رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رواية عن كفاح الطبقة العاملة والحب غير المشروط..
«شوجى باين» تتوج دوجلاس ستيوارت بـ«مان بوكر»

كتبت ــ هبة عبد الستار
ستيوارت يعرب عن سعادته بفوز روايته الأولى فى كلمة ألقاها من داخل منزله

أُعلن مساء الخميس الماضى فوز الكاتب الاسكتلندى الأمريكى دوجلاس ستيوارت بجائزة «مان بوكر» لهذا العام عن روايته «شوجى باين»، فى حفل رسمى محدود بلندن شارك فيه الكُتاب المرشحون عن بعد من منازلهم، وتم بثه رقميا على راديو «بى بى سى» وموقع الجائزة. وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية تخوفا من تفشى فيروس كورونا المستجد. إلا أن الجائزة حرصت على وجود مداخلات من شخصيات عامة وأدباء بارزين فى هذا الاحتفال، مثل كاميلا باركر، دوقة كورنوال، والرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، وثلاثة فائزين سابقين بالجائزة هم كازو إيشيجورو، ومارجريت أتوود، وبرناردين إيفاريستو. والهدف كان تحقيق قدر من الزخم يعوض عدم إقامة حفلها السنوى المعتاد.

مراسم احتفال استثنائى

ظهر ستيوارت عبر شاشة خاصة من منزله ليتم منحه الجائزة التى تبلغ قيمتها خمسين ألف جنيه استرلينى. و«شوجى باين» هى الرواية الأولى لكاتبها، وتستند على سيرته الذاتية، لذا عندما علم ستيوارت بفوزه بكى وشكر والدته، «التى وجدت على كل صفحة من هذه الرواية»، حسبما قال، مضيفا: «بدونها لن أكون هنا، لن تكون روايتى تلك هنا». وأهدى روايته وجائزته لوالدته التى توفيت بسبب إدمان الكحول عندما كان فى عمر الـ 16. وأضاف أنه يود أن يمنح زملاءه المرشحين «عناقا افتراضيا» وأن «أعظم هدية» تلقاها كانت القدرة على «التأثير فى حياة القراء».

وفى رسالة مصورة عُرضت خلال الأمسية، شددت دوقة كورنوال على أهمية القراءة فى هذه الفترة العصيبة التى حرمنا فيها «كورونا» من الملذات الثقافية، حيث تتيح القراءة «السفر والهروب والاستكشاف والتعامل مع ألغاز الحياة». وقال الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما فى تسجيل مصور أنه دائما ما لجأ «إلى الكتابة لفهم عالمنا»، وان قائمة جوائز «البوكر» تذكره بقوة الخيال فى إيجاد طرق جديدة لمعالجة المشكلات المعقدة والتأثير بعالمنا، مستشهدا بمارلين روبنسون وكولسون وايتهيد وبرناردين إيفاريستو، بوصفهم مؤلفين سابقين رشحتهم البوكر وقدموا له «فترة راحة قصيرة من التحديات اليومية للرئاسة». ووصفت مارجريت باسبى، رئيسة لجنة التحكيم الرواية الفائزة بكونها «صممت لتكون كلاسيكية. تقدم صورة حميمة ومثيرة للدهشة للإدمان والشجاعة والحب، وتحكى القصة المؤلمة عن الحب غير المشروط».

حبكة روائية «ديكنزية»

تتبع الرواية حياة أجنيس باين، التى تكافح مع الكحول بعد انهيار زواجها، وانخراطها فى علاقات مسيئة لها، وابتعاد أولادها عنها لينجوا بأنفسهم عدا طفلها الأصغر شوجى. فهو الذى يتولى مسئوليات تفوق عمره وهو يكافح لرعاية والدته وإنقاذها من نفسها بينما يتعامل مع التساؤلات والمشاعر المتنامية حول ميوله المثلية بمجتمع يقف ضده . وأجنيس هى امرأة مفعمة بالحيوية تحافظ على المظاهر وتريد المزيد دائما، فى مجتمع يعيش على الحد الأدنى من كل شيء، تعشق ابنها الصغير شوجى، وهو أيضا يحبها رغم أنها لا تبدو قابلة للإنقاذ لكنه يظل يأمل فى أن تجد أمه رجلا داعما. حنان شوجى شبه الأمومى تجاه والدته المتقلبة عاطفيا، وحبه لها على الرغم من إخفاقاتها، يساعده على تحمل وضعهم الصعب.

فى أجواء ديكنزية؛ تدور أحداث الرواية فى اسكتلندا فى الثمانينيات حيث تعانى المدينة تداعيات سياسات حكومة مارجريت تاتشر فى ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وتهميش للطبقات الفقيرة وتنامى الطائفية والانغلاق الدينى، فتمزقها البطالة، وتتآكل صناعات أساسية مثل بناء السفن والتعدين والحديد. يعجز الرجال عن الوفاء بالتزاماتهم بعد إغلاق المناجم فينظر لهم على أنهم الضحايا بينما تغرق النساء تحت وطأة الكفاح للنجاة ودعم الأسرة اعتمادا على المساعدات، لتكشف جانبا أكثر تناقضا وعمقا من مأساة الطبقة العاملة وتأثير قسوة الفقر على النساء والعائلات فى تلك الفترة .

نشأ ستيوارت فى مدينة جلاسكو الاسكتلندية، ودرس بالكلية الملكية للفنون بلندن، ثم انتقل إلى نيويورك عندما بلغ 24 عاما ليعمل بتصميم الأزياء. ويصف ستيوارت نفسه بأنه «طفل من الطبقة العاملة لديه مهنة مختلفة وجاء إلى الكتابة متأخرا». ويعتبر روايته بأنها «قصة حب تبحث فى هذا الحب غير المشروط، الذى غالبا ما يتم اختباره والذى يمكن أن يتمتع به الأطفال تجاه الآباء المعيبين»، ورغم أن الرواية تستند إلى طفولته، بصفته الابن الوحيد لأم عزباء مدمنة للكحول، لكنه لا يرى قصة شوجى باعتبارها مأساة، بل كحكاية عن الروابط الأبوية غير القابلة للكسر.

ويقول: «فى حين أن الرواية عمل خيالى إلى حد كبير لكنها فى جوهرها الذكريات التى أحملها عن صراع أمى مع الكحول، مع الرجال، مع أحلامها المتواضعة».

وفازت رواية «شوجى باين»مؤخرا بجائزة كتاب العام 2020، وجائزة «ووترستون»، أحد أهم الجوائز الأدبية. وقد فازت الرواية بإجماع لجنة تحكيم «البوكر»، والتى حاولت تجنب الجدل هذا العام بعد أن أثارت العام الماضى جدلا بشأن انتهاك القواعد لاختيار فائزين: مارجريت أتوود وبرناردين إيفاريستو. ولذا تمت إضافة «مبادئ توجيهية» للجائزة، بحيث إذا انقسم القضاة مرة أخرى، فسيتم الاختيار بأغلبية الأصوات.

ومن المتوقع صدور الترجمة العربية لـ «شوجى باين» عن دار صفصافة للنشر، مطلع العام المقبل 2021 تزامنا مع معرض القاهرة الدولى للكتاب، بترجمة للكاتبة ميسرة صلاح الدين.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق