعلى رأسهم صلاح الدين دميرتاش، كما عزلهم من البرلمان بتهم الإرهاب أو ما يسمى بأحداث عين العرب بسبب رفضهم الغزو التركى لسوريا. ويرى دميرتاش أن استهداف الأكراد يعود لسببين، الأول سعى إردوغان لإقرار نظام حكم الفرد، وهزيمته الاستراتيجية فى الشرق الأوسط بهزيمة تنظيم داعش الإرهابى الذى كان يستغله كغطاء لتمدده فى المنطقة وإحياء الإمبراطورية العثمانية مجددا، إلا أن جميع خططه باءت بالفشل الذريع. وليس الوضع السياسى أو الاقتصادى فقط هو ما يهدد بقاء الرئيس التركي، فتركيا تغلى فوق بركان اجتماعى مكتوم من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بل ومعدلات الانتحار، بينما يتباهى أردوغان بقصوره وطائراته ويبتعد عن شعبه يوما بعد يوم، وبالتوزاى مع ذلك، فإن الشباب الأتراك، وتقدر أعدادهم بحوالى 13 مليونا، يكرهون أردوغان الذى لا يصغى لهم، فهذا الجيل الذى يسمى الجيل «زد» اتخذ القرار بعدم منح صوتهم للعثمانى الجديد أو حزبه فى أى انتخابات مستقبلية، كما أنهم يؤثرون على أصوات عائلاتهم. فأردوغان الذى لا يستفيق من أوهامه العثمانية، والذى تحيطه كل هذه البراكين من الأزمات مهدد بماراثون الفشل الذى يجرى فيه كمتسابق وحيد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق