رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سلطنة عُمان تحتفل اليوم بعيدها الوطنى الـ 50 فى ظل نهضة متجددة يقودها السلطان هيثم بن طارق

السلطان هيثم بن طارق

  • سلطان عُمان: «سياستنا الخارجيٹ ثابتٹ وعازمون على استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادى»
  • إنجازات ضخمة خلال الـ 10 أشهر الماضية .. واستعداد كامل لانطلاق «رؤية 2040» يناير المقبل
  • المواطن دُعامة أساسية فى العمل الوطنى .. اهتمام خاص بالمرأة .. ودعم كامل للشباب

 

اليوم «الأربعاء» ... تحل على سلطنة عُمان أعظم ذكرى فى تاريخها الحديث الذى تم رسمه بحروف من نور فى السبعينيات من القرن الماضى .. حيث يحتفل العُمانيون والعُمانيات داخل السلطنة وخارجها، بذكرى مرور 50 عاماً على تأسيس النهضة العُمانية الحديثة التى انطلقت عام 1970م على يد بانى عُمان المغفور له السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه .. وتأتى احتفالات السلطنة هذا العام بالذكرى الخمسين لعيدها الوطنى المجيد، الذى يوافق 18 نوفمبر من كل عام، برونق ومذاق خاص، فى ظل نهضة عُمانية متجددة أسسها بحكمة وكفاءة واقتدار السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان منذ توليه مسئولية الحكم فى 11 يناير 2020م .. لتطوى عُمان عاماً من المجد والبناء والتنمية وتنطلق نحو عام جديد ملئ بالتطوير والإعداد لمستقبل أكثر إشراقاً، وتستمر النهضة العُمانية فى ثوب متجدد تحت القيادة السياسية الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، الذى يواصل مسيرتها الآن بكل ثقة وثبات.

 

مظاهر الاحتفال والفرحة

مع بداية شهر نوفمبر المجيد، انتشرت مظاهر الاحتفال والفرحة فى الشوراع العُمانية، احتفاءً بالعيد الوطنى الخمسين، حيث توشحت الشوارع والساحات الرئيسية فى المحافظات والولايات بالأعلام العُمانية، كما تزينت المبانى الأثرية بالأضواء التى تمثل ألوان علم سلطنة عُمان لتتلألأ ليلاً مشكلة منظرا بهيجا أبهر الجميع. ليتم إعلان موسم الفرح والاحتفال بذكرى العيد الوطنى العُماني، وتسجيل وقفة لاستذكار مُنجزات النهضة الحديثة على يد السلطان الراحل، واستكمال مسيرة النهضة فى شكل متجدد بقيادة السلطان هيثم بن طارق.

وقد رفع كافة العُمانيين والعُمانيات أسمى آيات التهانى للسلطان هيثم بن طارق بمناسبة العيد الوطني، معبرين عن فرحتهم الغامرة بهذه المناسبة الغالية بما يحمل هذا اليوم المبارك من مكانة خاصة فى نفوس أبناء عُمان من حب وفرحة، تجسيداً لحب الوطن وقائد نهضته المتجددة. لتأتى احتفالات السلطنة هذا العام، وأبناؤها المخلصون يواصلون بكل عزم وتفان تحقيق المزيد من الإنجازات تحت القيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، الذى أخذ على عاتقه مواصلة مسيرة البناء والتقدم على مستوى الانسان العُمانى والوطن فى نهضة متجددة طموحة تشمل مختلف مناحى الحياة.

مستقبل عُمان الواعد

منذ اليوم الأول لتولى السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم فى 11 يناير الماضي، سعى بعزم وحكمة ورؤية سديدة إلى ترسّم خطى السلطان الراحل والسير على نهجه القويم داخل عُمان وخارجها، وأكد السلطان هيثم على ذلك أكثر من مرة، سواء خلال خطاب توليه الحكم الذى ألقاه فى 11 يناير أو فى خطابه التاريخى الذى وجهه لشعبه فى 23 فبراير الماضي.

وقد شكّل هذان الخطابان ملامح المرحلة المقبلة فى مستقبل عُمان الواعد، ورسمت كل كلمة منهما عدة توجيهات سديدة للعمل مستقبلاً بكل جد واجتهاد لتحقيق الأهداف المنشودة، فى ظل تحقيق الرؤية المستقبلية للسلطنة «عُمان 2040» التى سيبدأ العمل بها مطلع العام القادم ولمدة عشرين عاماً من الجهد المضاعف، لتصبح السلطنة مع انتهاء 2040 فى مصاف الدول العالمية المتقدمة، ويتحقق المستقبل الأكثر إشراقاً لكافة العُمانيين والعُمانيات.

ورغم المصاب الجلل الذى ألمَّ بالوطن والأمتين العربية والإسلامية إثر رحيل السلطان قابوس بن سعيد، إلا أن يوم 11 يناير 2020م، كان يوماً خالداً من أيام عُمان، سطّر فيه العُمانيون ملحمة وطنية من الوفاء والإخلاص، إذ شهدت السلطنة خلاله انتقالاً سلساً للحكم، عندما قرر مجلس العائلة المالكة عرفاناً وامتناناً وتقديراً للسلطان الراحل وبقناعة راسخة، تثبيت من أشار إليه لولاية الحكم إيماناً منهم بحكمته المعهودة ونظرته الواسعة.

وتنفيذًا لهذه الرغبة أوكل مجلس الدفاع العُمانى القيام بفتح الرسالة التى أشار فيها السلطان الراحل، إلى تثبيت السلطان هيثم بن طارق سلطاناً لعُمان، لما توسم فيه من صفات وقدرات تؤهله لحمل هذه الأمانة.

وهذا الانتقال السلس للحكم حظى بإشادة معظم دول العالم التى أكدت أن هذه السلاسة ستلعب دوراً مطمئناً للجميع بما ينعكس بشكل إيجابى كبير على الاستثمار فى السلطنة.

إنجازات ضخمة

لقد تمكن السلطان هيثم بن طارق خلال الأشهر العشرة الأولى منذ توليه الحكم، من تحقيق العديد من الإنجازات بإرادة صلبة وعزيمة لاتلين فى مختلف المجالات، تُوجت بإعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة لتتواكب مع رؤية «عُمان 2040»، التى شارك فى رسم ملامحها جميع فئات المجتمع بما يلبى التطلعات، حيث أسهم المشاركون فى تحديد توجهاتها وأهدافها المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمستقبل أكثر ازدهاراً ونماءً.

وقد شكل المرسوم السلطانى رقم (75 / 2020) فى شأن الجهاز الإدارى للدولة، نقلة جديدة فى ممارسة وتنظيم العمل الإدارى فى السلطنة، حيث إنه سيسهم فى تبسيط الإجراءات والانتفاع من الخدمات المقدمة وإنجازها بشكل أسرع، الأمر الذى يتوافق مع توجهات رؤية 2040، التى تعد أولوية لتنمية المحافظات والمدن المستدامة، وبمثابة توجه استراتيجى من خلال اتباع نهج لامركزى نصّت عليه المادة الثانية التى تذكر أن «الجهاز الإدارى يتكون من وحدات مركزية كالوزارات والأجهزة والمجالس وما فى حكمها ومن وحدات لامركزية كالهيئات والمؤسسات العامة وما فى حكمها».

وسيسهم المرسوم السلطانى رقم (101 / 2020) المتعلق بنظام المحافظات والشئون البلدية فى تنمية متوازنة بين المحافظات واستثمار الموارد بشكل أفضل والاستفادة من المقومات السياحية والتراثية وتوفير الخدمات المطلوبة لكل محافظة بالإضافة إلى إدارة مرافق البلدية، كما أن مجلس شئون المحافظات سيعمل على التنسيق بين المحافظات فى ممارسة اختصاصاتها ومتابعة المشاريع الإنمائية بالإضافة إلى تقييم أدائها وتقدير الموازنات ومراقبة استثمار مواردها.

> حرم سلطان عُمان تسلم أوسمة الإشادة السلطانية للمُكرمات فى يوم المرأة العُمانية

القائد يلتقى بأبناء شعبه

وقد مثل لقاء السلطان هيثم بن طارق بعدد من شيوخ ولايات محافظة ظفار فى ولاية صلالة بشهر سبتمبر الماضي، تعميقاً للتواصل الدائم بين القائد وأبناء الوطن واستمراراً لمدرسة السلطان الراحل طيب الله ثراه، ودلالة على حرص السلطان هيثم الدائم على الالتقاء بالمواطنين ليطلع على احتياجاتهم ومتطلبات ولاياتهم عن قرب ويستمع إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم بشأن الخدمات التنموية وتطويرها وتعزيز دور الجهات الحكومية فى إيصالها لمختلف أرجاء البلاد فى إطار الخطط التنموية الشاملة والمستدامة.

ورغم الدور الذى يقوم به «مجلس عُمان» بغرفتيه الدولة والشورى، فى الجانب التشريعى بالإضافة إلى دور مجالس البلدية فى الجانب التنموي، فإن هذه اللقاءات تمثل الممارسة العملية للشورى العُمانية وهى سمة أصيلة مستمدة من العادات والتقاليد العُمانية.

معالجة أزمة «كورونا»

لقد تجلى اهتمام السلطان هيثم بن طارق، بمعالجة أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» التى بدأت منذ أواخر العام الماضى فى أغلب دول العالم بصورة واضحة وجلية، فى تشكيله لجنة عليا لبحث آلية التعامل مع هذا الفيروس والتطورات الناتجة عن انتشاره والجهود المبذولة إقليمياً وعالمياً للتصدى له، ومتابعة الإجراءات المتخذة بشأن ذلك ووضع الحلول والمقترحات والتوصيات المناسبة بناء على نتائج التقييم الصحى العام.

وقد عملت هذه اللجنة التى يترأسها وزير الداخلية العُمانى حمود بن فيصل البوسعيدى وتُعد فى انعقاد دائم، على تنفيذ التوجيهات التى أكد عليها سلطان عُمان خلال ترؤسه اجتماع اللجنة فى شهر مارس الماضي، وهى أن الحكومة العُمانية ستسخر كافة إمكاناتها ولن تألو جهداً ولن تدخر وسعاً فى سبيل مجابهة هذه الجائحة والحد من تفشيها، حفاظاً على صحة المواطنين والمقيمين على حد سواء.

وقد جاء تأسيس «الصندوق الوقفى لدعم الخدمات الصحية» و «الصندوق الخاص بدعم جهود وزارة الصحة لمكافحة فيروس كوفيد 19» على مستوى عالٍ، وتفضل السلطان هيثم بن طارق فى إطار دعمه الشخصى لمكافحة هذه الجائحة، بالتبرع بمبلغ عشرة ملايين ريال عُمانى للصندوق المخصص للتعامل مع الجائحة، وهو ما يؤكد على تضافر الجهود بين القائد والحكومة وأبناء الوطن والمقيمين من أجل القضاء عليها.

كما اتخذت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا العديد من الإجراءات المتتالية للحد من انتشار هذا الفيروس، من بينها تكثيف الحملات الإعلامية التوعوية والتعريف بالإجراءات الاحترازية والغلق الجزئى والكلى لبعض المحافظات من خلال نقاط التحكم والسيطرة ومنع الحركة أثناء الفترة المسائية وإغلاق الجوامع والمساجد وتعليق الدراسة فى المدارس والكليات والجامعات وتقليل نسبة الموظفين بمقر العمل للقطاعين وتفعيل «العمل عن بُعد» بالإضافة إلى غلق عدد من الأنشطة التجارية وفرض القوانين والأنظمة التى تضمن الالتزام بالإجراءات التى تحول دون انتشار الجائحة.

ونظراً لما أفرزته هذه الجائحة من آثار اقتصادية ألقت بظلالها على مختلف دول العالم، فقد أمر سلطان عُمان بتشكيل لجنة منبثقة عن اللجنة العليا، تتولى معالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عنها على المستوى المحلى وقد صدرت عنها جملة من القرارات تمثلت فى حزم وتسهيلات تقدمها الحكومة العُمانية لمؤسسات وشركات القطاع الخاص، إضافة إلى برنامج القروض الطارئة لمساعدة بعض الفئات الأكثر تضرراً من رواد ورائدات الأعمال.

وفى ضوء ذلك، أشادت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتمانى مؤخراً، بتعامل السلطنة مع الجائحة، وأكدت أن قطاع الرعاية الصحية فى عُمان يواصل توسعه ونموه على الرغم من التحديات التى تواجه الاقتصاد الوطنى بسبب تداعيات فيروس «كوفيد 19» وانخفاض أسعار النفط، وقالت إن توسع الرعاية الصحية فى السلطنة يتعزز بزيادة مساهمة القطاع الخاص فى هذا القطاع الحيوي.

السياسة الخارجية العُمانية

أما فيما يتصل بالسياسة الخارجية العُمانية، فقد أكد السلطان هيثم بن طارق فى أول خطاب له، على ثوابت هذه السياسة وهى التعايش السلمى بين الأمم والشعوب وحُسن الجوار وعدم التدخل فى شئون الغير الداخلية، كما أكد انتهاجه خُطى السلطان الراحل.

وجاء فى خطابه فى هذا الشأن: «وعلى الصعيد الخارجى فإننا سوف نرتسم خطى السلطان الراحل مُؤكدين على الثوابت التى اختطها لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمى بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولى فى مختلف المجالات».

وقد أكدت الحكومة العُمانية فى شهر سبتمبر الماضى أمام أعمال الدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الكلمة التى ألقاها وزير الخارجية العُمانى بدر بن حمد البوسعيدي، «أن السلطان هيثم بن طارق أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن السلطنة ستواصل السياسة الحكيمة التى وضعها السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، بانى نهضة عُمان الحديثة ومهندس سياستها الخارجية وعلاقتها الدولية على مدى الـخمسين عاماً الماضية».

وتتمثل المبادئ والأسس التى قامت عليها السياسة الخارجية العُمانية فى نهضتها الحديثة، انتهاجها طرق الحوار لحل المشكلات المختلفة ودعم قيم التسامح والعدل والمساواة وحسن الجوار وسيادة القانون واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير والتسوية السلمية للنزاعات على أسس أحكام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، والذى عزز بدوره من مكانتها إقليمياً وعالمياً حتى غدت منارة للأمن والسلام.

ويقوم نهج السياسة الخارجية العُمانية فى نهضتها المُتجددة بقيادة السلطان هيثم بن طارق، على أسس ثابتة مستمدة من حضورها الحضارى والثقافى ومن قيم المجتمع العمانى الأصيلة تلك المتمثلة فى الرغبة الصادقة فى إعلاء شأن الإنسانية وإرساء السلام لها وعبر انتهاجها التسامح مبدأً والاعتدال قيمة حتى أصبحت وسيطًا مقبولًا ومرحبًا به فى الوسط الدولي.

استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادى

وعند الحديث عن الجانب الاقتصادى فى سلطنة عُمان، فإنه لابُد من التطرق إلى رؤية «عُمان 2040» وإلى اقتراب موعد انطلاق الخطة الخمسية العاشرة فى شهر يناير المقبل التى تعد المرحلة الأولى فى رؤية 2040، وذلك مع انخفاض أسعار النفظ وتأثيرات انتشار فيروس كورونا المستجد السالبة على اقتصاد دول العالم جميعها ومن بينها السلطنة، ورغم هذه الظروف الصعبة أكد السلطان هيثم بن طارق خلال رئاسته اجتماع مجلس الوزراء الأخير على العزم على استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادى بالسلطنة لتعزيز تحقيق رؤية 2040.

وقد شكلت هذه الظروف تحدياً حقيقياً للحكومة العُمانية الأمر الذى دفعها إلى اتخاذ عدد من الإجراءات المهمة، يأتى فى طليعتها الإعلان عن خطة التوازن المالى متوسطة المدى (2020 - 2024) التى تتضمن عدة مبادرات وبرامج تهدف إلى إرساء قواعد الاستدامة المالية للسلطنة وخفض الدين العام ورفع كفاءة الإنفاق الحكومى بتوجيهه نحو الأولويات الوطنية وزيادة الدخل الحكومى من القطاعات غير النفطية، وتعزيز الاحتياطات المالية للدولة وتحسين العائد على استثمار الأصول الحكومية بما يضمن تعزيز قدرتها على مواجهة أى صعوبات وتحديات مالية وبما يضعها على مسار النمو والازدهار الاقتصادي.

كما عملت الحكومة العُمانية ممثلة فى وزارة المالية، على إصدار عدة منشورات بهدف ترشيد الإنفاق للعام الحالي، منها تخفيض موازنات الوحدات الحكومية بنسبة 5%، وتعديل الموازنات التشغيلية والخطط المالية للشركات الحكومية بنسبة 10% كحد أدنى، بالإضافة إلى إجراءات أخرى تتمثل فى ترشيد النفقات الخاصة بالإيفاد فى المهام الرسمية والتدريب وتخفيض مكافآت وأتعاب مجالس إدارة الهيئات والمؤسسات العامة والشركات الحكومية واللجان التابعة لها بنسبة 50%، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة التى ستبدأ فى شهر أبريل من العام المقبل بنسبة 5%، ومن المتوقع أن ترفد الميزانية بـ 400 مليون ريال عُماني.

وقد بلغت جملة الإيرادات المقدرة للموازنة العامة للدولة لعام 2020 نحو 10.7 مليار ريال عمانى باحتسابها على أساس سعر النفط 58 دولاراً للبرميل حيث قدر إجمالى الإنفاق العام 13.2 مليار ريال عماني.

تطوير الاقتصاد الوطنى

لقد تطرق السلطان هيثم بن طارق فى خطابه التاريخى الذى ألقاه فى شهر فبراير الماضي، إلى عدد من ملامح المرحلة القادمة من البناء على مراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها وتمكينها من الإسهام الفاعل فى المنظومة الاقتصادية، عبر قوله: «وسنهتم بدراسة آليات صنع القرار الحكومى بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، وسنولى هذه الجوانب كل العناية والمتابعة والدعم».

وفى هذا الإطار قام جهاز الاستثمار العُمانى – الذى تم إنشاؤه فى شهر يونيو الماضى كباكورة اهتمام سلطان عُمان بتطوير الاقتصاد الوطنى - بإعادة تشكيل مجالس إدارة 15 شركة يشرف عليها الجهاز، وإعادة هيكلة شركات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، بالإضافة إلى الإعلان عن مشروع شركة متكاملة لتسويق الخضراوات والفواكه فى السلطنة تتبع الشركة العمانية للاستثمار الغذائي.

وفى هذا الجانب تقوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدور فاعل فى زيادة النمو الاقتصادى للدولة، وحرصاً من الحكومة العُمانية ممثلة فى وزارة العمل والهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة «ريادة»، فقد عملت الحكومة على إيجاد بيئة مناسبة لهذه المؤسسات من خلال استثنائها من نسب التعمين وتحديد بعض المهن للقوى العاملة الوافدة، كما تقدم بوابة «استثمر بسهولة» العديد من الخدمات الإلكترونية لعالم الأعمال كونها مصدراً للمعلومات المتعلقة بالحكومة والأعمال التجارية، وهو الأمر الذى أكد عليه السلطان هيثم بن طارق فى قوله: «إننا إذ ندرك أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال لا سيما المشاريع التى تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعى والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم؛ للاستفادة من الفرص التى يتيحها هذا القطاع الحيوي؛ ليكون لبنة أساسية فى منظومة الاقتصاد الوطني، فإن حكومتنا سوف تعمل على متابعة التقدم فى هذه الجوانب أولاً بأول».

لقد أوجدت منظومة القوانين والتسهيلات المتعلقة بالاستثمار فى السلطنة بيئة جاذبة ومشجعة للاستثمارات الوطنية والأجنبية ومن هذه القوانين قانون استثمار رأس المال الأجنبي.

وتعول حكومة السلطنة على الاستثمار فى الموانئ العُمانية، خاصة مينائى صحار وصلالة إضافة إلى المناطق الاقتصادية الخاصة والصناعية كالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (ميناء الدقم)، فى رفد الاقتصاد العُمانى وحفزه والاستفادة المثلى منها، كما يعد قطاع السياحة أحد القطاعات الأساسية فى تعزيز النمو والتنويع الاقتصادي، حيث وضعت الحكومة رؤى استراتيجية واضحة لهذا القطاع الحيوى حيث إن الاستثمار فى السياحة كان ولا يزال يعتبر من أفضل أنواع الاستثمار ربحية.

التعداد الإلكترونى .. والأمان الوظيفى

لقد أكد السلطان هيثم بن طارق على أهمية التعداد الإلكترونى للسكان والمساكن والمنشآت، الذى سيُجرى فى ديسمبر المقبل، من خلال مناشدته الجميع التعاون والتفاعل الإيجابى مع إجراءاته المطلوبة لتنفيذه وإنجازه بصورة متقنة، وستنعكس نتائج هذا التعداد إيجاباً على كافة أوجه التنمية كونه سيسهم فى التخطيط المتقن للخطط التنموية.

وفى سبيل توفير سبل العيش الكريم للمواطن العُمانى فى ظل التطورات الاقتصادية على مستوى العالم يعد صدور قانون نظام «الأمان الوظيفي» وتمويله بمبلغ 10 ملايين ريال عُمانى من السلطان هيثم بن طارق كبداية لتأسيسه، تأكيداً للتوجيهات السامية التى تهدف إلى الإسراع فى بناء نظام وطنى متكامل للحماية الاجتماعية، يضمن حماية ذوى الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعى من أى تأثيرات متوقعة جراء تطبيق ما تضمنته خطة التوازن المالى متوسطة المدى.

دعم التعليم وتطوير البحث العلمي

وعلى مستوى قطاع التعليم، فقد أولى السلطان هيثم بن طارق اهتماماً بالغاً بالتعليم وجعله فى مقدمة الأولويات الوطنية، ووجه بتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمى والابتكار باعتباره الأساس، الذى من خلاله سيتمكن المواطن العُمانى من الإسهام فى بناء متطلبات المرحلة المقبلة، كما أنه يعتبر ركناً أصيلاً فى النظام الأساسى للدولة لتقدم المجتمع، بهدف رفع المستوى الثقافى العام وتطويره وتنميـة التفكير العلمـى وإذكـاء روح البحث.

أما على صعيد البحث العلمى والابتكار، فيسهم تحديث الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمى والتطوير 2040، لتتواكب مع رؤية «عُمان 2040» فى إيجاد مجتمع معرفى وقدرات وطنية منافسة تركز على تحويل المعرفة إلى عائد اقتصادي، ويعد إنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية فى شهر أغسطس الماضى التى ضُمت لها كل من كلية التربية فى الرستاق وكليات العلوم التطبيقية وكلية التقنية العليا والكليات التقنية، دليلاً يؤكد على مواكبة التوجه نحو تشجيع البحث العلمى والابتكارات فى إطار الذكاء الاصطناعى والثورة الصناعية الرابعة والتقنيات المصاحبة لها، كما أن تعديل مسمى وزارة التعليم العالى إلى مسمى وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والابتكار سيعمل بدوره على تكريس أهمية هذا القطاع.

إن العناية الكبيرة بقطاع التعليم، إنما يؤكد على تأسّى السلطان هيثم بن طارق، بنهج وطريق السلطان الراحل «سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر»، وهى القاعدة التى انطلقت منها نهضة التعليم والبناء نحو مجد المعرفة حتى غدت صروح العلم والتعليم شامخة فى كل جبل وسهل من ربوع عُمان.

ومما لا شك فيه أن توجيهات القيادة السياسية بقيام ديوان البلاط السلطانى بتمويل بناء 6 مدارس ذات أولوية خلال المرحلة المقبلة بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالى 8.85 مليون ريال عُماني، تأتى فى إطار تلمّس السلطان هيثم بن طارق لاحتياجات قطاع التعليم فى ربوع عُمان، والحرص على توفير البيئة الداعمة والمحفزة له، ومدّه بأسباب التمكين باعتباره الأساس فى بناء حاضر ومستقبل عُمان.

حرية الرأى والتعبير

وعند الحديث عن النهضة المتجددة التى يقودها السلطان هيثم بن طارق، فإنه لا بد من الحديث عن أفق حرية الرأى والتعبير التى كفلها النظام الأساسى للدولة فى مادته «٢٩»، التى تؤكد أن حرية الرأى والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة فى حدود القانون، وهو ما أكد عليه سلطان عُمان بأن الدولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص التى قوامها العدل وكرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة بما فى ذلك حرية التعبير.

المرأة العُمانية

ومن الجوانب المشرقة فى عهد النهضة المتجددة للسلطان هيثم بن طارق، جانب الاهتمام بالمرأة العُمانية وتأكيد دورها الحيوى فى بناء الوطن أسوة بأخيها الرجل على مختلف الأصعدة، وهو الأمر الذى أكده سلطان عُمان مراراً وتكراراً منذ توليه المسئولية بأن المرأة العُمانية فى صدارة الأولويات، حيث قال خلال خطاب فبراير الماضي: «إن شراكة المواطنين فى صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطنى، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التى كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنباً إلى جنب فى مختلف المجالات خدمةً لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية التى لانحيد عنها ولا نتساهل بشأنها».

وفى شهر أكتوبر الماضي، أنعم بوسام الإشادة السلطانية على عدد من الشخصيات النسائية العُمانية تقديراً لجهودهن، وقامت السيدة الجليلة حرم سلطان عُمان بتسليمهن الأوسمة، خلال حفل تكريم أُقيم فى قصر البركة العامر، بمناسبة يوم المرأة العُمانية الذى يوافق ويصادف ١٧ أكتوبر من كل عام.

الشباب ثروة الأمم

وبالحديث عن الشباب، فقد وصف السلطان هيثم بن طارق الشباب بأنهم «ثروة الأمم وموردها الذى لا ينضب، وسواعدها التى تبني»، مؤكداً حرصه على تلمس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، وما احتفال سلطنة عُمان بيوم الشباب العُمانى الذى يوافق ٢٦ أكتوبر من كل عام، إلا تأكيد لحرص الحكومة العُمانية على تسليط الضوء على هذه الفئة من المجتمع وتسخير الإمكانات التى تسهل لهم المضى قدماً فى مسيرة البناء والتنمية.

وقد أكد ذى يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب العُمانى فى كلمة له بمناسبة الاحتفال بيوم الشباب العُمانى هذا العام، أن الشباب العُمانى أثبتوا أنهم على درجة عالية من المسئولية الوطنية والوعى التام بقضاياهم المعاصرة، آخذاً بأسباب الرقى والتقدم وفق رؤية واضحة وهِمّة قوية للمشاركة فى بناء نهضة عُمان المتجددة منفتحين على الآخر وثقافته للتعايش معاً بمحبة وسلام.

وعد وعهد

لقد وعد السلطان هيثم بن طارق وهو يمضى بعُمان فى نهضة متجدّدة وعهد يبشّر بالمزيد من الإنجازات، أنه سينتقل بعُمان فى المرحلة القادمة إلى مستوى الطموح فى شتى المجالات بمشاركة المواطنين «الدعامة الأساسية للعمل الوطني»، مؤكداً يقينه التام وثقته المطلقة بقدرات أبناء عُمان المخلصين فى التعامل مع مقتضيات هذه المرحلة والمراحل التى تليها، بما يتطلبه الأمر من بصيرة نافذة وحكمة بالغة وإصرار راسخ وتضحيات جليلة.

كما أن سلطان عُمان أكد أن بناء الأمم وتطورها هى مسئولية عامة يلتزم بها الجميع ولا يُستثنى أحد من القيام بدوره فيها كل فى مجاله وبقدر استطاعته، فقد تأسست عُمان وترسخ وجودها الحضارى بتضحيات أبنائها وبذلهم الغالى والنفيس من أجل الحفاظ على عزتها ومنعتها وإخلاصهم فى أداء واجباتهم الوطنية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق