رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بين الرحلات الاستكشافية والقفز بالمظلات والعمل الخيرى..
حياة الرؤساء بعد مغادرة البيت الأبيض

دينا عمارة

ذات مرة، قال جون كوينسى آدامز، الرئيس السادس للولايات المتحدة الأمريكية: «لا يوجد شيء فى الحياة مثيرا للشفقة أكثر من رئيس سابق»، لذلك حينما خسر آدامز محاولة إعادة انتخابه لولاية ثانية فى عام 1828، لم يستطع «مدمن السياسة» الابتعاد عن هذا المعترك، بل صال وجال فى الكونجرس الأمريكى على مدى 18 عاما، واضعا المسودات لمئات القوانين والتعديلات الدستورية التى صدرت خلال تلك الفترة، كما كانت خبرته السياسية مرجعا لكل عضو فى الكونجرس، لتصبح هذه الفترة هى الأروع فى حياته وأكثرها إنجازا، وفى 23 فبراير عام 1848، أصيب جون آدمز بضيق فى التنفس، وشعر بأن الموت يقترب منه، فما كان منه إلا أن نظر إلى قاعة مجلس النواب، قائلا: «هذه هى نهايتى فى أحب مكان إلى نفسى، إنى راض ومقتنع».


جيمى كارتر وزوجته يبنيان منازل للفقراء

بالنظر إلى الفترة التى عاصرها آدامز، ربما قد أصاب تصريحه جانبا من الحقيقة، فالرؤساء السابقون قديما لم يحظوا بامتيازات كثيرة بعد مغادرتهم المنصب، ولكن مثل جميع الجوانب الأخرى للرئاسة الأمريكية، فقد تغير الأمر بشكل كبير، ولم يعد الخروج من البيت الأبيض بالشىء الكارثى، بل إن كثيرا من الرؤساء السابقين وجدوا فى ذلك فرصة للاستمتاع بحياتهم بالطريقة التى يرغبون فيها بعيدا عن ضغوط السلطة وتربص الإعلام، ومنهم من استطاع تحقيق ثروة طائلة بعد التقاعد، ربما تفوق دخله عندما كان رئيسا، مثل الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل، اللذين حصلا على صفقة مشتركة قياسية لتأليف الكتب، تبلغ قيمتها 65 مليون دولار، وهناك أيضا بيل كلينتون، الذى جنى فى عام 2016 فقط، نحو 18 مليون دولار، من خلال عمله مستشارا فخريا لإحدى المدارس الخاصة. والآن، وبينما يستعد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب لمغادرة المكتب البيضاوى فى 20 يناير القادم، وتسليم المنصب إلى خلفه الديمقراطى جوزيف بايدن، ينضم ترامب بذلك إلى النادى الحصرى لرؤساء الولايات المتحدة السابقين، والسؤال الذى يتبادر إلى ذهن البعض، ما هى الخطوة التالية بالنسبة للسياسى وقطب الأعمال؟.

يتفق الجميع أن دونالد ترامب لم يكن يوما رئيسا تقليديا، وبالتالى لا يوجد سبب للاعتقاد بأنه سيتصرف مثل أى رئيس سابق رأيناه من قبل، فهو لن يقوم مثلا برحلة استكشافية فى أحد أنهار البرازيل لمطاردة العينات الحيوانية، كتلك التى قام بها ثيودور روزفلت، الرئيس السادس والعشرون للولايات المتحدة الأمريكية (1901-1909)، ومن المستبعد أن يحتفل بعيد ميلاده الـ 78 عن طريق القفز بالمظلات كما فعل جورج بوش الأب، وهو أيضا لا يمتلك موهبة الرسم ليقيم معرضا للوحاته التى رسمها لقادة العالم مثلما فعل بوش الابن.

ترامب أيضا ليس ذلك النوع من السياسيين الذين ينخرطون فى العمل الخيرى بعد ترك المنصب، كما فعل جيمى كارتر، الرئيس الـ 39 للولايات المتحدة الأمريكية، والذى بعد أن قاد إدارة غير شعبية ذات ولاية واحدة، واصل إنشاء ما يتفق الكثيرون على أنه الأكثر نجاحا بعد الرئاسة، وهو «مركز كارتر»، تلك المنظمة غير الربحية التى تهدف إلى النهوض بحقوق الإنسان والقضاء على مرض دودة غينيا، وأيضا المساعدة فى بناء منازل للفقراء.

إذا ما هى السيناريوهات المطروحة التى قد تجذب انتباه دونالد ترامب بعد مغادرة السلطة؟ الإجابة على هذا السؤال وجدناها فى تقرير لموقع «بى بى سى» الإلكترونى، والذى أعطى بعض الاحتمالات لما يمكن أن يتجه إليه ترامب.

ورقة «جروفر كليفلاند»

فى أكتوبر الماضى، صرح ترامب بأنه إذا خسر الانتخابات فإنه سيشعر بشعور سىء للغاية، وقال حينها «ربما سأضطر لمغادرة البلاد»، ربما يكشف لنا هذا التصريح جانبا مهما من شخصية رئيس لا يتقبل الخسارة بسهولة، وبالتالى قد لا تكون هذه الجولة هى النهاية لطموحات ترامب السياسية، الذى يعشق الوجود داخل دائرة الضوء، وتستهويه أجواء المسيرات الانتخابية، وقد حصل بالفعل على 71.5 مليون صوت فى الانتخابات، وهو رقم قياسى لمرشح خاسر يظهر بوضوح تمتعه بقاعدة دعم كبيرة بين الجمهور الأمريكى، لذلك يمكن لترامب دائما اللعب بورقة «جروفر كليفلاند» والترشح لولاية ثانية فى عام 2024.

وكليفلاند لمن لا يعرفه، هو الرئيس الثانى والعشرون للولايات المتحدة، وهو الوحيد الذى غادر البيت الأبيض وعاد إليه مرة أخرى بعد أربع سنوات، حيث تولى المنصب عام 1885 ثم مرة أخرى فى عام 1893، لذلك فقد أشار مساعدون سابقون، إلى أن ترامب قد يسعى إلى القيام بذلك.

مطاردة الساحرات

نادرا ما يبتعد ترامب عن الخلافات القانونية، وهناك القليل فى الأفق يمكن أن يبقيه مشغولا بمجرد تركه لمنصبه، فقد بدأت بالفعل بعض التحقيقات الخاصة بمنظمة قطب الأعمال، بما فى ذلك واحدة فى ولاية نيويورك، حيث أطلق سايروس فانس، المدعى العام لمقاطعة مانهاتن، تحقيقا فى منظمة ترامب يتعلق بمزاعم عن دفع مبالغ مالية، فى محاولة لإسكات امرأتين زعمتا إن لهما علاقات مع ترامب، وهو ما رفضه الأخير مرارا وتكرارا، واصفا التحقيق بأنه «مطاردة الساحرات»، ورغم أنه ليس من الواضح ما إذا كان لدى فانس أى دليل بتوجيه اتهامات جنائية، فالرئيس المنتهية ولايته يواجه أيضا دعاوى تشهير تتعلق بقضيتى اعتداء جنسى مزعوم - وكلاهما نفاه ترامب أيضا - رفعتها سيدتان أخريان، كما رفعت مارى ترامب، ابنة شقيق الرئيس، دعوى قضائية تتهمه هو واثنين من أفراد أسرته بالاحتيال والتآمر.

التعافى من كوفيد 19

قبل أن يصبح سياسيا، كان ترامب قطبا عقاريا وسفيرا لعلامته التجارية، مستخدما اسمه فى صفقات الترخيص المربحة، والآن بعد خسارته الانتخابات، قد يكون ترامب حريصا على المواصلة من حيث توقف قبل أربع سنوات والعودة إلى عالم الأعمال.

فقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب لديه أكثر من 400 مليون دولار من القروض المستحقة على مدى السنوات القليلة المقبلة، رغم أنه قال، إن ذلك يمثل «نسبة ضئيلة» من صافى ثروته. فمن المعروف أن منظمة ترامب لديها العديد من الفنادق وملاعب الجولف فى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودبى وإندونيسيا، كما أن هناك عقارات تحمل علامة ترامب التجارية فى مومباى واسطنبول والفلبين، وبالطبع واشنطن العاصمة.

ولكن إذا كان هذا هو المسار الذى سيختاره الرئيس فى يناير، فسيكون أمامه الكثير من العمل، فمشاريعه التجارية التى تعمل فى مجال صناعة السفر والترفيه، قد تضررت بشدة من جائحة فيروس كورونا، وقد ذكرت مجلة فوربس، أن ثروته كان من الممكن أن تتكبد خسائر تصل إلى مليار دولار بسبب كوفيد 19. وذكرت الصحيفة أيضا «خسائر مزمنة وسنوات من التهرب الضريبى»، قائلة إنه لم يدفع أى ضرائب على الدخل على الإطلاق فى 10 من السنوات الـ 15 الماضية إلى حد كبير، لأنه ببساطة «أفاد بخسارة أكثر مما جنى». كما واجهت العلامة التجارية لابنة ترامب، إيفانكا، التى تحمل الاسم نفسه، والتى تم إغلاقها مؤخرا، العديد من المقاطعات من بعض كبار تجار التجزئة، بمجرد أن تولت منصبها كمستشارة للرئيس فى البيت الأبيض.

إعلامى مثير للجدل

قبل دخوله معترك السياسة، استضاف ترامب لمدة 15 موسما برنامج «المتدرب»، الذى كان يضم 16 مرشحا كل موسم، ويقوم تكليفهم بمهام صارمة، وقد حظى البرنامج فى نهاية موسمه الأول بأكثر من 7 ملايين مشاهد. وكان تليفزيون الواقع «طوق نجاة» بالنسبة لترامب، بعد أن تكبدت شركاته خسائر تزيد على 89 مليون دولار عام 2003، لذلك هناك كثير من التكهنات، بأن طموحه القادم هو الانخراط فى وسائل الإعلام مرة أخرى، إما عن طريق إطلاق قناته الخاصة، أو التعاون مع إحدى الشبكات القائمة، حيث يتوقع هنرى شيفر، نائب الرئيس التنفيذى لكبرى شركات الإعلام فى أمريكا، أن ترامب سيكون له جمهور كبير محتمل. وعلى حد قوله: «ترتفع أسهم ترامب بسبب الجدل الدائر حوله، وهو يعرف دائما كيف يدير ذلك الجدل لمصلحته».


بوش الابن يمارس هوايته المفضلة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق